يوم المنار و”النيران الصديقة”
غالب قنديل
تميز اللقاء التضامني الذي عقد يوم 20 نيسان دعما لقناة المنار ودفاعا عن حرية الإعلام بالحضور الإعلامي والسياسي العابر للتخندق السياسي وعلى تفاوت حرارة المواقف التي اتخذتها جهات حكومية ونيابية وإعلامية مختلفة من قرار حجب المنار فإن اعتبار ذلك التدبير تهديدا لحرية الإعلام اللبناني ولتنوعه تحت سيف المنع والحجب شكل أساسا لفرصة توجب على الجميع التقاطها لبلورة قوة ضاغطة تلزم الحكومة اللبنانية بالتصرف على اعتبار القطاع الإعلامي مرفقا سياديا وميزة لبنانية تستحق الرعاية والتعامل مع ما يمسه كعدوان على الدولة اللبنانية وهو ما عبرت عنه الجلسة التي عقدها المجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع وشاركت فيها المؤسسات التلفزيونية اللبنانية وانبثقت عنها توصيات تضمنت تدابير عاجلة واقتراحات عملية جرت مناقشتها في اجتماع لجنة الإعلام والاتصالات وشكلت نواة موقف مشترك يحصن الإعلام اللبناني ويمكن بالتحرك الضاغط والفاعل السعي لتحويله إلى خطوات عملية.
التحضير للقاء التضامني تجندت له العلاقات الإعلامية في حزب الله وأسرة المنار عبرالاتصال المباشر بأوسع طيف من المؤسسات والشخصيات الإعلامية والسياسية وكان بديهيا اعتبار ذلك التحدي الأبرز امام المنظمين لأن الواقع الإعلامي محكوم بالانقسامات والمنافسات منذ سنوات ونتج عنه انكفاء مؤسسات وشخصيات إعلامية عن العديد من التحركات واللقاءات وقد اعترضت هذه المعضلة مبادرات المجلس الوطني للإعلام غير مرة ولأن “قناة الجديد” عانت من هذا الوجع عندما استهدفت واعتدي عليها وكنا وكانت المنار والعلاقات الإعلامية معها توقعنا منها الترحيب بالمشهد الجامع والسعي نحو الانطلاق منه إلى تحرك عملي يترجم ما أعلن بالقول او بنصاب الحضور.
مقدمة “الجديد” في يوم التضامن مع المنار اطلقت “نيرانها الصديقة” على اللقاء وبالذات على حضور رئيس مجلس إدارة MTV ميشال المر وعلى مسؤول العلاقات الإعلامية محمد عفيف الذي استهدفته بطلقاتها الجارحة تورية وجهارا “عقابا” على ما قام به في التحضيرات من توسيع لنطاق المشاركة في اللقاء كاسرا حواجز التخندق السياسي إلى تقديم قضية جامعة تخص الإعلام اللبناني المسيب برمته كما جاء في كلمة “قناة الجديد” خلال اللقاء.
اختارت “الجديد” وفي تلك المناسبة ان تبرز قضية ثانوية هي حاصل منافسة مهنية بين قناتين لبنانيتين واختلاف في التوجهات تتداخل في التعبير عنهما ملفات كثيرة منها مؤخرا لغط فضائح الأنترنت والاتصالات الذي يحتل موقعا محوريا في المشهد اللبناني الحالي وهو في مسار التحقيق النيابي والقضائي لكن استحضاره كان نافرا على حساب مركزية يوم التضامن مع المنار وحرية الإعلام بينما هو حاضر دائم في جميع النشرات والملاسنات الإعلامية والسياسية وكان الاختلاف مع المر يحتمل هدنة ولو في نشرة اخبار توقعنا تكريس مقدمتها وجل محتواها لقضية المنار وربما كانت مناسبة لالتقاط لحظة التقاء مع هذا الخصم والمنافس لتقديم مثال في أصول التمييز بين الرئيسي والثانوي.
لا يمكن مهنيا ولأي اعتبار تبرير طمس العنوان المركزي لليوم التضامني بإغراء تصفية حسابات ثانوية على حساب القضية الرئيسية وهي الدفاع عن حرية الإعلام اللبناني وتنوعه بجميع مؤسساته وتوجهاته في وجه تهديد مصيري يعتقد الجميع بوجوده وبخطورته سواء من نطق منهم بذلك أوحضر متضامنا فاستحق الترحيب أو من صمت ولم يحضر وتوجب الاتصال به مرة اخرى وذلك هو معنى توحيد الجهود وتوظيف أي تعبير جامع لبناء إرادة مشتركة تتخطى الانقسامات والمنافسات بجميع أنواعها فلسنا في ترف الانتقاء والفرز بل نحتاج إلى كل صوت وكل مبادرة وكل مشاركة وهذا هو مضمون أي عمل مهني او نقابي.
يعلم الزملاء في قناة الجديد بخبرتهم العملية ان القوى الدولية والإقليمية التي تريد خنق الإعلام اللبناني توظف إمكانات طائلة و لن تحل بمساومات وبازارات قد يراهن عليها البعض وبالكاد يستطيع هذا الإعلام مجتمعا ان يردع الخطة التي أعدت لقتله وفي تجربة قناة “الجديد” نفسها هم يعلمون ان مساحة التضامن السياسي والإعلامي النسبي كانت رافدا لتغلب القناة على ما استهدفت به وهم يعرفون بالتفاصيل من وقف معهم وساندهم بلا كلل في مجالات كثيرة .
نسجل لقناة المنار ولأسرتها وللعلاقات الإعلامية نجاحهما في حشد جمع من المختلفين في السياسة حول هدف حماية الإعلام اللبناني وحريته وانتزاع حقوقه السيادية كما يحسب لمن تجاوزوا خطوط الاختلاف وشاركوا في اللقاء أنهم قدموا المشترك العام على الخاص… أما “النيران الصديقة” فهي كالعادة خارج السياق الطبيعي لا عذر لها لأنها حاصل حسابات خاطئة وافتراضات تستحق المراجعة.