واشنطن ومحور المقاومة طبول حرب إقليمية أم احتلال القلاع من الداخل!؟ محمد صادق الحسيني
ماذا يعني هذا الحشد غير المسبوق ضدّ حزب الله وضدّ إيران من قبل العدو الصهيوني ومحميات الخليج «العربية»!؟
ولماذا تظهر واشنطن وكأنها لا حيلة لها أمام خيارات السعودية الجنونية في هذا السياق!؟
لأنّ العدو الصهيوني عاجز وجبان ومرعوب من حرب شاملة ضدّ جبهة المقاومة العربية والإسلامية، ولأنّ الأميركي اتخذ خيار إعادة نشر قواته شرقاً والانكفاء عن وطننا العربي والإسلامي وعدم اللجوء للغزو المباشر…!
فإنّ ثمة همساً في طهران عن تزايد خطر احتمال حرب سعودية إيرانية تتجنّبها طهران بهدوئها وكياستها وتدفع تل أبيب بقوة لاندلاعها لغاية في نفس يعقوب…!
وحديث متواتر عن سعي محموم للقيام بانقلاب أميركي الهوى في العراق يتردّد في الصالونات السياسية العراقية مع كلّ ساعة تمرّ على أهلنا الطيّبين هناك بامتياز…!
واليمن يلملم أوراقه المبعثرة وسط حربين مزدوجتين ضدّه… خشنة من جار السوء زاد عمرها على العام وأخرى ناعمة أخذت عنوان المساعدات والحلّ السياسي والكويت اختبار الكياسة والفطنة…!
والشام يطوفون من حولها محاولين اختراق القلعة وأخذها من الداخل باسم المصالحات والهدنة والحالة الإنسانية مرة، وباسم ضرورات الأمن والسلام العالميين مرة أخرى، و«إسرائيل» هي الذريعة والعنوان والمقصد دوماً…!
من جهة أخرى فإنّ كلّ التقارير الواردة من صالونات ودهاليز السياسة والدبلوماسية تفيد بأنّ الاتفاق النووي لن يطبّق، وأنه سيتمّ نقضه من جانب واشنطن بشكل أكثر وضوحاً مع كلّ يوم يمرّ، ما يدفع باتجاه تدحرج حالة اللاسلم واللاحرب بين أميركا وإيران إلى توتر الإقليم في المياه الدافئة، ما قد يعيد العلاقات بين البلدين إلى حالة حافة الهاوية من جديد كما كانت في زمن أحمدي نجاد وجورج بوش الابن…!
وبينما تسعى الإدارة الأميركية المنكفئة عن بلادنا في موسم هجرتها إلى المحيط الهادئ، إلى إحداث انقلاب في المطبخ الإيراني تخطط له بحرص وتكتم شديدين بهدف إعادة العلاقات الطبيعية مع طهران مع نهاية عهد أوباما كما تترقب وتشتهي، فإنّ ثمة من أقسم أيماناً في طهران بأنّ هذا لن يتحقق ما دام على قيد الحياة ولو بلغ ما بلغ…!
كل شيء يتحرك في المنطقة يشي بأنّ واشنطن قرّرت بدء «حصارها الثاني» على طهران وأخواتها من خلال تأليب اللات العصبية المذهبية والعرقية لدى البعض من ممالك الخليج لتكون هي البديل عن الحصار الاقتصادي الذي هزمته إرادة الإيرانيين وحلفائهم في المقاومة العربية الفولاذية وصبرهم الاستراتيجي…!
وإنّ نظام الرياض قرّر خوض حرب مفتوحة استخبارية أمنية سياسية اقتصادية وإنْ تطلب عسكرية ضدّ لبنان، هدفها محاولة ليّ ذراع حزب الله ومنع تفوّقه النوعي في موازين القوى الإقليمية، وهي حرب بالوكالة لصالح واشنطن وتل أبيب اللتين قرّرتا على ما يبدو وقف وتيرة تصاعد القوة الحزب اللهية بأيّ ثمن كان منعاً لسقوط الكيان الصهيوني في دائرة الخطر المحدق كما تقرأ دوائر تل أبيب…!
ما لم يتمكنوا من أخذه في حروب المفخخات والانتحار على أبواب المساجد والكنائس بعباءات تكفيرية وألوية «دولة إسرائيل الإسلامية» وأخواتها سيحاولون أخذه من خلال حشد جاهلي مقيت ضدّ إيران وحزب الله باسم العروبة والإسلام والبوصلة لديهم باتت معلومة الحال…!
هي الحروب المبعثرة والمضللة إذن للتقليل من النصر الاستراتيجي المبين الذي تحقق في الميدان السوري بعد الدخول الإيراني الروسي بقوة على الأرض…!
ويسألونك عن فلسطين وغربة الحاج عماد فيها ورسالة البرغوثي وأيام أبي جهاد الخوالي… وأنباء مبعثرة من هنا وهناك تؤشر إلى عودة العمليات الاستشهادية واقتراب حسم الجهاديين لمعركتهم مع ثوار الفنادق واستراحات الدوحة واسطنبول، حيث اتجاه الرياح يشي بقرب إبعاد هؤلاء عن دفة القيادة وعودة الروح لعز الدين القسام والقدس علامة واختصاراً…!
وأخيراً وليس آخراً لا شيء أغلى من الكرامة والموقف السلاح، فهي أغلى من الحياة والشيخ راغب حرب شاهد وشهيد…!
هي الحرب الناعمة التي قرّر أوباما المغادر للبيت الأبيض والمهاجر إلى مضيق مالاقا أن يفتح كلّ مصاريعها علينا من النيل إلى الشام إلى طهران إلى حارة حريك واليمن والبحرين لسرقة أغلى ما نملك ألا وهو ثقافة المقاومة واستبدالها بثقافة المفاوضات والحوار بل ثقافة الصلح والاستسلام…!
ونحن نستعدّ للمرحلة الجديدة نرى من بعيد، كما من قريب قفازاً حريرياً ناعماً يحمل السمّ بين جنباته، حاملاً إلينا السمّ الذي جرّعناه لعدونا على أسوار مدننا وبلداتنا وعواصمنا وسواحلنا، ولكن المعركة هذه المرة قد تخاض من داخل القلعة ما يتطلب الحيطة والحذر الشديدين واستحضار الحديث الشريف: «اتقوا صفر الوجوه من غير علة»…!
العارفون بأسرار مطابخ صناعة القرار في جبهة المقاومة لا يزالون حتى اللحظة واثقين من تماسك الجبهات الداخلية ويؤكدون عجز عدوهم عن القدرة في إحداث أيّ اختراق جدّي في أيّ من عواصم المقاومة أو حلفائها وإنْ كانوا لا يستبعدون وجود مطبات خطرة…!
ولأنّ خطر العبث بأمن الأمة في الساحات كلّها مفتوح على مصاريعه، لذلك يتوجب علينا التحذير من المراوغات والتحايلات والخداع والتضليل الذي يتقنه عدونا…!
ولأننا نخوض هذه المعارك الدقيقة مع عدو شرس نقول إياكم والمنطقة الرمادية، فالوطنية والقيم والثوابت لا تعرف مواقف البين بين، فإما أن نكون مع الحق وإما مع الباطل، ولا مكان للمنطقة الوسطية لأنّ ما بينهما باطل…!
بعدنا طيبين قولوا الله.
(البناء)