حظر تمويل حزب الله: رأس جبل الجليد الأميركي حسين طراف
تمضي الإدارة الأميركية قدماً في تطبيق قانون حظر تمويل حزب الله دولياً، والهادف إلى تضييق الخناق على الحزب وأتباعه وعزلهم عن النظام المالي والمصرفي العالمي.
وكان الرئيس الأميركي وقّع في 18 كانون الأول 2015 قانوناً من أهم بنوده التهديد بمعاقبة الأقمار الاصطناعية التي تقدم خدمات البث الفضائي لتلفزيون المنار، والتهديد بفرض عقوبات على المصارف الأجنبية ومن ضمنها المصارف اللبنانية التي تقدّم خدمات وتسهيلات مصرفية لحزب الله وللأشخاص والمؤسسات الواردة أسماؤهم على لائحة العقوبات الخاصة التي ستنشأ بموجب هذا القانون، وإعداد تقارير دورية حول «نشاطات الحزب المتعلقة بتبييض الأموال وتجارة المخدرات والنشاطات الإجرامية الأخرى»، تمهيداً لاتخاذ الخطوات الملائمة، وأخيراً إعداد لائحة بأسماء الدول التي تقدم دعماً مالياً أو لوجستياً للحزب.
وتميز هذا القانون بأنه يفرض عقوبات على أشخاص ومؤسسات غير خاضعة للسلطات الأميركية، وهو حدّد جداول زمنية تضمن اتخاذ إجراءات عملية لتحقيق الأهداف التي صدر من أجلها.
لبنانياً، تعاطى المسؤولون اللبنانيون مع هذا الملف، شأنه شأن الملفات الأخرى، بشكل غير فعال. فقامت وفود عدة بزيارات «سياحية» للولايات المتحدة «لشرح موقف لبنان من القانون»، وأظهرت طبيعة اللقاءات عدم معرفة تامة بتفاصيله، أو اعتقاد بعض السياسيين بأن تطبيق القوانين في الولايات المتحدة يخضع لمزاجية البعض كما هي الحال في لبنان. وحدها المصارف اللبنانية أدركت جدية القانون وسارعت وفودها إلى الولايات المتحدة لتؤكد للإدارة تأييدها للقانون وحرصها على تطبيق بنوده كاملة.
ماذا بعد انتهاء مهلة الشهور الأربعة المعطاة للرئيس الأميركي لاتخاذ الإجراءات اللازمة لتطبيق هذا القانون؟
أصدر الرئيس الأميركي في 18 آذار 2016 مذكرة فوّض بموجبها رئيس الأمن القومي الأميركي جيمس كلابر كامل الصلاحيات والموجبات المعطاة للرئيس بموجب هذا القانون. وتدل هذه الخطوة على الأهمية والجدية التي توليها الإدارة لهذا القانون، إذ تضم هيئة الأمن القومي الأميركي 17 وكالة أمنية.
وفي 15 الشهر الجاري، أعلن مكتب مراقبة الأصول الخارجية في وزارة الخزانة الأميركية (أوفاك) البدء بتطبيق عقوبات بموجب هذا القانون على المصارف التي تخالف بنوده. وتشمل العقوبات منع المصارف الأجنبية من المراسلة مع مصارف في الولايات المتحدة والوضع على لائحة العقوبات الخاصة بهذا القانون، بالإضافة إلى غرامات مالية تتراوح بين 250,000 و1,000,000 دولار أميركي على كل مخالفة. كما استحدثت «أوفاك» لائحة خاصة بالقانون تعرف بـ»لائحة إجراءات العقوبات المالية على حزب الله» ضمت أسماء أكثر من 100 فرد ومؤسسة. وتنص الإجراءات على تجميد أصول هؤلاء ومنعهم من التعامل مع المصارف والمؤسسات المالية في أي بلد في العالم. واستطراداً، يصبح من الصعب على هؤلاء الأفراد السفر إلى العديد من الدول، كما يمكن أن يكونوا عرضة للاعتقال في حال تواجدوا في دول يوجد بينها وبين الولايات المتحدة اتفاقيات تعاون أمنية.
مباشرة، بعد صدور تعليمات «اوفاك»، سارع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة إلى التأكيد، عبر تصريح لـ»أسوشييتد برس» بأن لبنان ملتزم بالقانون الاميركي الذي يفرض عقوبات على المصارف اللبنانية التي تتعامل مع حزب الله.
لا يمكن فصل الاحداث التالية عن الجهود الاميركية لمحاصرة الحزب:
ــــ أول شخص أُدرج على لائحة العقوبات بعد صدور هذا القانون كان علي يوسف شرارة وشركته «سبيكتروم أنفستمنت» بتهمة استثمار ملايين الدولارات في مشاريع تجارية لصالح حزب الله.
ــــ بعد أقل من شهرين على صدور القانون نظمت السلطات الأميركية بالتعاون مع دول أوروبية عدة حملة أعلنت أنها استهدفت أهم شبكات تقديم الدعم المالي للحزب، وأفضت إلى اعتقال محمد نور الدين ومهدي زهر الدين بتهمة الإتجار بالمخدرات وتبييض الأموال لصالح الحزب.
ــــ في 2 آذار الماضي قررت دول مجلس التعاون الخليجي اعتبار حزب الله بكافة قادته وفصائله والتنظيمات التابعة له والمنبثقة عنه منظمة إرهابية.
ــــ في 11 آذار أعلنت جامعة الدول العربية تصنيف الحزب منظمة إرهابية.
ــــ بعد وقف بث قناة المنار عبر القمر «عربسات» أوقفت شركة « نايل سات» للأقمار الاصطناعية بث القناة ابتداء من 5 نيسان 2016.
أخيراً يمتوقع استمرار الضغوط الأميركية على المصارف والمؤسسات المالية كما على حكومات الدول كافة لمحاصرة الحزب وتضييق الخناق عليه. وسنشهد في الفترة المقبلة مزيداً من التضييق على اللبنانيين الشيعة في دول عربية وأفريقية وأوروبية وضم أسماء جدد لرجال أعمال شيعة إلى لائحة العقوبات بتهمة تقديم الدعم للحزب. كما ستواصل المصارف اللبنانية التشدد في فتح حسابات جديدة والتضييق على بعض أصحاب الحسابات لديها خوفاً من المساءلة الأميركية.
وفي سياق متصل، تدرس الادارة الأميركية تعيين اليزابيث ريتشارد سفيرة لها في لبنان. وكان لافتاً في خطاب اعتمادها امام الكونغرس الاميركي اعتبارها أن لبنان يواجه ثلاثة تحديات مصيرية، حزب الله أحدها. كذلك كان لافتاً أنها تحدثت بإسهاب عن أهمية القطاع المصرفي اللبناني، واعتبرت ان للولايات المتحدة والقطاع المصرفي اللبناني مصلحة مشتركة في محاربة حزب الله، متعهدة بالعمل شخصياً مع المصارف اللبنانية على هذا الصعيد.
(الأخبار)