بقلم غالب قنديل

استهداف حزب الله

غالب قنديل

صحيح ما قاله السيد حسن نصرالله عن قدرة المقاومة على تحمل تبعات خياراتها عندما أعفى حلفاء حزب الله من مسؤولية التصدي لحملة الشيطنة ولجهود الحصار التي انطلقت بقيادة اميركية أطلسية وبتصميم سعودي هجومي غايته تضييق الخناق على حزب الله ماليا وسياسيا وإعلاميا وقد اتضح من سيل التدابير والقرارات المتخذة في واشنطن ان ما صدر في هذا المجال كان جديا وعمليا وهو يتخطى حدود التهويل المعنوي كما تهيأ لكثيرين في البداية عندما صدر قانون خاص عن الكونغرس بالإجماع مما يوجب التعامل مع الموضوع بجدية وحزم وعلى أساس أسوأ الاحتمالات.

البرهان حملته اخبار واشنطن عن تفويض الرئيس باراك اوباما لرئيس الاستخبارات الوطنية جيمس كلابر بصلاحياته في تنفيذ قانون معاقبة حزب الله بما في ذلك صلاحية سن قرارات تنفيذية وإصدار مراسيم تطبيقية بينما شرعت الأجهزة الأميركية المعنية تحضير لوائح من ستشملهم العقوبات الأميركية من أشخاص ومؤسسات وشركات وتردد في بيروت ان الدفعة الأولى تضم حوالي تسعة وتسعين شخصا طبيعيا ومعنويا وتتبعها لوائح اخرى وقد جاء طرح استهداف حزب الله خلال القمة الخليجية الأميركية واشتراط التوقف الإيراني عن دعم الحزب كأساس للمصالحة مع طهران تقديما لهذا الهدف في إطار أي ترتيب مستقبلي لأوضاع المنطقة وعلاقاتها.

برزت في أعمال القمة وفق المعلومات الصحافية أولوية الاهتمام بمطاردة حزب الله ومحاصرة قناته الإعلامية التي قامت السعودية بحجب بثها عن قمري عرب سات ونايل سات بينما تم اتهام الحزب وتوصيفه بالإرهاب في مجلس التعاون وفي الجامعة العربية.

نقلت التقارير ان الشكوى الخليجية من حزب الله تركزت على نجاحه في التأثير السياسي والإعلامي وجذب شباب المشرق ودول عربية اخرى بما في ذلك دول الخليج وهو امر سبق ان أثاره وزير الخارجية السعودي الراحل سعود الفيصل في اجتماع لمجلس وزراء الخارجية العرب في بدايات العدوان على سورية وقد طالب الفيصل يومها بحجب قناة المنار والفضائيات السورية لأنها نجحت في تعميم رواية حية عن حقيقة ما يجري في العدوان على سورية تخالف الرواية السعودية الاميركية المعروفة عن “ثوار” القاعدة وداعش وعملاء السفارات المبشرين بالديمقراطية من الرياض ( يا سلام ) .

الأثر السياسي لخطب أمين عام حزب الله ولبث قناة المنار الذي يقف خلف التدابير السعودية الخليجية يطال كذلك فلسطين المحتلة حيث تربط التقديرات الصهيونية بين جاذبية تجربة المقاومة اللبنانية وذلك البعد السياسي الإعلامي والانتفاضة الفلسطينية الثالثة ونهوض المقاومة الفلسطينية الجديدة وقد أبلغ القادة الخليجيون إلى الرئيس الأميركي ان تأثير قائد المقاومة السيد حسن نصرالله سياسيا وإعلاميا بات خطرا جديا وأن حزب الله لعب دورا نوعيا في تعطيل وعرقلة مسارات التسوية الأميركية التي يسمونها بعملية السلام وحيث سعت الممكلة السعودية بكل ثقلها لتعميم الاعتراف بالدولة العبرية والعلاقات معها اقتصاديا وامنيا ومن خلال دعم الرياض لحروب إسرائيل العدوانية في المنطقة عبر مجموعة شرم الشيخ وعملت المملكة بكل ما تستطيع للتعاون مع جميع الحكومات والجهات العربية التي رضخت للمشيئة الأميركية وصالحت الكيان الصهيوني واعترفت به وتنازلت له عن قسط وفير من أراضيها وسيادتها .

اتفق الرئيس الأميركي مع القادة الخليجيين حول السعي في المسار السياسي السوري للتخلص من الرئيس بشار الأسد بأي ثمن وهو لم يقدم فكرة سياسية تسوغ ذلك بل أعرب عن ضيقه الشخصي بعبارة ” لا يمكن ان نتصور ” فباراك اوباما مثل قادة الخليج يرغب في التخلص من الأسد وهو سبق أن تورط بتعهد علني ضد الأسد بالذات والرئيس السوري مستهدف نتيجة عناده القومي ورفضه التخلي عن الحقوق السورية الوطنية وعن قضية شعب فلسطين انطلاقا من وعيه المتقدم للمصالح الاستقلالية السورية ولكون التناقض الرئيسي في المنطقة بين الشعب العربي والأمة العربية من جهة ومنظومة الهيمنة الاستعمارية الصيهونية الرجعية .

يدرك الرئيس الأسد بالتفاصيل ان تلك المنظومة برمتها تسعى لتدمير بلاده بواسطة عصابات الإرهاب التكفيري بهدف إخضاعها للعدو والأسد بعقله المنهجي يقود حرب التحرير الوطنية السورية وينسج تحالفاته الوثيقة بهذه الحسابات وحيث يتقدم حزب الله قائمة الحلفاء الموثوقين للدولة الوطنية السورية الذين هبوا لنجدتها في وجه العدوان الاستعماري وتخشى الولايات المتحدة ومعها الحكومات التابعة من سطوع نموذج حزب الله كقوة شعبية مقاتلة اظهرت فاعلية متقدمة في صد الإرهاب التكفيري الذي ترعاه الولايات المتحدة وحكومات الخليج معا ويدا بيد مع الكيان الصهيوني.

الموقف من الحملة التي تستهدف حزب الله هو حد الفرز بين الوطنية والعمالة وواجب كل حر شريف متمرد على عبودية الاستعمار الغربي الصهيوني وعملائه الرجعيين في منطقتنا ان يقرر خياره وكفى نميمة عن فضل هذا او ذاك في احتضان المقاومة بأقل واجباته عبر بيان دعم او تصريح إشادة بالمقاومة وبطولاتها وشهدائها … فالجميع اليوم على المحك وعلى كل حزب اوشخص ان يختار وأن يقرر بحرية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى