الحل التكنولوجي للأنفاق: عاموس هرئيل
إن الكشف عن النفق من قطاع غزة إلى داخل إسرائيل عرّض رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو للهجوم من اليمين واليسار. فقد ظهر وكأنه يتغاضى عن الحاق الضرر بالسيادة الإسرائيلية وهو يجد صعوبة في الدفاع عن سكان غلاف غزة من خطر الانفاق وهو لم يحقق التصريحات الإسرائيلية في نهاية الحرب الاخيرة في صيف 2014، التي قالت إن الانفاق الهجومية ضد إسرائيل قد دمرت وأنه لن يتم حفر انفاق جديدة إلى داخل إسرائيل. التقديرات الاستخبارية تقول إن حماس استأنفت حفر الانفاق ويبدو أن بعضها قد عبر حدود إسرائيل، الامر الذي يضع مصداقية وادعاءات نتنياهو السابقة موضع الشك.
في ظل الازمة السياسية المناوبة لنتنياهو، أخرج كرت ثبتت فعاليته وهو العبقري اليهودي. الامر الذي صاغه وزير الدفاع بحذر تحدث عنه رئيس الحكومة بتأكيد. أعلنت إسرائيل أول أمس أنها الدولة الاولى في العالم التي حققت انطلاقة تكنولوجية عن طريق ايجاد الحل لانفاق الإرهاب.
اكتشاف النفق بالقرب من كيبوتس «حوليت» تم بالفعل بمساعدة تكنولوجيا جديدة. ولكن يبدو أن الاعلان عن اقتراب حل هذه المشكلة، مبالغ فيه. فلا توجد بعد «قبة حديدية تحت ارضية»، قال نتنياهو. الدمج بين الافكار المختلفة والوسائل المختلفة للكشف عن الانفاق لا زال في المراحل الاولى. والقدرة على تمشيط كل المنطقة والكشف عن الانفاق التي تم حفرها، بحاجة إلى اثبات. وكانت تقديرات الجيش الإسرائيلي أمس أنه سيمر عامين أو ثلاثة إلى أن يتم نشر البنية التكنولوجية التي ستقوم بالعمل بشكل كامل.
وأضاف رئيس الحكومة أن إسرائيل استثمرت الكثير من الاموال في المشروع وستستمر في الاستثمار طالما وجدت حاجة لذلك.
تعتقد وزارة الدفاع أن تكلفة اقامة عائق جديد في حدود القطاع، الذي سيشمل ايضا جدار فوق الارض ووسائل تحت الارض، ستبلغ حوالي 2.7 مليار شيكل على الاقل. ورغم النوايا الحسنة فانه لم يتم وضع بند في الميزانية بموافقة المالية.
واذا أرادت إسرائيل الهدوء المتواصل مع حماس، فهناك امور اخرى يجب عليها فعلها اضافة إلى الكشف عن الانفاق وتجهيز الجيش لاحتمال الحرب. وأحد المواضيع الملحة هو تحسين ظروف الحياة في القطاع، الفكرة التي أيدها وزراء في اليمين مؤخرا. ولكن هذا المجال بالذات لا يتم الاهتمام به وكأن لنا كل الوقت وأن القطاع لن يشتعل لاسباب لا ترتبط بشكل مباشر بالانفاق.
رغم اللهجة الحربية التي تسمع في القدس منذ بداية الاسبوع، فان السياسة الإسرائيلية نحو القطاع بقيت كما هي. من الردود المتشددة لرئيس الحكومة ووزير الدفاع موشيه يعلون وقادة الجيش الإسرائيلي، هناك عامل غائب وهو التهديد بعملية عسكرية فورية ردا على الكشف عن النفق. وبالفعل وبتوجيه من المستوى السياسي فان سياسة الجيش الإسرائيلي لن تتغير. الحكومة تطلب من الجيش الحصول على الهدوء المتواصل بقدر الامكان في القطاع.
إن استبعاد المواجهة العسكرية القادمة مع حماس لسنة على الاقل ستجد المباركة في القدس. ويبدو أنه لا توجد لنتنياهو أي نية لاسقاط حكم حماس، وفي الاصل ليست له نية للمبادرة إلى فعل أي شيء في القطاع.
رئيس الحكومة ووزير الدفاع يتمسكان بتقدير أن حماس ضعيفة ومردوعة وأن البدائل الاخرى في القطاع اسوأ كثيرا (الفوضى ونظام مقرب من داعش). أو أنها غير قابلة للتحقق (اعادة سيطرة السلطة الفلسطينية على القطاع).
ليس هناك دليل على وجود «مهندس»
شاتيلا أبو عيادة، من سكان كفر قاسم، التي طعنت وأصابت مواطنة إسرائيلية في عملية طعن في المنطقة الصناعية في رأس العين في بداية نيسان، كانت لها خطة طموحة. في لائحة الاتهام التي قدمت ضدها هذا الاسبوع تزعم النيابة أنها تعلمت بواسطة الانترنت كيفية تصنيع عبوة وخططت لوضع العبوة في مطعم في المنطقة الصناعية. وقد قامت بزيارة المطعم عدد من المرات من اجل التخطيط للعملية. وبعد فشل محاولاتها بتجهيز العبوة وفشلها في الحصول على السلاح، انتقلت إلى الخطة البديلة وهي الطعن.
إن حالة أبو عيادة ليست استثنائية. ففي كثير من لوائح الاتهام التي صدرت مؤخرا هناك محاولات ناجحة احيانا في تحضير عبوات حسب الانترنت. من المعطيات الاولية للعملية في الباص في القدس والتي صدر أمر حظر نشر تفاصيلها، يبدو أن الحديث عن حالة مشابهة. عدد المصابين القليل نسبيا لا يشبه ما كان في الانتفاضة الثانية حتى الآن على الاقل. ولا يوجد برهان على أن حماس قد جهزت «مهندس» دمويا مثل المخربين الذين قاموا بتحضير العبوات للعمليات التي قتل فيها مئات الإسرائيليين في تلك السنوات.
اغلبية هؤلاء المهندسين تمت تصفيتهم أو اعتقلوا أو تم طردهم إلى غزة في صفقة شليط. في السنوات الاخيرة أدت الجهود المشتركة لاجهزة الامن الإسرائيلية واجهزة السلطة الفلسطينية ضد خلايا حماس في الضفة إلى الكشف عن عدد من الخلايا التي كانت في المراحل الاولى لتحضير عبوات ناسفة. وفي هذا المجال بالتحديد توجد «للشباك» تجربة غنية.
إسرائيل تهتم في الاشهر الاخيرة بعلاج الذئاب الوحيدين الذين يعملون لوحدهم، وليس كجزء من شبكة منظمة لها تسلسل هرمي. ومؤخرا حسنت الاستخبارات طريقة متابعة الشبكات الاجتماعية الفلسطينية في المناطق. إن الكشف المبكر عن الشباب الذين يريدون تنفيذ العمليات يؤدي إلى الكثير من الاعتقالات قبل التنفيذ، اضافة إلى الخطوات المانعة للاجهزة الفلسطينية. إن الدمج بين المجالين الإسرائيلي والفلسطيني هو كما يبدو السبب في تراجع نسبة العمليات في الاشهر الاخيرة.
العملية في القدس تقلق الاجهزة الأمنية ولكن لاسباب مختلفة. الاول هو النجاح الرمزي في تقليد الانتفاضة الثانية. والثاني يتعلق بالتوقيت. الإرهاب يضرب القدس بعد اسابيع من الهدوء النسبي وقريبا من عيد الفصح. وعشية العيد يتوقع وجود توتر على خلفية العمل المكثف لمنظمات الحرم في الطرف الإسرائيلي. حيث سيصل الكثير من الزوار اليهود إلى المكان ودعوة الفلسطينيين لمقاومة ذلك. إن الميدان حساس جدا لاستفزاز الطرفين والعملية في الباص أول أمس تزيد من خطورة تدهور الوضع.
على هذه الخلفية تتخذ القيادة الإسرائيلية خطوات كبح. وقد قام رئيس الدولة بعقد مؤتمر مع عدد من رجال الدين اليهود والمسلمين والمسيحيين لاجل تهدئة الخواطر. والمفتش العام للشرطة أعلن أنه سيستمر في منع زيارة اعضاء الكنيست إلى الحرم. وإسرائيل قامت بارسال رسالة إلى الملك عبد الله، ملك الاردن، تعهدت فيها بالحفاظ على الهدوء في الحرم وفي القدس. وقد تراجعت عمان في هذا الاسبوع خطوة إلى الوراء حينما أعلنت عن تجميد خطة وضع الكاميرات في الحرم على خلفية معارضة الفلسطينيين. وكما يبدو فان الاردنيين يريدون الانتظار ورؤية إذا كان التصعيد سيستأنف في القدس، قبل المخاطرة في الدخول في مواجهة مع السلطة الفلسطينية من اجل بث الصور بشكل مباشر من الحرم، حيث يبدو أن الوضع متوتر بما يكفي دون وضع الكاميرات.
هآرتس