سورية: هل انتهى اتفاق وقف العمليات؟ حميدي العبدالله
ما يجري على الأرض منذ أكثر من ثلاثة أسابيع على الجبهات الثلاث، وما أعلنه المسؤولون الغربيون وتحديداً الأميركيون من مواقف تصعيدية على المستوى السياسي، وإصرار وفد الرياض على بحث «هيئة الحكم الانتقالية» أولاً، والالتفاف على تفاهمات جنيف، وإعلان عدد من الفصائل المسلحة وقف التزامها بوقف العمليات، كلها مؤشرات سياسية وميدانية تؤكد أنّ وقف «الأعمال القتالية» لم يعد قائماً من الناحية العملية، وهو تفاهم افتراضي أكثر منه شيء آخر.
هل هذا التصعيد، الذي يتزامن مع بدء جولة جديدة من الحوار في جنيف، مكرّس لتحسين الشروط التفاوضية؟ أم هناك سعي جديّ من قبل الولايات المتحدة وحلفائها لتغيير المعطيات الميدانية، رهاناً على عاملين أساسيّين، العامل الأول، سحب روسيا لقوتها الجوية الرئيسية من سورية، حيث فسّر هذا الانسحاب من قبل دوائر غربية عديدة بأنه محاولة روسية لتفادي التورّط طويل الأمد في الصراع الدائر في سورية، وبالتالي نشوء وضع قد يخلّ بالتوازنات ويسمح باستعادة زمام المبادرة، وتعديل توازن القوى الذي ساد غير التوصل على التفاهم الروسي الأميركي حول وقف العمليات، أيّ أنّ التصعيد السياسي والعسكري هدفه اختبار معادلات توازن القوى بعد الانسحاب الروسي، أو الانسحاب الجزئي الروسي. العامل الثاني وصول تعزيزات الجماعات المسلحة في العديد والعتاد إلى حلب عبر تركيا، وثمة تقارير تتحدّث أيضاً عن تعزيزات وصلت إلى مناطق في ريفي درعا والقنيطرة.
بمعزل عما إذا كان التصعيد هدفه تحسين الشروط التفاوضية، أو محاولة لتغيير توازن القوى الميداني، فإنّ النتيجة الواضحة والأكيدة أنه لم يعد هناك وجود فعلي لتفاهم وقف العمليات، وجلّ ما هو قائم الآن لا يتعدّى الاتفاق الافتراضي، الذي يحتاج إلى تعويم، ويبدو أنّ هذا التعويم متعذّر في الظروف الحالية، لأن ليس هناك مصلحة لدى بعض الأطراف في العمل بهذا الاتجاه.
أما انعكاسات ذلك على حوار جنيف، فهي لا تزال غير واضحة لجهة تعليق الاجتماعات أو استمرارها من دون أية نتيجة. لكن الأمر الأكيد، كما كان متوقعاً، أنّ هذه الجولة ستكون أكثر الجولات فشلاً، ولن تحقق أيّ تقدّم، لا بالشكل ولا بالمضمون.
(البناء)