مقالات مختارة

مشروع عابث إلى مجلس الأمن!: يوسي بيلين

 

القيادة الفلسطينية معنية، كما هو متوقع، باستغلال فترة «الأوزة العرجاء» التي يمر بها الرئيس الأمريكي براك أوباما قبل نهاية ولايته، وفي هذا الاطار فإنها تقترح الان على مجلس الامن مشروع قرار يبحث في سياق الشهر وموضوعه المعارضة الدولية للمستوطنات. والامل الفلسطيني هو انه بخلاف المرة السابقة التي طرح فيها المشروع على التصويت (14 عضو من اصل 15 ايدوا المشروع، بينما الولايات المتحدة، برئاسة أوباما، استخدمت الفيتو) سيكون الرئيس الأمريكي هذه المرة مستعدا لان يسمح باتخاذ القرار.

قرأت مشروع القرار بعناية. يبدو معروفا جدا. تكرار لكل القرارات السابقة، قول ان المستوطنات في الضفة الغربية وفي شرقي القدس تتعارض والقانون الدولي ومطالبة بتجميدها والشروع في مفاوضات للسلام بين اسرائيل والفلسطينيين. كمبدأ ـ يوجد لمثل هذا المشروع مكان، غير أن المسودة الموزعة في هذه اللحظة ليست متوازنة، ومن الصعب التصديق بأنها ستحمل الأمريكيين على التردد قبل ان يستخدموا الفيتو. هكذا، مثلا، عندما يدور الحديث عن وقف الإرهاب، يقصد بهذا الوقف المستوطنون، بينما الإرهاب الفلسطيني لا يذكر على الإطلاق.

وأنا اسأل نفسي، ماذا سيخرج من هذا؟ واضح أن حكومة إسرائيل الحالية لن تفكر في الاستجابة لمثل هذا القرار (الذي يفترض أن يتخذ حسب الفصل السادس من ميثاق الامم المتحدة وليس في اطار الفصل السابع، الذي يفرض عقوبات على من يخرق القرار). وجراء ذلك لن تبدأ أي مفاوضات، بينما أوباما، حتى لو تأزر بالجسارة ولم يستخدم الفيتو، سينهي مهام منصبه دون أن ينجح في المساهمة بإحداث انعطافة ايجابية في النزاع المتواصل بيننا.

بدلا من الانشغال بمحاولات عابثة من هذا النوع، كان يجمل، برأيي، اتخاذ خطوة مختلفة، واستكمال المحاولة التي قام بها وزير الخارجية الأمريكي جون كيري قبل سنتين.

في مرحلة معينة، بعد أن جربت خيارات اخرى، قرر كيري الاكتفاء بمبادىء لاتفاق إطار. ولو اتفق الطرفان على ذلك، لكان ممكنا المواصلة إلى مفاوضات مفصلة تمهيدا لاتفاق دائم، او عمل شيء ما ذي احتمال أكبر: الشروع في مفاوضات مكثفة لاقامة دولة فلسطينية في حدود مؤقتة، دون الدخول في هذه اللحظة في حل مسألة اللاجئين او تقسيم القدس الشرقية. كان يفترض بها ان يكون تحقيقا للمرحلة الثانية من «خريطة الطريق» التي وافقت إسرائيل والفلسطينيون على حد سواء عليها في الماضي، وذكرت ايضا في مشروع القرار الفلسطيني الحالي.

احداث اذار/مارس 2014 يغلفها الغموض. فالاقتراح الاخير لكيري لم ينشر ابدا، والجميع يتغذى بالتسريبات. الطرفان لم يعلنا ابدا عن انهم يرفضانه. الرئيس محمود عباس قال ان الوثيقة عرضت عليه، ولكن الأمريكيين لم يعودوا له ابدا بسؤال إذا كان يتبناها، إذ في هذه الاثناء توقفت المحادثات على خلفية تلبث اسرائيل في تحرير مجموعة السجناء الرابعة، وتوجه م.ت.ف إلى مؤسسات الامم المتحدة بطلب الانضمام اليها. كما أن رد اسرائيل على الوثيقة السرية ليس واضحا.

إذن لعله من المجدي منذ الان اخراج ورقة وزير الخارجية كيري من الارشيف، قبل أن يعلوها الغبار، ووضعها على طاولة مجلس الأمن ـ حتى لو لم يكن الطرفان سعيدين بها مئة في المئة ـ وجعلها الأفق السياسي الذي يمكن بالتوجه نحوه الوصول إلى تسوية؟

إسرائيل اليوم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى