إسرائيل وصفقة الجزيرتين: ما يُنسج مع السعودية يتعمق حلمي موسى
خلافاً للانطباعات الأولية التي أثيرت بشأن الموقف الإسرائيلي من الاتفاق المصري السعودي حول جزيرتي تيران وصنافير، يتزايد الرأي الذي يرى أن الخطوة ليست مجرد موافقة على تعديل جغرافي، بقدر ما هي تعبير عن تغيير سياسي استراتيجي. ويلحظ معلقون إسرائيليون أن الاتفاق هو بداية «تحالف ثلاثي» في مواجهة «محور الشر»، وعلى رأسه إيران، وأن ذلك ليس سوى «مجرد طرف جبل الجليد لخطوات تنسج سراً من وراء الكواليس».
وأشار موقع «والا» الإخباري إلى أنه لا يمكن فهم موافقة إسرائيل الأخيرة على الاتفاق السعودي المصري إلا بالعودة إلى الاستراتيجية التي انتهجها الثنائي بنيامين نتنياهو وموشي يعلون منذ الحرب الأخيرة على غزة مع مصر. وكتب المحرر السياسي للموقع أن نتنياهو ويعلون رفضا في الحرب الأخيرة على غزة مقترح وزير الخارجية الأميركي جون كيري بشأن الوساطة القطرية والتركية لوقف النار. وأضاف أن الرجلين فضلا استمرار الحرب 52 يوماً «للحفاظ على منظومة العلاقات الوثيقة مع مصر ومنح الرئاسة المصرية وزناً أكبر في الوساطة واتخاذ القرارات»، مضيفاً أنه «بذلك قلصت تل أبيب نفوذ قطر وتركيا، برغم الأصوات في البيت الأبيض».
وألمح الموقع الإسرائيلي إلى الرابط بين تلك الأحداث وما يجري اليوم، خصوصاً أن نتنياهو ويعلون تحدثا حينها عن «فرص استثنائية» فُتحت أمام إسرائيل على المستوى السياسي في الشرق الأوسط، لكنهما رفضا الإفصاح عن أسماء الدول التي تطورت العلاقات معها، «ولم يذكر أحد اسم المملكة العربية السعودية». وفي نظره، لم يطل الوقت حتى اتضحت الصورة في نقطتين تتعلقان بمزاج المحور السني، وعلى رأسه السعودية. الأولى سعي إسرائيل للبحث عن شريك إقليمي في مواجهة ما يجري في سوريا، وضد إيران و»حزب الله»، والثانية دور «الإخوان المسلمين» بدعم من قطر وتركيا.
وشدد موقع «والا» على أن الحوار بين إسرائيل ومصر تعمّق بعد حرب «الجرف الصامد» على غزة، بعدما برهنت إسرائيل على أنها ترى في مصر حليفاً صلباً. وبدأ الثناءُ ينهال على الرئيس عبد الفتاح السيسي لأنه، خلافاً لحسني مبارك، يعمل ولا يتكلم ضد «حماس» والإرهاب في شبه جزيرة سيناء. وكافحت مصر الأنفاق وتهريب الأسلحة ووثقت التعاون الميداني مع الجيش الإسرائيلي.
ولذلك رأى موقع «والا» أن مصادقة إسرائيل على الاتفاق السعودي المصري وعلى إنشاء الجسر بين الدولتين جاء على خلفية الدفء في العلاقات المصرية الإسرائيلية والرغبة في تعزيز مكانة مصر كعامل توازن إقليمي. ولكن لا يقل أهمية عن ذلك أن الموافقة كانت غمزةً للتقارب مع السعودية. وفي كل الأحوال، رأى الموقع أن «درة تاج» المصادقة الإسرائيلية على الاتفاق المصري السعودي هو التقارب بين تل أبيب والرياض. وحتى إذا لم يتجسد الأمر بفتح سفارات، فلا ريب أنه ستكون لذلك عواقب كثيرة وإيجابية من ناحية إسرائيل. فإسرائيل «تقترب وتنتج فرصاً مثيرة مع دول المحور السني المعتدل، لتشكل وزناً مضاداً لتركيا وسوريا وإيران».
أما المعلق الأمني في «معاريف»، يوسي ميلمان، فكتب تحت عنوان «هل تشكل حلف ثلاثي سري؟» إن موافقة إسرائيل على إعادة مصر للسعودية جزيرتي تيران وصنافير ليست سوى «طرف جبل الجليد لخطوات سرية تنسج من خلف الكواليس». وأضاف أنه من الناحية الظاهرية، فإن نقل الجزيرتين «هو جزء من التعديلات التي يجري إدخالها منذ زمن ما الى اتفاق السلام بين إسرائيل ومصر». وفي إطار هذه التعديلات، وافقت إسرائيل «على أن تُدخل مصر الى شبه جزيرة سيناء قوات عسكرية أكبر مما سمح لها الاتفاق، كي تتمكن من تحسين مكافحتها لإرهاب فرع داعش». وأشار إلى أن الولايات المتحدة أيضاً صادقت على إعادة الجزيرتين لأن لا مشكلة لديها «فالدول الثلاث الضالعة حلفاء».
وكتب ميلمان عن العلاقات الأمنية الوثيقة بين إسرائيل ونظام السيسي والمصالح المشتركة في مكافحة «حماس» و «داعش» وإيران. لكنه أوضح أن الوضع بالنسبة للسعودية أكثر تعقيداً، «إذ لا توجد علاقات رسمية بين إسرائيل والمملكة، ولن تكون كذلك قبل حل النزاع الإسرائيلي ـ الفلسطيني». ومع ذلك، أوضح أنه «حسب المنشورات الأجنبية، توجد بين الدولتين علاقات اقتصادية غير مباشرة، والبضائع من إسرائيل ـ زراعية وتكنولوجية ـ تصل الى السعودية عبر السلطة، الأردن أو قبرص. ولكن الأهم هو أنه توجد اتصالات، وحسب منشورات أجنبية، حتى لقاءات بين مسؤولين كبار».
وحدد ميلمان أن «المصلحة المشتركة هي أولاً وقبل كل شيء، فكرة أن الخطر الأكبر هو إيران. في الماضي، نشرت أنباء تفيد بأن السعودية أعطت موافقتها على أن تمر طائرات سلاح الجو في أراضيها، إذا ما قررت إسرائيل مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية. وتمنى السعوديون أن تقوم إسرائيل نيابةً عنهم بتوجيه الضربة العسكرية لإيران ـ وخاب ظنهم حين لم يحدث ذلك».
وأنهى ميلمان مقالته بالإشارة إلى أنه «وفقاً لمنشورات أجنبية، التقى رؤساء الموساد، وبينهم مئير داغان، في الماضي، برؤساء الاستخبارات السعوديين. كما أن رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت التقى وتحادث مع الأمير بندر بن سلطان، الذي كان سفير بلاده في واشنطن، ثم رئيس مجلس الأمن القومي والاستخبارات السعودية. ويمكن الافتراض بأن اتفاق الجزيرتين هو استمرار لتلك الاتصالات والمصالح المشتركة التي أشارت إليها المنشورات الأجنبية، ولكن من المشكوك به أن تنضج هذه في أي وقت من الأوقات وتطفو فوق سطح الأرض، طالما لم تقم دولة فلسطينية وصار بوسع السعودية أن ترفع علمها على المسجد في الحرم القدسي».
(السفير)