لماذا الآن تستردّ السعودية جزر إيلات؟
ناصر قنديل
– تقع جزيرتا تيران وصنافير بالقرب من ساحل شبه جزيرة سيناء، وليس فيهما سكان، وقد دخلتهما القوات المصرية قبيل حرب العام 1967 لإغلاق ما يُعرف بمضيق تيران الذي يقفل باب الملاحة أمام «إسرائيل» عبر مرفأ إيلات، بينما يعود تاريخ السيادة المصرية على الجزيرتين منذ العام 1950 وفقاً لرواية سعودية مصرية مشتركة تقول إنّ الملك عبد العزيز طلب من الملك فاروق نشر الجيش المصري فيهما لمنع أيّ اعتداء «إسرائيلي» عليهما. بينما يتفق باحثون مصريون ودبلوماسيون وحقوقيون على اعتبار الجزيرتين جزءاً عضوياً من سيناء، وبالتالي من مصر، مستندين إلى توثيق عثماني قديم.
– القضية اليوم ليست الهوية السيادية على الجزيرتين، رغم انفجار هذه القضية في مصر وتحوّلها قضية رأي عام مع التسريبات عن دفع السعودية مبلغ ملياري دولار أميركي ثمناً للتنازل المصري عن السيادة على الجزيرتين. القضية هي لماذا تطلب السعودية استرداد الجزيرتين اليوم وبعد مرور أربعين عاماً تقريباً على توقيع اتفاقيات «كامب ديفيد» التي أعادت الجزيرتين إلى السيادة المصرية ومنعت تمركز الجيش المصري فيهما؟
– الأكيد أنه من دون موافقة «إسرائيلية» لا يمكن بموجب اتفاقيات «كامب ديفيد»، ووفقاً للواقع السياسي للحكم في مصر، أن تقدم الحكومة المصرية على هذه الخطوة، والأكيد أن ليس في حساب الحكم في مصر ولا في السعودية طبعاً الإقدام على إزعاج «إسرائيل» واستفزازها، ولا الجزيرتان تمثلان شيئاً هاماً إلا في مقتضيات الأمن «الإسرائيلي» المدني والعسكري، لوقوعهما قبالة مرفأ إيلات، فلماذا ستفتح مصر والسعودية ملفاً نائماً يحرك الإزعاج لـ«إسرائيل» وهو بلا قيمة أخرى؟
– الواضح أنّ «إسرائيل»، كما تقول صحفها في صورة التفاصيل، وهي ترحب بالخطوة وتعتبرها خطوة مفيدة لاستثمار ما وهبته الجغرافيا من فرص للتواصل بين «إسرائيل» وجيرانها، وتعتبر العودة السعودية للجزر فرصة لتعاون تنموي وسياحي وتجاري عبرها، بجعلها نقطة تلاقٍ للمثلث المصري «الإسرائيلي» السعودي، خصوصاً مع تطلع «إسرائيلي» نحو الإفادة من الجسر البري بين مصر والسعودية، ومدّ تفريعاته نحو سيناء عبر الجزر ما يسمح بالتواصل الجغرافي السهل بين السعودية و«إسرائيل».
– بعض التقارير تتحدّث عن اتفاق «إسرائيلي» سعودي لوظيفتين للجزر، يفسّران التوقيت، الأول هو مدّ أنابيب نفط سعودية نحو أوروبا عبر الجزر فشبه جزيرة سيناء فالأراضي المحتلة حتى مرفأ حيفا، وتوفير فاتورة النفط التي تستهلكها «إسرائيل» من عائدات هذه الأنابيب، التي ستتولى «إسرائيل» تسويق نفطها في السوق الحرة بجعل حيفا روتردام البحر المتوسط، بعدما تعثر هذا الدور نفسه بسبب فشل «إسرائيل» في حرب تموز 2006 من خلال ما كان مرسوماً لو نجحت الحرب من مدّ خط أنابيب فرعي من شبكة نابوكو الآتية من كازاخستان والواصلة إلى مرفأ جيهان التركي ومنه إلى حيفا، لتلعب هذا الدور كسوق نفطية حرة قبل مواصلة الأنبوب مساره حتى عسقلان والبحر الأحمر لتأمين نفط الصين والهند إذا ما وقعت حرب أميركية مع إيران أدّت لإغلاق مضيق هرمز.
– المهمة الثانية للجزر في التعاون السعودي الإسرائيلي، وفقاً لتقارير غربية هي توفير ملاذ آمن للتعاون الاستخباري، بما فيه نشر وحدات تدخل عسكرية، ورادارات، ومنصات أقمار صناعية وتنصّت وحرب إلكترونية، ضمن إطار التفاهم على معايير موحدة للحرب على الإرهاب وتحديد الصديق والعدو.
– مصر ستنال ربع عائدات الثروات الطبيعية في الجزيرتين، أيّ صفر عائدات، بينما قد يطالها الكثير من شظايا الاستخدام المشترك السعودي «الإسرائيلي» للجزيرتين، والبعض يقول إنّ جسراً برياً من السعودية عبر الجزيرتين إلى حيفا، سيؤدّي إلى إقفال قناة السويس.
(البناء)