زيارة الملك… التاج والعلاقة والجسر: سمدار بيري
لا توجد اشارة شرف وممالأة لسلمان، ملك السعودية، لا تجد تعبيرا لها في زيارته إلى مصر. فالرئيس السيسي يقف في المطار، الابسطة الحمراء، الفرق الموسيقية، العناقات، الابتسامات، ووسائل الإعلام المشجعة. أهلا وسهلا بك في زيارتك التاريخية إلى دولتك الثانية، أعلن الرئيس المصري الذي تطوع للمرافقة الثابتة لأيام المناسبة الخمسة.
وعلى الفور نال سلمان العجوز الوسام الاعلى «وسام النيل» المرصع بالذهب الصافي ذي المربعات الثلاثة: الاول لمن يحمي مصر، والثاني لمن يحرص على رفاهها، والثالث على من يمنح اهلها السعادة. قلة فقط قبله نالوا وسام الشرف هذا: الكاتب والحاصل على جائزة نوبل نجيب محفوظ، زعيم جنوب افريقيا نلسون مانديلا، الرئيس الراحل أنور السادات، اليزابيت ملكة بريطانيا وسلطان عُمان الذي كان الزعيم العربي الوحيد الذي أيد مصر حين وقعت على اتفاق السلام مع إسرائيل.
لقد شهدت علاقات الرياض ـ القاهرة ارتفاعات وانخفاضات منذ الاطاحة بمبارك قبل خمس سنوات. وقد عرضت عليه السعودية اللجوء السياسي الذي كان سيعفيه من الاعتقال، التحقيق والمحاكمة التي لا نرى نهاية لها حتى في هذه الايام. وتلقى الرئيس السيسي بعد أن أطاح بالاخوان المسلمين، حقنة اكسجين اقتصادية بحجم مليارات، بهدف استقرار كرسيه. ومن المهم للسعودية الحفاظ على حليفتها. ومع ذلك، فالخلافات لم تختفي: الرياض تضغط لاسقاط بشار من دمشق، مصر تتنازع مع اردوغان في تركيا وعندما اقامت السعودية تحالفا عربيا ضد إيران، أعلن السيسي بانه يؤيد، ولكنه لن يرسل قوات عسكرية.
تأتي زيارة الملك السعودي إلى القاهرة وهي في لحظة ضعف. فمستشارو الرئيس اوباما يوصونه بـ «اعادة التفكير» في العلاقات مع مصر، بسبب المس المتواصل بحقوق المواطن و «غياب التصميم» على اقامة الديمقراطية. وفكت روسيا ارتباطها في اعقاب قضية الطائرة التي تفجرت في سيناء. ايطاليا، الحليف الاقتصادي الهام لمصر، اعادت سفيرها من القاهرة بسبب القتل الشنيع للطالب الايطالي.
سلمان، الذي وصل مع حاشية ضخمة وجاء لانقاذ السيسي من الوضع الصعب، يقترح 17 خطة للتعاون لضخ ثلاثة ـ اربعة مليار دولار إلى مشاريع اعمار سيناء. وتتحدث الخطة الطموحة عن ازدهار الصحراء، بناء مصانع، جامعة اولى في الطور تسمى على اسم السعودي وتشغيل عشرات الاف العاطلين عن العمل. وسيتعين على السيسي من جهته ان يضمن إلا تخرب منظمات الإرهاب على الخطط.
ولكن ذروة الزيارة اعلنت فور هبوط الطائرة. فقد عاد الملك السعودي إلى المبادرة التي كانت قبل 27 سنة واعلن عن اقامة جسر بري يربط بين مصر والسعودية ـ وهو ربط أول بين افريقيا وآسيا. وليس صدفة أنهما يبقيان في السر نقاط الانطلاق، في مكان ما في جنوب شرم الشيخ وفي طابوق في الصحراء السعودية. جسر بطول 15كم (20 دقيقة سفر) بهدف نقل ملايين الحجاج إلى الاماكن المقدسة في السعودية، تسيير ناقلات النفط، استيراد وتصدير البضائع المعفية من الجمارك.
في عصر ملوك السعودية السابقين، نجحت إسرائيل، التي خافت من أن يشوش ربط بري بين الخليج ومصر عبور القوات والعتاد العسكري، في احباط اقامة الجسر. فبحيلة سياسية نجحت في اقناع مبارك بادخال الخطط إلى الجارور، بدعوى أنها ستمس بالسياحة إلى سيناء. ولكن الشهادات التي انكشفت في نهاية الاسبوع تعرض صورة بشعة للشواطئ، الفنادق ومواقع الترفيه الفارغة من المستجمين. مصر، مثل السعودية، ستربح فقط من الجسر. اما في هذه الاثناء فيسكتون عندنا. هل بفضل العلاقات من تحت الطاولة مع القاهرة والرياض، اطلعت إسرائيل على سر الجسر؟ ما الذي يفكرون به عندنا عن احتمالات المخاطر؟ يمكن الافتراض بانهم في القدس يصلون بأن تبقى الخطط الكبرى على الورق.
يديعوت