” ستبقى ” المنارُ” منارتَنا “؟! ناصيف ياسين
في مقابلةٍ له ، على قناة ” الجزيرة ” القطَريّة ، بتاريخ 8 /9 / 2012، تحدّث ديفيد وارمرز : مستشارُ ديك تشيني الذي كان نائب الرئيس الأمريكيّ بوش ، حول ما خطّطوا له ، لتدجين الرأي العام العربيّ ، قائلًا :
” لا بدّ أنْ ننتبهَ للإعلام … لا سيّما مواجهة الإعلاميّين في معسكر الخصم : الذين هم ضدّنا وضدّ السّاميّة (يعني الصهيونيّة ) . يجب أنْ نجدَ إسطبلًا من الإعلاميّين العرب ، يُشبه سفينة نوح : ألأحصنة ، في هذا الإسطبل ، وظيفتُهم أن يقولوا دائمًا : سوريا وإيران ، هما المشكلة . أمّا الحمير : فَهُم مَن يُصدّقوننا بأنّنا نُريد الدّيمقراطيّة . أمّا حظيرةُ الخنازير ، الذين يقتاتون على فضلاتنا ، فمُهمّتُهُم : كلّما أعدَدْنا مؤامرةً ، أنْ يقولوا ، أين هي المؤامرة؟! ” .
مَن يتفرّسْ في واقع الإعلام العربيّ ، اليوم ، بعينٍ مُتَفَحّصةٍ مُدَقِّقة ، لن يتوهَ عن اللوحة المرسومة بأصابع المصلحة الصهيو/ أمريكية ، وبألوانٍ عربيةٍ مختلفة التسميات والبراقع .
أنظروا حولنا : لم يبقَ غير ” شاشة المنار ” وشاشات أخرى بأقلَّ مِن أصابع اليد الواحدة ، هي التي تصلُنا بحقيقة ما يدور عندنا ، وحولنا ، من تنوّعات المؤامرات المفبركة في ساحات العرب ، كما أنها هي التي تشدّ عزائمنا بما تنقله عن صمود وانتصارات حلف المقاومة والمُمانعة .
ولمّا كانت ” المنار” هي الشاشةُ ” الأكثرُ شعبيةً” في الرأي العام العربيّ ، حسبما أجمعت عليه وسائل الإعلام الصهيونيّ ، ولأنها صوت المقاومة التي هزمت الكيان الصهيونيّ ، ومدّت أذرُعَها حتى غدت قوة قومية إقليميّة ، كان لا بُدّ من ” قصقصة جوانحها ” حتى إسكاتها ، كي لا يبقى للروح العربية المُقاوِمَة : لسانٌ ولا صورة ؟! وهذا ما تكفّلت به مملكة آل سعود مباشرةً ، عبر ” عربسات ” ، ثمّ بثمنٍ مدفوعٍ مقدارُهُ أربعةُ مليارات دولار ، لمصر ، عبر ” نايل سات ” !
وعليك أيّها العربيّ ، أينما كنتَ ، أنْ تُصَنّفَ بقيّةَ وسائل الإعلام ، حسب ترتيبها في ” الإسطبل الصهيو / أمريكيّ ” التي تستمرئُ النفط شرابًا ، وعبق البترودولار ملمسًا ، لتُفرزَهُ لنا كلامًا مسمومًا ، وصورةً شوهاء غايتُها صناعة إنسانٍ عربيٍّ مُعوّق الفكر ، مسلوب الارادة ، خائر القوى ، يُعشّشُ فيه اليأسُ الذي ينخُرُ عزيمتَهُ ، كي تحيا ” إسرائيلُ ” مُطمئنّةً ، هانئةَ البالِ ، بما يقوم به ” العربانُ” حيث عجزت بنفسها وتبدّدت أسطورتُها .
في نصيحةٍ للشاعر مريد البرغوثي تقول : ” نَمْ في العراءِ ألفَ عامْ / ولا تَنَمْ لِلَيْلةٍ ، في منزلٍ مُشَقّقِ الجدران “… ونحن نعيش في بلدٍ : دولتُهُ مُشَقّقَةٌ بالخزيِ والعار والسمسرة وانحطاط الأخلاق والحسّ الوطنيّ ، حيث يُتركُ فيه الشرفاءُ ” لِيُقلّعوا شوكَهُم بأيديهم ” ضدّ استباحة اللصوص والخوَنَة … فعلى : العلماء ، والفنّيّين التّقنيّين ، التفكيرَ بالخلاص الناجز من ابتزاز مالكي ” الأقمار الإصطناعية ” المخاصِمَةِ والمعادية ، وعلى بقيّة الفئات الشعبية المشاركة : ماليّا ومعنويًّا : وكلٌّ حسب طافته ، ولو بمشاركاتٍ زهيدةٍ في هذا المشروع ، لأنه يخصّ كلّ مواطنٍ في بيته ، ومكان عمَلِه ، والأماكن العامّة ، حتى الوطن برُمّته ، إلى أنْ يتغيّر هذا النظام ، وغيره مَن حولنا …؟!
فالإعلامُ أداةٌ استعماريّةٌ ” ليِّنَةٌ” وخطِرَة ، بأيدي الأعداء ، وهو فنُّ صناعةِ العقولِ النّيِّرَةِ بأيدي الشرفاء ؟!!