تقرير هأرتس حول العلاقة الاسرائيلية مع الجماعات الإرهابية في الجولان
ترجمة علي شهاب
هآرتس | باراك رافيد
7 ديسمبر 2014
تكشف تقارير مراقبي الأمم المتحدة في هضبة الجولان في السنة والنصف الأخيرة عن نمط ونطاق التعاون بين إسرائيل وتنظيمات المعارضة السورية. ذُكر في التقارير، التي قُدمت للاطلاع عليها إلى 15 الدول الأعضاء في الأمم المتحدة وتظهر في موقع الإنترنت للأمم المتحدة، تفاصيل عن اللقاءات التي تجري على الحدود بين ضباط وجنود الجيش الإسرائيلي ومسلحين من المعارضة السورية .
أقيمت قوات الأمم المتحدة المراقبة في هضبة الجولان، الأندوف، في عام 1974 كجزء من اتفاقيات فصل القوات بين إسرائيل وسوريا.حدد الاتفاق منطقة عازلة على طول عدة كيلومترات في الجانب السوري لخط وقف إطلاق النار، الذي انتشر فيه جنود الأمم المتحدة ويمنع على السوريين وضع قوات عسكرية فيه. حتى 2013، مر ما يُقارب ألف مراقب جيئة وذهابا بين الجيش الإسرائيلي والجيش السوري على طول “الخط البنفسجي” في الجولان وراقبوا تطبيق اتفاقية فصل القوات.
لكن التصعيد في الحرب الأهلية السورية قد غيّر نمط نشاط المراقبين في السنتَين الماضيتَين. كادت المعارك في منطقة هضبة الجولان السورية، السيطرة على منطقة الحدود لتنظيمات المعارضة السورية- وفيها أيضا أولئك المؤيدون للقاعدة، مثل جبهة النصرة- ومهاجمة أعضاء الأمم المتحدة أن تشل قدرات قوات المراقبة على العمل.
في آذار 2013 قررت حكومة كرواتيا إخراج جنودها من ضمن القوات وفي شهر حزيران أعادت النمسا جنودها، الذين كانوا عاملا مركزيا في القوات المقاتلة والمسلحة للأندوف. في أعقاب الجهود الدبلوماسية للأمين العام، بدعم من إسرائيل، وافقت عدة دول مثل إيرلندا، فيجي والهند على إرسال جنود كي يمكّنوا القوات من الاستمرار والعمل. مع ذلك، فإن تصاعد الهجمات على أعضاء الأمم المتحدة في الأشهر الأخيرة جعل القوات تغادر قسما كبيرا من مواقعها على طول الجبهة، ونقلت مركزها إلى الجانب الإسرائيلي.
رغم الظروف الصعبة والتهديدات الأمنية، استمر مراقبو الأمم المتحدة طوال المدة في بث التقارير إلى المقر في نيويورك عما يحدث على طول الحدود بين إسرائيل وسوريا. مرة كل أشهر ثلاثة، ضُمت هذه التقارير إلى تقرير الأمين العام للأمم المتحدة الذي سُلم إلى 15 الدول الأعضاء في مجلس الأمن.
حتى منتصف 2013، كانت تقارير الأمم المتحدة عن الوضع في هضبة الجولان مملة نسبيا. ذكرت التقارير الطويلة والتقنية بإسهاب عن الأحداث الواحدة تلو الأخرى على طول الحدود ومحاولات مراقبي الأمم المتحدة منع انزلاق الحرب الأهلية إلى مواجهة عسكرية بين إسرائيل وسوريا. إلا أن شيئا ما تغير حينئذ، وجعل تقارير الأمم المتحدة تصبح ذات أهمية أكبر.
في آذار 2013، بدأت إسرائيل باستيعاب جرحى سوريين للعلاج الطبي في أراضيها. أقام الجيش على مقربة من الحدود مشفى ميدانيا في هضبة الجولان، بل ونقل جرحى سوريين للعلاج الطبي في مستشفيات ميدانية في صفد ونهريا. في نفس الشهر، أرسل مندوب سوريا في الأمم المتحدة، بشار الجعفري، عدة شكاوى للأمين العام، بان كي مون، مدعيا أن في المنطقة العازلة التي يعمل فيها مراقبو الأمم المتحدة، هناك تعاونا واسع النطاق بين إسرائيل والثوار. شكا السفير السوري عن نقل الثوار الجرحى إلى الجانب الإسرائيلي والعودة منه، وكذلك عن الدعم الإسرائيلي الإضافي الذي تمنحه للمعارضة.
ادعت إسرائيل بداية أن الجرحى المعالجين هم مواطنون يصلون إلى الجدار الحدوديّ بمبادرة منهم ودون تنسيق مسبق، لأنه لا يمكنهم الحصول على علاج طبي يلائمهم في الجانب السوري. بعد ذلك، حين ازداد نقل الجرحى السوريين للعلاج في إسرائيل، ادعى الجيش الإسرائيلي أن عملية نقل واستيعاب الجرحى يتم بالتنسيق مع مواطنين سوريين وليس مع تنظيمات المعارضة المختلفة. لكن تقارير مراقبي الأمم المتحدة في السنة الأخيرة تُظهر أن اتصالا مباشرا يجري بين الجيش الإسرائيلي ومسلحين من تنظيمات المعارضة في سوريا.
في التقرير الذي نُشر بين أعضاء مجلس الأمن للأمم المتحدة في 3 من كانون الأول 2013، ذكر المراقبون حدثا وقع قبل ذلك بشهر ونصف. “في 15 أيلول جُرح شخص في انفجار في القسم الجنوبي من منطقة نشاط الأندوف، في داخل خط برافو (في الجانب السوري للحدود)”، ذُكر ذلك في التقرير. “نقله مسلحون من المعارضة السورية ما بعد خط وقف إطلاق النار، ومن هناك إلى سيارة إسعاف مدنية رافقتها مركبة عسكرية إسرائيلية”. ذكر المراقبون أنهم لاحظوا بين تاريخ 9 حتى 19 تشرين الثاني، تم نقل عشرة جرحى مسلحين من المعارضة السورية، على الأقل، إلى الجانب الإسرائيلي وتسليمهم إلى الجنود الإسرائيليين.
في آذار 2014، ذكر مراقبو الأمم المتحدة أن اللقاء بين الجنود الإسرائيليين ومسلحي المعارضة السورية يجري قريبا من نقطة مراقبة رقم 85 للأمم المتحدة. حسب الموقع الرسمي للأندوف، فهي نقطة تقع جنوب هضبة الجولان- نحو كيلومترين شمال شرق كيبوتس رمات مجشيميم.
في حالات كثيرة لاحظت الأندوف مسلحي معارضة ينقلون جرحى من الجانب السوري إلى ما بعد خط وقف إطلاق النار
“خلال الفترة التي نتحدث عنها (كانون الأول 2013 حتى آذار 2014)، شاهدت الأندوف عدة حالات قام فيها مسلحون سوريون بالتواصل مع قوات عسكرية إسرائيلية ما بعد خط وقف إطلاق النار، قريبا من نقطة مراقبة 85″، هذا ما كُتب في التقرير. “في حالات كثيرة، خاصة في فترة المعارك الضارية بين الجيش السوري ومسلحي المعارضة، لاحظت الأندوف مسلحي معارضة ينقلون جرحى من جانب برافو (الجانب السوري) إلى ما بعد خط وقف إطلاق النار على مقربة من قوات الجيش الإسرائيلي. في تاريخ 17 كانون الثاني 2014، لاحظت الأندوف أن قوات إسرائيلية في جانب خط ألفا (الجانب الإسرائيلي) تنقل ثلاثة أشخاص إلى مسلحي معارضة سورية وصلوا من جانب خط “برافو“.
في التقرير الذي نُشر بين دول مجلس الأمن للأمم المتحدة في 10 من حزيران 2014، ذُكر أن أعضاء الأندوف لاحظوا “في أوقات متقاربة اتصالات ما بين مسلحي معارضة سوريّة وجنود الجيش الإسرائيلي على طول الحدود، على مقربة من نقطة مراقبة 85 في جنوب هضبة الجولان. حسب التقرير، منذ مارس 2014، وحتى نهاية أيار أجري في هذه المنطقة 59 لقاء بين ثوار مسلحين وجنود إسرائيليين، نقل خلالها 89 جريحا سوريا إلى الجانب الإسرائيلي وأعيد 19 شخصا وجثتين إلى الجانب السوري.
في تقرير آخر، من 12 أيلول 2014، ذُكر أنه منذ بدء تموز وحتى نهاية آب، أجريت سلسلة من اللقاءات بين مسلحين من المعارضة السورية وجنود إسرائيليين قريبا من نقطة المراقبة 85، عندها نُقل 47 جريحا إلى الجانب الإسرائيلي وتمت إعادة 43 سوريا إلى سوريا تمت معالجتهم في إسرائيل.
في 28 من آب، في أعقاب التدهور الأمني، أخلى مراقبو الأمم المتحدة نقطة المراقبة 85، وهي خطوة شوشت قدراتهم على متابعة الاتصالات بين جنود الجيش الإسرائيلي ورجال المعارضة. “منذ أن أخليت النقطة، لاحظت الأندوف لقاءات بين مسلحين من المعارضة السورية وقوات الجيش الإسرائيلي في هذه المنطقة”، هذا ما ذُكر في تقرير من 1 كانون الأول 2014
يجدر بالذكر أن التعاون بين الجيش الإسرائيلي و”الثوار” السوريين الذي كُشف عنه في تقارير مراقبي الأمم المتحدة لا يشمل فقط نقلا للجرحى من جانب إلى آخر. في التقرير الذي نُشر في 10 حزيران، ذكر مراقبو الأمم المتحدة أنهم لاحظوا أن جنود الجيش الإسرائيلي يسلمون المعارضة السورية صندوقين.
في التقرير الأخير الذي نُشر بين أعضاء مجلس الأمن في الأول من كانون الأول تم وصف لقاء آخر مثير للانتباه بين جنود الجيش الإسرائيلي والمعارضة السورية، الذي شاهده مراقبو الأمم المتحدة، والذي جرى في 27 تشرين الأول قريبا من نقطة المراقبة 80، على بعد ثلاث كيلومترات شرق بلدة يونتان الإسرائيلية. “لاحظ مراقبو الأندوف جنديين إسرائيليين في الجانب الشرقي من الجدار الحدوديّ يفتحان البوابة ويسمحان لرجلين آخرين بالمرور من الجانب السوري إلى الإسرائيلي”، ذُكر ذلك في التقرير. على العكس من باقي التقارير السابقة، لم يُذكر أن هذين الرجلين جريحان، ولم يتضح لماذا اجتازا إلى الجانب الإسرائيلي.
هذا الحدث المذكور مثير للاهتمام على ضوء ما يجري في الجانب السوري من الحدود في نفس المنطقة بالذات. كُتب في تقرير مراقبي الأمم المتحدة أنه على بعد 300 متر من نقطة المراقبة 80، أقيم معسكر خيام وتعيش فيه سبعون عائلة من اللاجئين السوريين. في نهاية أيلول، أرسل الجيش السوري رسالة شكوى لضابط الأندوف ادعى فيه أن المخيم هو “قاعدة لإرهابيين مسلحين”، يقطعون الحدود إلى الجانب الإسرائيلي. بل وهدد أنه في حال لم يخل مراقبو الأمم المتحدة هذا المخيّم، فسيرى به الجيش السوري هدفا مشروعا.