إسرائيل في العدوان على سورية
غالب قنديل
كان الكلام عن دور إسرائيل ومصلحة إسرائيل في بداية الأحداث السورية يعامل على أنه مبالغة يلجأ إليها مناصرو الرئيس بشار الأسد لإضفاء مشروعية مبدئية على القتال الذي تخوضه الدولة الوطنية السورية ولإلحاق تهمة الارتباط بإسرائيل وخططها بالجماعات التي تنوعت تسمياتها الشائعة والمتداولة بين الثوار والمعارضين وفي تلك المراحل الأولى أحيطت العلاقات بين تلك الجماعات والمخابرات الصهيونية بكتمان شديد وقد جاهر بعض الخبراء الأميركيين العاملين في اللوبي الصهيوني بضرورة الحزم في حجب الوقائع الكثيرة عن الاتصالات بين معارضين والحكومة الصهيونية وإقصائها عن التداول حتى لا تصبح سلاحا ماضيا بيد القيادة السورية تجهز به على سمعة مناوئيها.
الدوائر الغربية والخليجية والتركية التي خططت لمختلف مراحل الحرب على سورية عملت منذ البداية بالاشتراك مع إسرائيل وتلاقت على خدمة غايتها المركزية المتمثلة بإسقاط الدولة الوطنية السورية وظلت إسرائيل المستفيد الأول من ضرب سورية ومحاولة إضعافها إذا تعذر إسقاطها او تقسيمها .
كان تعميم التصور الافتراضي القائل بأن إسرائيل لاتدعم استهداف الدولة السورية وتخشى الجماعات القاعدية والإرهابية هو الدخان الساتر لعمل حثيث بدأت نتائجه تظهر في جبهة الجولان مؤخرا فلم تبرز فجأة في سورية وسط المعارك والمواجهات الدائرة في الجبهة الجنوبية عشرات الخلايا التابعة للموساد والدورات التدريبية التي خضع لها اكثير من ألف وخمسمئة مسلح وبوابات العار المستحدثة بتغطيات العلاج والإغاثة الطبية التي سبق أن مهدت مثيلاتها قبل حوالي أربعين عاما لإنشاء ميليشيات سعد حداد في ما عرف بالشريط الحدودي اللبناني وأسست لاختراق كبير توج باجتياح لبنان واحتلال العاصمة بيروت .
كما ليس الكلام الإسرائيلي عن اعتدال جبهة النصرة مصادفة ولا إرسال الأموال من قيادات عسكرية صهيونية لمحاولة شراء تعاون بين رجال دين في الجولان وفلسطين المحتلة وفرع القاعدة الذي تباهى موشي يعلون وزير الدفاع الإسرائيلي بالتنسيق معه على أولوية التصدي للجيش العربي السوري ومحاولة النيل من الرئيس بشار الأسد انطلاقا من محورية التصدي لدور سورية النشط في منظومة المقاومة المناهضة للصهيونية في المنطقة.
وقد عمم مخططو معهد واشنطن التابع للوبي الصهيوني سيناريوهات عن تهديد دمشق مجددا انطلاقا من الجبهة الجنوبية عبر تفعيل التعاون الصهيوني مع السلطات الأردنية والسعودية في إدخال آلاف المسلحين القادمين من معسكرات تدريب يشرف عليها ضباط المخابرات الأميركية وقد ربط المخططون عمليات الاشتباك مع الجيش العربي السوري بمساهمة إسرائيلية مباشرة مخابراتية ولوجستية وبغطاء جوي ومدفعي حيث يلزم وهو بالفعل ما حصل خلال الشهور الأخيرة ومني بانتكاسات كبرى حتى الآن أبرز نتائجها ما تردد عن سحب خطة الحزام الصهيوني من التداول.
القيادة الأميركية الأطلسية للعدوان على سورية وملحقاتها الإقليمية من تركيا والخليج هي في التحليل الأخير الفصل الأشد خطورة من حروب الصراع العربي الصهيوني الممتدة منذ العام 2000 أي منذ اندحار الاحتلال الصهيوني عن أرض لبنان .
عملت إسرائيل بكل إمكاناتها وضمن حدود عدم الانزلاق إلى حرب كبرى في المنطقة باتت تخشاها منذ تموز 2006 لتأكيد حضورها في الحرب على سورية وبالتناغم الشديد والسافر مع عصابات الارهاب متعددة الجنسيات فكل ضربة عسكرية إسرائيلية نفذت ضد أهداف عسكرية سورية كانت محسوبة من حيث المردود لصالح العصابات الإرهابية موضعيا فهي إما تحضير لعمليات واسعة يشنها الارهابيون او تعويض على خيبتهم وفشلهم في تحقيق الأهداف المرسومة وعلى الخبراء التدقيق اليوم في العلاقة بين توقيت الغارات الصهيونية والتطورات الأخيرة على جبهة الجولان حيث تلقت عصابات الإرهاب ضربات موجعة وبالتوازي مع وظيفة تلك الغارات بتأكيد الالتزام الصهيوني بعرقلة انتقال أسلحة كاسرة للتوازن من سورية إلى لبنان ويأتي تنشيط العدوان الصهيوني على سورية تعويضا معنويا وسياسيا عن سلسلة الهزائم التي منيت بها العصابات الإرهابية على مختلف الجبهات.
مصلحة إسرائيل وأطماعها ومصالحها هي الحلقة المركزية في استراتيجية العدوان على سورية بجميع مراحلها التي انطوت او فصولها القادمة والعلاقة الوثيقة القائمة بين إرهابيي جبهة النصرة وعصابات ما يسمى بالجيش الحر والمخابرات الصهيونية ليست سوى رأس جبل الجليد الكبير في هذه المؤامرة المستمرة فالمسألة في سورية وحولها هي بكل بساطة من يقف مع إسرائيل ومن يقف ضدها لا أكثر ولا أقل …