شؤون لبنانية

البثّ الرقمي جسر اجباري لتحرير المرئي والمسموع: اسألوا عن أوجيرو

في الوقت الذي تنصبّ جهود الجهات المعنية بقطاع الاعلام، لحلّ المشاكل التي ‏تعاني منها الصحافة الورقية، تصاعدت تفاعلات فضيحة المرئي والمسموع، بعد ان ‏قررت إدارة القمر الاصطناعي المصري “نايل سات” وقف بث المحطات التلفزيونية ‏التي تتعامل معها بعقود قانونية.‏

وبذلك تكون “نايل سات” قد انضمت الى إدارة مؤسسة عربسات (وهي تابعة لجامعة ‏الدول العربية تضم مساهمات عدد من هذه الدول من بينها لبنان)، التي سبق لها ‏ان أوقفت اي تعامل مع المحطات اللبنانية، علما ان المملكة العربية السعودية هي ‏صاحبة القرار فيها لامتلاكها النسبة الأكبر من الأسهم.‏

وكان لافتاً انه في كلا الحالتين اعتبر المعنيون ان قناة “المنار” هي المستهدفة بهذه ‏الإجراءات، والدليل على ذلك ان بقيّة المحطّات لم تتأثر حتى الساعة بالقرار.‏

وتقول مصادر تقنية وهندسية معنيّة ان قطاع المرئي والمسموع مُرْتَهن منذ مدة لإرادة ‏هذه الأقمار الاصطناعية، التي بيدها قرار الحل والربط، اي السماح بالبث او ايقافه ‏للمحطات عبرها. وتأخذ على مؤسسات الاعلام المرئي عدم المبادرة الى وضع ‏تصور تقني-اداري يجعلها غير خاضعة كليا لمشيئة المتحكّمين بهذه الاقمار.‏

وتؤكد هذه المصادر انه كان هناك مشروع البث الرقمي الذي يؤمن للمحطات ‏التلفزيونية اللبنانية استقلاليتها، ويؤهلها للبث بحرية، لكن إدارة “اوجيرو” رأت في ‏حينه أن لا لزوم له ماليًا أو تقنياً، وهو الأمر الذي غطّته وزارة الاتصالات في حين ‏لم تحرك المحطّات ساكنًا على رغم إدراكها ان البثّ الرقمي هو أحد أبواب خلاصها ‏من اي تحكم سياسيٍّ او تقني بقرارها وحريتها الإعلامية.‏

وتلفت المصادر إلى ان هناك بروتوكولا وقعته الدولة اللبنانية مع الاتحاد الدولي ‏للاتصالات، يقضي بتطبيق البث الرقمي، وهذا متّبع في كل دول العالم. لكن ‏المسؤولين في وزارة الاتصالات تقدموا بمشروع لتطبيق هذه التقنية في مهلة اقصاها ‏حزيران 2015، وهي مهلة وضعها الاتحاد، فرفضه رئيس “اوجيرو” عبد المنعم ‏يوسف، وحجب التمويل عنه، بحجة أنّ البث التناظري متوفر، وتاليا لا لزوم للبث ‏الرقمي.‏

وبحسب هذه المصادر، اذا كان الكلام اليوم عن فضيحة الإنترنت غير الشرعي، ‏فان طريقة توزيع البث التلفزيوني على المواطنين بواسطة الكابل، هو عمل غير ‏شرعي، لان اصحاب الكابلات يستعملون منشآت عامة عائدة الى الدولة، ولا ‏يدفعون فلسًا واحدًا او ضريبة لقاء هذا الاستعمال، اضافة الى انهم يفوّتون على ‏الخزينة العامة الأموال، وبذلك تتساوى حالهم مع حال ما اصطلح على تسميته ‏بمزوّدي الإنترنت غير الشرعي الذين اضاعوا على الدولة ملايين الدولارات.‏

وتشير المصادر نفسها إلى ان المواطن يدفع 15 دولارا لاصحاب الكابلات في ‏الشهر لقاء حصوله على القدرة على مشاهدة البرامج التلفزيونية، وبفضل اغفال ‏الدولة لهذا الواقع غير الشرعي تكوّنت ثروات و”بزنس اسود” وأنشئت شركات عمدت ‏الى استخدام تكنولوجيا لا تملكها الدولة، اذ ان عددا منها اقدم على مدّ كابلات ‏أليافfibres optiques‏ بصرية، كما فعل مزوّدو الانترنت.‏

وتؤكد هذه المصادر ان تعطيل تكنولوجيا البث الرقمي جريمة يعاقب عليها القانون ‏لانها تتيح ادخال موارد ماليّة ضخمة الى الخزينة، كما انها تحرر موجات بث يمكن ‏ان تستخدم في استثمارات جديدة ومجدية، اذ ان تحرير الموجات يتيح انشاء ‏محطات تلفزيونية جديدة، والأهمّ استخدام الموجات المحررة لمصلحة شركتي ‏الخليوي بما يساهم في تحسين جودة خدمات الداتا والصوت ورفد الخزينة بمزيد من ‏المداخيل.‏

وتستغرب المصادر عدم اقتناع المحطات التلفزيونية بمبدأ البث الرقمي، بالرغم من ‏معرفتها ان الاعلام الحر يعني حكما اعلامًا رقميًّا غير مرتهن لا بمال سياسي ولا ‏بقرارات دول، وهذه المحطات تدرك اليوم الخطأ الذي ارتكبته في عدم الضغط ‏لتطبيق البث الرقمي. وتوضح أنه “بالرغم من ان قَمَرَيْ “عرب سات” و”نايل سات” ‏هما مؤسستان خاصتان الا أنهما تتبعان لجامعة الدول العربية، وما ساقتاه من ان ‏الدولة اللبنانية لا تدفع حصّتها المالية، ليس دقيقاً، لان هناك اتفاقاً بين لبنان ‏وهاتين المؤسستين لإعفائه من الرسوم مدة خمس سنوات”.‏

وتخلص المصادر الى ان قرار نايل سات الذي أدّى الى حجب محطة “المنار” عن ‏عدد كبير من المشاهدين، والتي لم تتمكن اسرائيل من وقفها في حرب 2006 هو ‏قرار سياسي مرتبط بالتوتر الحاصل بين “حزب الله” وعدد من دول الخليج، وان ‏توقيت وقف البث من قبل المصريين، يمكن ان تكون له علاقة بالزيارة المرتقبة ‏للملك السعودي سلمان بن عبد العزيز الى القاهرة.‏

وترى المصادر ان محطّة “المنار” تواجه صعوبة اليوم بإعادة البث، اما اللجوء الى ‏البث عبر القمر ‏eutelsat‏ فانه لا يؤمن تغطية شاملة.‏

إزاء كل ذلك، يبقى السؤال، هل تستفيد المحطات التلفزيونية اللبنانية ممّا حصل ‏لتتّحد بدل أن تتلهّى بسجالاتٍ وخلافات لا طائل منها، وتضغط على المسؤولين ‏حفاظاً على حريتها وسيادة قرارها، أم أنّ المحسوبيات السياسية وغيرها ستلعب ‏دورها من جديد لتعيق كلّ ذلك؟! ‏

موقع النشرة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى