بقلم غالب قنديل

حول الانتخابات السورية

غالب قنديل

تجري الانتخابات التشريعية السورية يوم 13 نيسان الجاري وتشهد معظم المحافظات حملات إعلامية وجماهيرية للمرشحين الذين تحدثت مصادر الهيئة المشرفة عن ازدياد أعدادهم مقارنة بما مضى ويلاحظ ارتفاع نسبة المرشحين الشباب وشيوع استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في الدعاية الانتخابية بالإضافة إلى بروز موضوعات سياسية واقتصادية واجتماعية تحملها شعارات المرشحين وحملاتهم كما تظهرها التعبيرات الإعلامية المتداولة.

صدر سيل من الانتقادات الغربية التي وجهت لقرار الدولة الوطنية السورية تنظيم هذا الاستحقاق في موعده الدستوري وسعت بعض الحكومات لتصوير إجراء الانتخابات على انه استباق لمسارات الحوار السوري وقطع للطريق على العملية السياسية المحكي عنها بينما تواصل واجهات المعارضات المنتشرة في تركيا والخليج والغرب معزوفاتها القديمة عن الموضوع وهي مساقة إلى جنيف بالقرار الأميركي الذي يلزم رعاتها بجلب وفودها إلى قاعات التفاوض وسحب الشروط المسبقة التي تخلى عنها السيد الأميركي في حمى الاستجابة لتفاعلات المبادرات الروسية تحت ضغط التوازنات المتغيرة وتحولات الميدان الذي ثبت استعصاؤه خلال خمس سنوات من حرب شاملة لا سابقة لها لجهة ما حشد إليها وفيها من موارد ومن بشر وسلاح من أربع جهات الأرض .

في المنطق السوري يمثل الالتزام بالاستحقاقات الدستورية الانتخابية منذ اندلاع العدوان الذي تتعرض له البلاد احد اهم تعبيرات إرادة الصمود عدا عن كونه تصميما على اعتبار الإرادة الشعبية في صناديق الاقتراع مرجعية تكوين الشرعية الدستورية والتعبير عن التعدد السياسي الذي فتحت امامه الأبواب على مصراعيها تلبية لتطلعات الشعب السوري ولذلك تصرفت الدولة الوطنية بقاعدة عدم جواز تعليق الاستحقاقات الدستورية بذريعة الواقع الأمني والعسكري الذي تعيشه سورية في مقاومتها للعدوان وجرت خلال سنوات الحرب انتخابات تشريعية وأول انتخابات رئاسية تعددية وفقا للدستور الجديد الذي أقر باستفتاء شعبي وأثبتت الدولة بجميع مؤسساتها الأمنية والإدارية قدرتها على تنظيم هذه المحطات الدستورية التي شهدت نسبة جيدة من الإقبال والمشاركة الشعبية سواء في الانتخابات التشريعية والرئاسية ام في الاستفتاء الدستوري وهو ما عزز الحصانة الشعبية للدولة الوطنية في مواجهة العدوان الأجنبي والتهديد الإرهابي وقد عبرت القيادة السورية في وجه الضغوط عن تمسكها بتنظيم الانتخابات التشريعية في موعدها ورفضت كل محاولة للربط بين العملية السياسية وهذا الاستحقاق الدستوري فالمنظور الذي تتبناه الدولة الوطنية هو ان أي اتفاق ينتج عن الحوار السوري سيخضع إقراره عمليا للآليات المنصوص عنها في الدستور وإذا تضمنت التفاهمات الناتجة عن الحوار تعديلات او تغييرات دستورية فهي لابد ان تمر في الاستفتاء الشعبي لتصبح نافذة وتليها وفقا للقواعد الدستورية الجديدة أي تغييرات يتم التفاهم عليها.

كانت الاعتراضات على الانتخابات تبطن محاولة لتوليد فراغ دستوري في استمرارية وشرعية مؤسسات الدولة الوطنية وهذا هدف يخدم المخطط الانقلابي الذي رسمته دول قيادة العدوان : بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة وحملته لعملائها في الواجهات المعارضة بحيث يمكن تحويل ما يسمى بالعملية السياسية او الانتقالية إلى عملية وضع يد على السلطة في سورية يعيد إليها الهيمنة الغربية الكاملة ويلحقها بقطيع الدول التابعة للغرب والخاضعة لإسرائيل في المنطقة.

بالانتخابات تجدد الغالبية السورية الشعبية التعبير عن إرادتها الاستقلالية الوطنية وتؤكد وقوفها خلف صمود دولتها الوطنية وقواتها المسلحة ومن صناديق الاقتراع تعلن تمسكها بإرادة الصمود وبالتصميم على الانتصار في معركة الدفاع عن الاستقلال الوطني والكفاح لتحرير الأرض من عصابات الإرهاب التي حشدها الحلف الاستعماري.

تخوض سورية من خلال هذا الاستحقاق الدستوري تمرينا جديدا على الديمقراطية والتعدد السياسي الذي تعززه الدولة بحرية التعبير الإعلامي والجماهيري عن برامج وتوجهات المرشحين والتي تتوسع مساحاتها بوضوح في مخاض تتشكل من خلاله عشرات القوى والأحزاب والتجمعات التي تنال فرص اختبار قدرتها على فرض حضورها واستقطاب المناصرين والفرصة ستبقى متاحة لمن يحسم خياره من واجهات المعارضات بفك ارتباطاته الخارجية وبالانضمام إلى المعركة ضد الإرهاب الذي بات حقيقة معترفا بها من جميع خصوم الدولة السورية الذين انتجوا لعملائهم ومرتزقتهم صورة متخيلة عن ثورة لم تحدث وليسوا أهلا لادعائها كما بات يعلم معظم السوريين الذين خدعتهم في السابق حمى الأكاذيب والدعاية الافتراضية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى