مقالات مختارة

هل يفلت أردوغان هذه المرة أيضاً حميدي العبدالله

 

توجه الحكومات الغربية، ولا سيما الولايات المتحدة، دائماً انتقادات لأردوغان وسياسة حكومة حزب العدالة والتنمية في تركيا. وكان آخر هذه الانتقادات الصريحة ما جاء على لسان الرئيس باراك أوباما على هامش مشاركة الرئيس التركي في قمة الأمن النووي في واشنطن.

ويمكن الاستنتاج أنّ الانتقادات الغربية للحكومة التركية ولمواقف الرئيس التركي تعكس واحداً من احتمالين، الاحتمال الأول، أن تكون الحكومات الغربية، وتحديداً إدارة أوباما توجه هذه الانتقادات لأنّ الرئيس التركي لا ينسق سياساته بشكل كامل مع الولايات المتحدة والدول الغربية، ولا سيما في مسألتين أساسيتين، الأولى كيفية التعامل مع الأزمة السورية، حيث يرغب أردوغان وحكومة حزب العدالة والتنمية بتدخل مباشر، أو حول الموقف من «داعش» والتعاون السري والعلني معه.

الاحتمال الثاني، أن يكون الرئيس التركي وحكومته لا يتعاونان مع الغرب لحرصهما على عدم الاصطدام مع تنظيم «داعش» الذي يحوز على تعاطف واسع، تبعاً لبعض التقارير، في معاقل نفوذ حزب العدالة والتنمية، إضافةً إلى وجود خلايا نائمة كثيرة تابعة لـ»داعش» يمكنها أن تتحرّك في أيّ وقت، ومن شأن تحركها أن يلحق أذى كبيراً في تركيا ويوجه ضربات قوية لها، وهو يخشى ذلك ويخشى على قاعدة حزبه واحتمال تخليها عنه، لا سيما أنه حمل ويحمل خطاباً يؤجج الخواطر ويعزف على وتر الأمجاد العثمانية في مواجهة الغرب.

في مطلق الأحوال، وكائناً ما كان الاحتمال الذي يقف وراء الانتقادات الغربية لحكم حزب العدالة والتنمية وللرئيس التركي، فإنّ هذا التوتر ستكون له تداعيات وانعكاسات سلبية على متانة ورسوخ حكم الحزب الذي يواجه تحديات كثيرة ليس أكثرها قوة تمتع الأحزاب المعارضة بتأييد أكثر من نصف الناخبين الأتراك، بل ثمة عينة من التحديات رصدها الباحث في «معهد واشنطن» والمختصّ بالشأن التركي سونر جاغابتاي ونشرتها صحيفة «وول ستريت جورنال» في شهر آذار المنصرم، وعلى الرغم من أنّ الباحث هو من معسكر المحافظين الجدد ومن مؤيدي دعوات الرئيس التركي لتدخل الولايات المتحدة عسكرياً في سورية، إلا أنه يقرّ حرفياً أنه «في السنوات الثلاث الماضية شهدت تركيا خمساً من أسوأ الهجمات الإرهابية الستّ في تاريخها، أسفرت عن مقتل 250 شخصاً على الأقلّ وجرح أكثر من 800 شخص، وكانت جميعها من تداعيات الحرب السورية»، ويخلص الباحث إلى القول «لم يعد السؤال الآن حول إمكانية حصول هجوم آخر، بل حول توقيت هذا الهجوم».

حول أسباب هذه الهجمات ودوافعها يقول الباحث: «ينظر إلى سياسة أنقرة تجاه سورية بشكل يدفع جميع الأطراف الرئيسية في الصراع إلى كرهها، بدءاً من نظام الرئيس الأسد، مروراً بروسيا ووصولاً إلى تنظيم «الدولة الإسلامية ـ داعش»، وحزب الاتحاد الديمقراطي وحزب العمال الكردستاني التابع لحزب الاتحاد الديمقراطي في تركيا، وبالتالي محاربة أربعة أعداء في الوقت ذاته قد يجرّ تركيا إلى الخراب».

لا شكّ أنّ هذه أبلغ رسالة من مؤيدي نهج أردوغان ولا سيما في سورية، تؤكد المخاطر التي جلبتها هذه السياسة على حكم حزب العدالة والتنمية.

(البناء)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى