مقالات مختارة

فصائل عراقية: من المقاومة إلى الخيانة حميدي العبدالله

 

في عداد الوفد الذي زار الولايات المتحدة طلباً للدعم الأميركي وتسليح العشائر في غرب العراق، فصائل شاركت في مقاومة الاحتلال الأميركي – الغربي للعراق، بل يمكن القول إنّ هذه الفصائل اضطلعت بالدور الأساسي الذي أدّى إلى رحيل القوات الأميركية وفشل احتلال العراق، وهي «الجيش الإسلامي» و«جيش المجاهدين» و«جيش الراشدين» و«كتائب ثورة العشرين» و«حماس العراق» و«ثوار العشائر» و«جيش النقشبندية». ومعروف أنّ طلب السلاح من الولايات المتحدة من دون موافقة الحكومة المركزية في بغداد لتسليح حوالي 100 ألف مقاتل مشروط بإرسال الولايات المتحدة قوات أميركية إلى مناطق غرب العراق تحت ذريعة مستشارين أو تدريب القوات، والسعي إلى إقامة قواعد عسكرية أميركية دائمة في هذه المناطق على غرار القاعدة العسكرية التي أقامتها الولايات المتحدة في شمال العراق بحماية حكومة «إقليم كردستان».

ومعروف أيضاً أنّ هذه العملية ستقود إلى تقسيم العراق إلى ثلاث دول أو كيانات يربطها في ما بينها رابطٌ واهٍ في ضوء تجربة العلاقة القائمة الآن بين حكومة إقليم كردستان والحكومة المركزية في بغداد، وإذا كان تقسيم العراق وعودة الاستعمار القديم إلى مناطق غرب العراق لا يمثل خيانة وطنية، فما هي الخيانة إذاً؟

للأسف الشديد أنّ هذا الخطر الذي تتعرّض له حكومة بغداد، يأتي هذه المرة بدعم من فصائل شاركت في مقاومة الاحتلال الأميركي- الغربي للعراق، الأمر الذي يؤكد على حقيقتين هامتين:

الحقيقة الأولى، انتقال هذه الفصائل من مواقع المقاومة إلى مواقع الخيانة، أي حدوث ما يشبه الاستبدالية، إذ إنّ الفصائل التي تعاونت مع الأميركيين إبان غزو العراق غالبيتها شيعية ، تتحوّل اليوم إلى مقاومة عودة الاحتلال ورفض تقسيم العراق، في حين أنّ الفصائل التي قاومت سابقاً الاحتلال الأميركي تعود اليوم إلى الاستقواء بهذا الاحتلال ضدّ أبناء جلدتها، سواء كانت مبرّرات هذا الاستقواء مفهومة أو غير مفهومة.

الحقيقة الثانية، أنّ مقاومة هذه الفصائل للاحتلال الأميركي كانت من أجل الوصول إلى السلطة وليس للحفاظ على وحدة العراق أو لاعتبارات وطنية، فلو أنّ هذه الفصائل قاومت في ما مضى بدوافع وطنية، لما عادت اليوم إلى الاستقواء بالأميركي والموافقة على تقسيم العراق، طالما تعذّر عليها الوصول إلى السلطة.

كلّ ذلك يحدث بذريعة قطع الطريق على الحاجة إلى الاستعانة بقوات الحشد الشعبي لإلحاق الهزيمة بـ»داعش»، أيّ أنّ هذه الفصائل مستعدّة لتقسيم العراق وإعادة الاستعمار إلى أجزاء منه لكي لا تتعاون مع الفصائل الأخرى لأنها تدين بالمذهب الشيعي، فهل هذه الفصائل فصائل وطنية حقاً، وحريصة على العراق ووحدته ووحدة شعبه، بعد كلّ هذا؟

(البناء)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى