ثري بانجازات حياته ولكن وصيته فاشلة!: دان مرغليت
في أقوال تبدو كشهادة وكوصية سياسية ذات اهمية، قال مئير دغان ان بنيامين نتنياهو وايهود باراك هما رئيسا وزراء فضلا في لحظات الحسم مصلحتهما الشخصية على الصالح الوطني. وتناول تخوفه من أن يتشجعا على الهجوم على المنشآت النووية في إيران. ففي مقابلة منحها لـ «د. رونين بيرغمان» من «يديعوت احرونوت» اضاف بأن نتنياهو «جبان» والغى عمليات لـ «الموساد» كان قد أقرها قبل ذلك.
دغان هو آخر من يدعي حجة وضع ارادة الفرد قبل احتياجات العموم. فقد حضرت المؤتمر الصحافي الذي عقده في يوم تنحيته (او استقالته، على حد روايته) من الموساد واطلق فيه العنان لغضبه الشخصي، في ظل كشف سر اعداد الحكومة للتصدي للنووي الإيراني. لقد كان هذا احتفالا طبيعيا ومفهوما للإعلام، ولكن سلوكه كان نموجا كلاسيكيا لتفضيل النوازع الشخصية على الاحتياجات الرسمية.
وأكثر من هذا، فان الرقابة شمرت عن اكمامها ومنعت نشر بعض من الاسرار التي كشفها، ولكن دغان بقي على موقفه وفي غضون بضعة اشهر روى في مقابلة مع آري شفيت في جامعة تل ابيب ما منعت الرقابة نشره في الجولة السابقة. ولو كان عنات كام لما قام من هذه الوقاحة دون تحقيق جنائي.
في ذروة الخلاف بينه وبين نتنياهو وباراك، تحدث دغان علنا في موضوع النووي الذي كان حديثا على لسان الجميع. كنت مقتنعا ـ وقد قلت له ذلك في الزمن الحقيقي كما قالته لبعض من اعضاء الكابنت ـ في أنه لن يكون هجوم بل ان هذه خطوة سياسية تحذيرية منهما ترمي إلى ردع العالم ودفعه لان يفرض العقوبات على إيران، مثلما حصل بالفعل.
القليل الذي يمكن ان يقال هو أن احدا لن يتمكن ابدا من معرفة ما الذي رجح كفة الامتناع عن الهجوم على المنشآت النووية لايات الله. رواية دغان ليست افضل من تلك التي تعارضها، وفي كشفه عرض للخطر خطوة اسرائيل السياسية. وكمن اختلف بعد ذلك مع سياسة نتنياهو تجاه براك اوباما في هذه المسألة، لا شك عندي بانه في تثبيت العقوبات على إيران سجلت اسرائيل نجاحا سياسيا واضحا. صحيح أن دغان غني بالانجازات في ادارة «الموساد» ولكن وصيته التي قالها لبيرغمان فاشلة بالذات. في المجال الاستراتيجي لم يصل إلى مستوى نتنياهو وباراك.
غريب ايضا ادعاء «الجبن» الذي وجهه لنتنياهو. فقد روى بانه درج على أن يجلب رجال الموساد إلى البحث مع نتنياهو على عملية مقترحة، على فرض أن رئيس الوزراء سيخجل من ان يرد سلبا خشية أن يعتبر ضعيف القلب. واذا كان هكذا هو الدافع بالفعل، فمن ناحية نفسية ـ روحية كان هذا نوعا من «الانقلاب».
ولكن من ناحية موضعية، إلا يمكن أن يكون الحديث يدور بالذات عن مسؤولية زائدة، بشكل طبيعي ومبرر هي التي وجهت رئيس الوزراء؟
صحيح، ايهود اولمرت صادق تقريبا على كل اقتراح لعملية طرحها عليه الموساد. ماذا في ذلك؟ هل هذا جعل دغان صديقه وشريكه في الاعمال التجارية حتى بعد ادانته بالاعمال الجنائية، ولكن ليس بالضرورة شخصا متوازنا.
لا يمكن أن نعرف كم عملية أقرها نتنياهو وكم رفضها. بالتأكيد أقر اقل من اولمرت. في اعطاء هذه الاقرارات يوجد ايضا عنصر محتم من الاخفاقات مثلما في قتل محمود المبحوح المنسوبة لاسرائيل. لو كنت محل نتنياهو لرأيت في تهمة «الجبان» من جانب دغان «وسام بطولة».
اسرائيل اليوم