ورقة دي ميستورا: محاولة لتعويم «جنيف ـ 1» على حساب تفاهمات فيينا: حميدي العبدالله

الورقة التي قدّمها المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا إلى وفد الجمهورية العربية السورية، والمؤلفة من 12 بنداً تتضمّن في بنودها الرئيسية، ولا سيما التي تتعلق بالشأن الداخلي السوري، محاولة لإعادة تعويم وبعث ما جاء في جنيف 1 على حساب تفاهمات فيينا التي حدّدت ماهية الحلّ السياسي والأسُس التي يجب أن يرتكز إليها

.

وواضح أنّ هذه الورقة هي محاولة لبعث ما رفضته سورية وروسيا وإيران منذ عام 2012 وحتى الآن وهو الأمر الذي تسبب باستمرار القتال على هذا النحو الكبير والكارثي حتى الآن والذي قاد إلى استفحال خطر الإرهاب، وتزايد عدد اللاجئين السوريين، بما ينطوي عليه هذا الملف من مسائل إنسانية وسياسية كثيرة.

المبعوث الأممي يخالف عبر ورقته حتى بعض بنود جنيف 1 ، فجنيف واحد نصّ على عملية سياسية بقيادة سورية وحوار سوري ـ سوري، لكنه انتدب نفسه بدلاً من الأطراف السورية وقدم اقتراحات تحدّد ماهية الحلّ، في حين أنّ ماهية الحلّ يجب أن تكون من صنع السوريين أنفسهم من دون أي تدخل خارجي ومن أي جهة كانت بما في ذلك الأمم المتحدة.

دور الأمم المتحدة الميسِّر للحوار السوري ـ السوري لا يعني بأي حال من الأحوال أن يُنصِّب المبعوث الدولي نفسه بديلاً، وإذا ما أصرّ على ذلك فإنّ محاولاته ستبوء بالفشل كما فشل سابقاه كوفي أنان والأخضر الإبراهيمي وكما فشل مبعوث الأمم المتحدة في ليبيا الذي حاول أن يفرض اقتراحات وحلول بمعزل عن توافق الأطراف الفاعلة وكانت النتيجة أنّ هذه الأطراف لم تقبل التعاون معه، وفشل جهود الأمم المتحدة في ليبيا، والأمر ذاته في اليمن عندما حاول المبعوث الدولي السير على خطى المبعوثين في سورية وليبيا واغتصاب حقوق شعوب هذه الدول في تقرير مصيرها بنفسها باءت مساعيه بالفشل وبدلاً من أن يسهل الوصول إلى الحلول أدت مداخلته إلى تفاقم الصراع، وإذا كان من حلّ في اليمن فهو نتيجة لتفاهم أطراف الصراع وليس نتيجة لمساعي المبعوث الأممي.

على أية حال، ورقة دي مستورا تعبر عن وجهة نظره، وفي أحسن الأحوال وجهة نظر الأمانة العامة للأمم المتحدة، لكنها لا تستطيع إلغاء تفاهمات فيينا وقرار مجلس الأمن الدولي 2254 وهذا القرار وهذه التفاهمات وحدهما سيشكلان الأساس الصالح والملزم لحلّ الأزمة في سورية، وماعدا ذلك بما فيها ورقة دي ميستورا مصيرها إما الإهمال وإما إعادة النظر فيها.

(البناء)