التالون في الدور: بريطانيا وألمانيا: أليكس فيشمان
مكاتب استقبال العال في المطار الدولي في بروكسل تقع على مسافة أمتار قليلة من مكاتب استقبال أمريكان ايرلاينز. ولشدة الحظ كانت لا تزال مغلقة في زمن العملية. ولكن مخربي داعش لم يبحثوا امس منذ البداية عن هدف إسرائيلي. فقد كانت العملية مخططة، والاهداف في مترو ومطار بروكسل تقررت مسبقا بعد متابعة استخبارية. تماما مثلما اخفيت الوسائل القتالية لزمن ما قبل العمليات وانتظرت الموعد المقرر.
لم يكن هناك أي اخطار ملموس عن عملية لداعش ضد إسرائيليين في اوروبا. كما أن النظرية التي تدعي بان العملية في اسطنبول يوم السبت كانت موجهة منذ البداية ضد سياح إسرائيليين ليست مسنودة. فنحن، في هذه اللحظة، لسنا في بؤرة استهداف داعش. هكذا بحيث أن انشغالنا وانشغال الاوروبيين في الصلة التي بين الإرهاب الإسلامي وإسرائيل والاهداف اليهودية يصرف الانتباه عن الحرب الحقيقية.
يرفض الاوروبيون الاعتراف بهذه الحقيقة، ولكنهم هم الهدف. فهم يوجدون في ذروة حرب مع الإسلام المتطرف. وطالما لم يتحرروا من السياسة التي أملاها اوباما وتقول: «نحن لا نكافح الإرهاب الإسلامي بل عنف المتطرفين»، فانهم سيواصلون دفن الرأس في الرمال. إذن صحيح، الاوروبيون سيتخذون خطوات استخبارية، سيجرون اعتقالات، سيضغطون على تركيا لوقف موجة الوسائل القتالية التي تمر عبرها وربما سيدفعون بقوات عسكرية إلى المدن الكبرى. ولكننا لن نرى هنا حربا شاملة ضد داعش. فاوروبا ستدخل في حالة دفاع عن النفس والعمليات ستحتدم.
في صيف 2015 قررت قيادة داعش نقل القتال إلى جبهتين جديدتين. الاولى في ليبيا ـ حيث يحاول التنظيم بناء قاعدة بديلة للعراق وسوريا والسيطرة على آبار النفط. والثانية ـ جبهة إرهاب شاملة على أرض اوروبا بهدف ردع دول القارة من مهاجمة التنظيم في المناطق التي يعيش فيها. وفي نفس الوقت ضعف داعش، وهو يبحث عن انتصارات كي يبث الريح في أشرعته. اوروبا هي هدف طبيعي بالنسبة له. وليس صدفة أن اصبحت فرنسا وبلجيكيا مركزي نشاط للتنظيم. فكلتاهما تشكلان موردتين كبريين للمتطوعين لنشاطه في الهلال الخصيب. وحتى عندما يعودون إلى الديار من العراق ومن سوريا، يواصل المتطوعون القتال. وبالفعل، فان بعضا من الانتحاريين في العمليات في فرنسا ـ ومعقول الافتراض ان هذا هو ما سينكشف في بلجيكيا ـ كانوا مواطنين من الدولتين. وقد انتظرتهم في الديار جاليات عاطفة، مع خلايا ايديولوجية جاهزة للعمل. ولانجلترا والمانيا توجد مزايا مشابهة وهما ستكونان، بلا شك، الهدفين التاليين.
لقد تلقت الشبكة التي عملت في ضواحي بروكسل وباريس الاوامر من الرقة، عاصمة داعش في سوريا. هناك يوجد جهاز ينسق العمليات الخارجية للتنظيم: يحدد الاهداف، يسلح، يوفر المال، يجند الانتحاريين ويطلق الخلايا إلى اوروبا. «الحقائب الميدانية» جاهزة مسبقا. هكذا بحيث أنه إذا كانت عمليات أمس جاءت كثأر على القاء القبض على المخرب صلاح عبد السلام، قبل يومين في حي مولينباك في بروكسل، كانت هناك حاجة فقط لاخذ الحقائب واصدار الاوامر للمخربين بالانطلاق.
لم يكن لدى أجهزة الامن المحلية أي اخطار مسبق على أي من العمليات الكبرى التي نفذها داعش في اوروبا حتى الان. فالتعاون الاستخباري بين الاوروبيين يجر الارجل. الفرنسيون الذين احترقوا في العمليتين الجماهيريتين في 2015 يحاولون جر اوروبا إلى تشريع متشدد لصد الإرهابيين، ولكن القارة تتعاون بشكل جزئي جدا. كل ما هو معروف عن العمليات التي نفذت حتى الان جمع في عمل استخباري بأثر رجعي.
حين تتعثر الاستخبارات، يكون الجواب الوحيد هو الحراسة. وهنا أيضا يقاتل الاوروبيون حرب الامس. فحقيقة أن أناسا يدخلون مع مادة متفجرة وسلاح اوتوماتيكي حتى مكاتب الاستقبال في المطار تدل على فكر مدعٍ، عتيق. فالتفتيش في مطار بن غوريون يبدأ ما أن تنزل السيارة من طريق رقم 1 إلى مدخل المطار.
بعد العمليات في باريس وصلت إلى إسرائيل عدة شركات اوروبية تعمل في مجال المطارات لغرض التعلم. وعندما عرضت عليهم الوسائل الفنية، لم يتأثر الاوروبيون. فلديهم الكثير منها. ما أدهشهم كان فكر استخدام الحراسة. فقد فهموا المسافة التي يتعين عليهم أن يجتازوها وأي مبالغ هائلة يتعين عليهم أن يستثمروها كي يطبقوا الفكر المبني في اساسه على الحراسة في دوائر واسعة، والتي تسمح بتشخيص الشواذ.
الان يبدأ التحقيق إلى الوراء: سيفحصون الكاميرات، المكالمات الهاتفية، سيحاولون ان يفهموا من ساعد، وستكون اعتقالات. ولكن إذا واصلت اوروبا التصرف مع الإرهاب الداعشي وكأنه احداث مأساوية، منفردة وليس كتهديد استراتيجي ـ فانها ستخسر.
يديعوت