بقلم ناصر قنديل

تفاهم حول اليمن؟

nasser

ناصر قنديل

– المراوحة العسكرية في الحرب التي خاضتها السعودية على اليمن قبل عام صارت من ثوابت تشخيص الوضع اليمني في الصحافة الغربية، كما في مراكز القرار في عواصم الغرب، وإذا لم يكن أحدٌ منها قد رفع لواء الدعوة لوقف فوري للمجازر السعودية مراعاة للوضع الحرج الذي تعيشه السعودية في كل حروبها الخاسرة في المنطقة من جهة، ولوضع الغرب الحرج تجاه خساراته المتلاحقة أيضاً في المنطقة وعجزه عن الخروج مهزوماً بلا حلفاء، وحاجته لمساعدة هؤلاء الحلفاء بما أمكن للحفاظ على مكانة ودور، كي يبقى من خلالهم موجوداً بحدود القوة التي يحتفظون بها ويساعدهم على حفظها، فهذا الصمت الغربي لا يعني أن لا وجود في الغرب للشعور ببلوغ الحرب في اليمن المرحلة التي دخلت فيها السعودية وعبرها الغرب خطر النفق المسدود والتآكل المفتوح، والتهديد الخطير للمصالح العليا لها وللغرب بسبب العجز عن بلوغ تسوية تنهي الحرب بحفظ ماء الوجه وتكوين أرضية لمواجهة التحديات.

– لا بدّ من الوصول لتسوية تُنهي الحرب في اليمن، صار هذا شعار الغرب كله، ولا بد لهذه التسوية من أن تقوم بالتعاون السعودي مع إيران على قاعدة الاعتراف بحتمية إشراك التيار الحوثي في الحكم ضمن صيغة تمهد لانتخابات، ومن ضمن منظومة تقطع الطريق على التمدد الذي تحققه القاعدة ويحققه داعش في كل المناطق التي تقول السعودية إنها باتت في قبضة التحالف الذي تقوده ومعها حلفاؤها اليمنيون. ولأجل هذه التسوية يجهد المبعوث الأممي بدعم غربي، وتجهد سلطنة عمان بتشجيع غربي وأميركي، خصوصاً سواء على خط المباحثات المباشرة بين الحوثيين والسعودية أو بين الإيرانيين والسعودية.

– بلغ السعوديون مرحلة النضج لقبول التسوية ولو أنهم لم ينضجوا بعد لشروطها، كما تقول المعلومات، فهم باتوا يسلمون بأن إنهاء الحوثيين مستحيل وأن منع القاعدة من ملء خلف خطوط انتشارهم فوق طاقتهم، لأن القاعدة وداعش هم عصب ما يسمّيه السعوديون بالمقاومة اليمنية، لكن السعوديين يطمحون لتسوية تبعد الرئيس السابق علي عبد الله صالح أملاً بتحقيق نصر معنوي من جهة يلقي على رأس صالح تبعات الحرب، وبوضع اليد على العشائر التي تدين له بالولاء بإخراجه من المعادلة من جهة ثانية، والأهم أملاً بالإمساك بالجيش الذي لا يزال لصالح تأثير فاعل بين صفوفه. ويفاوض السعوديون على تسوية مع الحوثيين تبقي صالح خارجها، وبالمقابل يبحثون عن صيغة تتيح لهم إعلان النصر في قلب التسوية فيضعون للتسوية إطاراً هو مستقبل صنعاء التي باتوا يسلمون بالعجز عن السيطرة عليها عسكرياً، فيقترحون التفاهم على وحدة من الجيش اليمني يثق بها الحوثيون يسلّمونها صنعاء، ويوقف السعوديون بضمانات دولية غاراتهم عليها ويعلنون حيادها تمهيداً للحل السياسي الذي يسير عندها سريعاً في جنيف، كما يقولون ويعرضون إذا قبل الحوثيون هذين الشرطين تحمل مسؤوليات صندوق دولي لإعمار اليمن بمئة مليار دولار.

– ليس المهم إذا كانت هذه الصيغة أو سواها من صيغ التسويات هي التي ستبصر النور، بل المهم أن بلوغ السعودية هذه المرحلة من البحث عن المخارج يدلّ على أن خروج دولة الإمارات من الحرب لم يكن مجرد تعب إماراتي، بل إشارة دولية بالغة الأهمية قرأها السعوديون، وقد دقت الساعة ولم يتبق من الوقت هوامش كثيرة للمناورة.

– كل تسوية تقوم على حكومة وحدة وطنية تليها انتخابات في اليمن، كما في سوريا، ستعني نصراً لمحور المقاومة لأن في البلدين مواجهة بين محور المقاومة والجماعات الإرهابية وليس للسعودية مقعد مستقلّ بينهما، ولا يملك الغرب خيارات وهوامش كلما اقتربت ساعة الحرب على الإرهاب ليختار بينهما.

(البناء)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى