العروبة المناضلة تنهض
غالب قنديل
يمكن القول ان ما شهدناه من مواقف رسمية وتحركات وتعبيرات شعبية وسياسية ضد قرار مجلس التعاون الخليجي بوضع حزب الله على قوائم الإرهاب يمثل مؤشرا كبيرا وهاما على انعطافة عربية لصالح عودة الوعي القومي وانتعاش العروبة انطلاقا من فكرة الانحياز إلى خيار المقاومة في مجابهة الكيان الصهيوني كنموذج منتصر ومحسوم وكخيار شعبي أثبت قدرته في مقاومة الإرهاب التكفيري الذي شكل ادة عدوانية استعمارية لتعويض العجز الصهيوني عن امتلاك زمام المبادرة الهجومية نتيجة معادلات الردع التي فرضها محور المقاومة على مستوى المنطقة .
اولا الجزائر تحركت رسميا وشعبيا وأعلنت تضامنها مع المقاومة ورفضها للقرار وتونس بحركتها الشعبية المناضلة ونقاباتها فرضت على السلطة السياسية بجميع هيئاتها نقض القرار المتخذ في مجلس وزراء الداخلية ضد حزب الله وتلعثم انتهازيو الأخوان كما برهنت لعبة الناقض والمنقوض في تصريحات زعيم حركة النهضة الذي تضامن مع حزب الله مرة وهجاه مرة اخرى في ساعات ردا على سؤال لجريدة آل سعود الشرق الأوسط وفي مصر والأردن خرجت مواقف وأصوات حرة شريفة مؤثرة وفاعلة تدعم المقاومة بكل وضوح وزاد من ثقل المؤشرات تزامن ذلك في القاهرة مع تصدي مجلس الشعب المصري لنائب استقبل السفير الصهيوني في منزله بينما تأكدت علاقة الانفتاح والحوار بين القيادة المصرية وقيادة حزب الله وتبلورت اكثر صورة التمايز المصري الواضح في الموقف من سورية العربية المقاومة على خطوط اتصال مفتوحة بين القاهرة ودمشق سبق ان اعلنها الرئيس بشار الأسد وفي اليمن والعراق كان الموقف الداعم للمقاومة واضحا بأبعاده الرسمية والشعبية وبأهمية كبيرة ينبغي النظر إلى مواقف العديد من الشخصيات الوطنية الخليجية التي عرفت بتضامنها مع المقاومة منذ انطلاقها ولم يكن خارج التوقع ما برز من مواقف فلسطينية واضحة في دعمها لحزب الله وتقصي سريان الصحوة القومية يقود كذلك إلى ما شهدناه في بلدان عربية كموريتانيا … والخلاصة إن فكرة العروبة تنهض من جديد حول مقاومة حزب الله وإنجازاتها التاريخية وعلى اعتاب تحولات نوعية قادمة.
ثانيا إن مراحل ما سمي بالتضامن العربي كانت مساكنة جبرية بين الحكومات الرجعية التابعة والدولة الوطنية السورية المقاومة الداعمة لحزب الله وللقوى الوطنية في لبنان التي قاتلت الاحتلال الصهيوني والتي احتضنت الفصائل الفلسطينية المقاتلة ضد الاحتلال الصهيوني على اختلاف عقائدها وعلى مر سنوات طويلة كانت علاقة دمشق بعواصم الرجعية والردة العربية تمر بمد وجزر أقرب إلى ما يمكن وصفه بحرب باردة صامتة حول قضية فلسطين والموقف من الكيان الصهيوني والاختلاف العميق حول العلاقة بالجمهورية الإسلامية الإيرانية التي طور الرئيس بشار الأسد التحالف الاستراتيجي المتين معها وسار به إلى المدى الأبعد من حدود تشكله وتبلوره بعدما انطلق بقوة منذ انتصار الثورة وشكل عصب محور المقاومة الذي حقق انتصارات متلاحقة ضد الكيان الصهيوني وزعزع ركائز منظومة الهيمنة الاستعمارية في المنطقة في محطات متلاحقة منذ التحرير الكبير في لبنان عام 2000 وحرب تموز 2006 وحروب غزة المتتابعة التي اعترفت إسرائيل بأنها كانت حروبا فاشلة رغم الدعم والانخراط الأميركي المباشر والمؤازرة العربية الرجعية من الخلف وفي الواجهة احيانا.
منذ انطلاق العدوان الاستعماري على سورية قلعة العروبة والمقاومة تعرضت الفكرة العربية ثقافيا لزلزال كبير وسادت في أوساط عديدة شعبية وسياسية وثقافية موجات مراجعة وارتداد أصابت مضمون الانتماء القومي بذريعة الصدمة الناشئة عن مشاركة حكومات عربية في حلف العدوان بعد عقود من تلفيقات سطحية حول فكرة التضامن العربي التي فرضها الزعيم الراحل حافظ الأسد خلال حرب تشرين وما بعدها لإنتاج سقوف رسمية عربية تلجم جموح الحكومات لتابعة لللاستعمار الغربي في رحاب التسويات الأميركية لتصفية قضية فلسطين وللتخلص من حركات المقاومة وفي السنوات الأخيرة كسرت الرجعية العربية تلك السقوف منذ انخراطها الهجومي في خطط الاستعمار الغربي والكيان الصهيوني لضرب المقاومة ولتدمير القلعة السورية إنها العروبة المناضلة ترسم هويتها ونهضتها انطلاقا من إدراك الدور التاريخي لحزب الله كحركة مقاومة مناضلة ضد العدوانية الصهيونية ووحش التكفير وفي مجابهة الرجعية العربية بقيادة المملكة السعودية .