في الإجابة على تساؤل وزير الداخلية: لماذا وصلنا إلى هنا؟: العلامة الشيخ عفيف النابلسي
لماذا وصلنا إلى هنا؟ سأل وزير الداخلية اللبناني ونحن نجيب بالآتي: وصلنا إلى هنا لأنّ أنظمة وممالك عربية منبطحة أو منساقة أو أداة في مشروع تفتيت الأمة وتمزيقها إلى دويلات طائفية وعرقية كرمى لعيون الكيان الصهيوني.
وصلنا إلى هنا لأنّ من يُفترض بهم أن يكونوا مع فلسطين بحكم الدين والأخوة والجيرة تخلّوا عنها ودخلوا في مسار تسووي لبيعها، ومعنى ذلك أنهم معترفون بالوجود الصهيوني وبشرعية الاحتلال وبحقه في الأرض، في الوقت الذي نؤمن أنّ أرض فلسطين غير قابلة للتصرف والبيع ولا القضية قابلة للتسوية.
وصلنا إلى هنا لأنّ ممالك الخليج استأثرت بالنفط لأمرائها غير آبهة للفقر والحرمان والتخلّف الذي يضرب وجوه الحياة على مساحة الأمة كلها.
وصلنا إلى هنا لأنّ النفط صار وسيلة لتمزيق الدول وتفريق الشعوب وبعثرة الإمكانات وشراء الذمم والضمائر وترويج الفساد وتسويق التعصب والمذهبيات والضعف والاستسلام والتآمر على المقاومين.
وصلنا إلى هنا لأنّ النفط صار للتفاوض المذلّ، والصلح الأرعن، والاعتراف المشؤوم والتطبيع السحت، بدل أن يكون لمواجهة الاستعمار وقوى الهيمنة وعلى رأسها إسرائيل.
وصلنا إلى هنا لأنّ ممالك الخليج لا تريد أن تسمع بحق شعب، ولا بصوت جائع، ولا بحق مضطهد، ولا بثورة مكلوم، ولا بمأساة مشرد، ولا بكرامة لاجئ.
وصلنا إلى هنا لأنّ ممالك الخليج لا تسمح بديمقراطية، ولا تقبل تعددية، ولا تريد حرية تعبير ونقد، ولا تلتزم بعمل مشترك يحقق تطلعات أمة واحدة.
وصلنا إلى هنا لأنّ هناك من تآمر على المقاومة وما زال، وهناك من شجّع على العدوان عليها وما زال، وهناك من عمل على تشويه صورتها وما زال.
وصلنا إلى هنا لأنّ هناك من بدّل ثقافة الأخوة الإسلامية إلى عداوة وتكفير، ومن بدّل عقيدة الوحدة إلى فتاوى تمزيق وتمييز وكراهية، ومن بدّل المحبة إلى حقد، ومن بدّل الحوار إلى شروط وإملاءات.
وصلنا إلى هنا لأنّ هناك من اشتغل على تحويل الصراع، من صراع عربي إسرائيلي إلى صراع عربي عربي. ومن صراع ضد قوى الاستعمار إلى صراع بين الدول العربية أو داخلها أو إلى صراع بين الطوائف والقوميات المتنوعة المنتشرة على سطح منطقتنا والتي تشكل أجمل فسيفساء حضارية على وجه الأرض.
وصلنا إلى هنا لأنّ هناك من لا يريد مقاومة في لبنان ولا في فلسطين ولا يريد أن تكون سورية ظهيراً ومسانداً لهما.
وصلنا إلى هنا لأنّ هناك من لا يأبه لمظلومية الشعب البحريني ولا للعدوان على بلدان عربية كسورية واليمن والعراق.
وصلنا إلى هنا لأنّ مقتل مئات آلاف الفلسطينيين والعراقيين واليمنيين واللبنانيين والسوريين لم يُحرّك نظاماً وملكاً ليفعل شيئاً يستحق أن يشكر عليه.
وصلنا إلى هنا لأنّ شراء السلاح بمئات مليارات الدولارات لم يكن من أجل فلسطين بل ضدها. ولم يكن لقتل الإرهابيين التكفيريين بل لتمكينهم من العبث بمقدّرات الأمة وشرذمتها أكثر فأكثر.
وصلنا إلى هنا لأنّ هناك مملكة اسمها السعودية تريد لنا كل يوم 5 أيار جديداً ويذهب مسؤولوها إلى الكيان الصهيوني لشن عدوان آخر على لبنان.
مَن نحن: نحن المقاومة. نحن أبناء الأرض. نحن أهل الحق. نحن فلسطين السليبة، نحن سورية الجريحة، نحن اليمن المذبوح، نحن العراق المدمّى، نحن مَن يرفع شعار «هيهات منّا الذلة».
صحيح أننا لسنا قوة عظمى، يا معالي الوزير، ولكن نحن نخاف الله ومَن يخَف الله أخاف الله منه كل شيء!
(البناء)