سورية: اتفاق وقف العمليات وبعض المخاطر المحتملة: حميدي العبدالله
بات واضحاً أنّ واحداً من الأسباب التي دفعت الولايات المتحدة وشركائها في الحرب على سورية إلى قبول مبدأ التفاهم مع روسيا على اتفاق لوقف العمليات العسكرية لا يشمل «داعش» و«جبهة النصرة»، الخيارات الصعبة التي باتت تواجهها الولايات المتحدة بعد الإسهام الروسي في الحرب على الإرهاب عبر قواتها الجو فضائية، وزيادة إيران لعدد مستشاريها، إضافة إلى الالتزام القوي من حزب الله، وما حققه هذا التحالف من انتصارات ميدانية كبيرة وواضحة واستراتيجية في أرياف اللاذقية وحلب وفي محافظة درعا، إضافة إلى ريف دمشق، حيث وضعت هذه التطورات واشنطن وشركاءها أمام خيارين لا ثالث لهما، إما المغامرة بخوض حرب إقليمية دولية ضدّ سورية ولبنان ممثلاً بالمقاومة اللبنانية وإيران وروسيا، وإما قبول بواقع التقدّم الذي يحققه الجيش السوري، وللخروج من مأزق هذه الخيارات الصعبة قبلت الولايات المتحدة، والأرجح أنها ستفرض على شركائها قبول اتفاق وقف العمليات الذي تمّ التوصل إليه مع روسيا.
مخطط الولايات المتحدة وشركائها في الحرب على سورية، الأرجح أن لا يكون، إذا ما تمّ تكريس تطبيق الاتفاق، الالتزام بروحيته وتسهيل الوصول إلى حلّ سياسي، بل استغلال وقف العمليات، ولا سيما القصف الجوي، لإرسال المزيد من الإرهابيين وإرسال المزيد من الأسلحة عبر الحدود التركية والحدود الأردنية إلى الجماعات المسلحة، في محاولة لجعل الاتفاق مجرّد هدنة لالتقاط النفاس، وتدريب المسلحين والتعويض عن الخسائر البشرية التي منيت بها الجماعات المسلحة، والحصول على الوقت الكافي أولاً، لتهريب المزيد من السلاح، وثانياً، لتهريب المزيد من الإرهابيين إلى داخل سورية، وثالثاً لتدريب المزيد من المسلحين في دول الجوار للتعويض عن الخسائر البشرية التي منيت بها الجماعات المسلحة في الأشهر الخمس التي أعقبت الهجوم الواسع الذي شنّه الجيش السوري وحلفاؤه.
لعلّ هذه المسائل هي نقاط ضعف الاتفاق الروسي الأميركي كونها لا تتضمّن آليات صريحة ومحدّدة لمراقبة الحدود، وتترك المسألة لمدى إخلاص الولايات المتحدة وشركائها للاتفاق، وجدية سيرها في الحلّ السياسي.
لكن بكلّ تأكيد انّ الجمهورية العربية السورية وحلفاءها، ولا سيما روسيا وإيران، يملكون من قدرات الاستخبار والاستطلاع، ولا سيما الاستطلاع الجوي، ما يجعلهم قادرين على رصد أيّ تدفق جديد للسلاح والمسلحين إلى داخل الأراضي السورية، وبكلّ تأكيد سيعمدون إلى إثارة هذه المسائل، سواء في اللجان والمرجعيات المعنية بتطبيق الاتفاق، أو داخل مجلس الأمن الذي يجب أن يتمّ احترام قراراته السابقة التي تنص صراحة على وقف الدعم وتسلل الإرهابيين الأجانب إلى داخل الأراضي السورية.
(البناء)