لن نسلّمكم بلادنا العلامة الشيخ عفيف النابلسي
ما الذي خطر ببال ممالك الخليج حتى يستدعوا العروبة فجأة إلى مشهد الصراع الحالي، وتهييج الأوضاع السياسية عندنا التي كانت حتى الأمس القريب محكومة بسقف معقول من التوازن والاعتدال.
أليس انهزام المشروع السعودي في سورية واليمن والعراق أمام مشروع المقاومة الذي تقوده الجمهورية الإسلامية الإيرانية هو السبب؟
قبل شهور وسنوات سابقة، هذه الممالك هي نفسها مَن لعبت على الوتر المذهبي، فاستدعت الخلافات القديمة كلّها بين السنة والشيعة في سبيل الوقوف في وجه إيران وحزب الله، وعندما فشلت وانفضحت أحابيلها وخدعها وبات العالم كله في مواجهة مع الإرهاب الأسود الذي صنعته، ها هي اليوم تنتقل إلى بديل آخر وهو العروبة في مواجهة ما تزعم أنّه المدّ الفارسي . وخرج علينا في لبنان مَن يصيح ويصرخ ويزمجر ويكاد يقود ثورة باسم العروبة لمواجهة حزب الله.
عجباً والله! كيف استفاق القوم على العروبة! واستحالوا عروبيّين بين ليلة وضحاها، كما لو أنّ وحيّاً هبط عليهم وألبَسهم جلبابها وعمّتها. ولا أدري إنْ كان تقمُّص العروبة من علامات الفناء أو من علامات الغباء أو كأنّ القوم جاعوا فلم يجدوا غير تمر العروبة يأكلونه بعدما بات نقيع المذهبية ممجوجاً.
وعلى أيّ حال، فإنّ أيّ عروبة لا تسكن فلسطين في قلبها فهي هراء. وأيّ عروبة لا تتسع لمصر وسورية فهي عمياء. وأيّ عروبة لا ترفع شعار مقاومة العدو «الإسرائيلي» فهي عرجاء.
سنون طويلة والمملكة العربية السعودية تهاجم عبد الناصر وعروبته، وما ذلك إلا لأنّ عبد الناصر فضح نفاق الملوك وعمل على تحرير فلسطين، معتبراً أنّ الصراع مع العدو «الإسرائيلي» صراع وجود لا صراع حدود، وإلا لأنّ عبد الناصر قال لا للتفاوض، ولا للاعتراف، ولا للصلح مع عدو يريد تمزيق الأمة وبناء كيان على ركامها. وعليه نقول: لبعض اللبنانيين الذين لا يرغبون بالمقاومة ولا يريدون بلدهم سيداً حراً كريماً.
لقد سعيتم بكلّ ما أوتيتم من قوة لتقضوا على المقاومة وفشلتم، وكانت أمانيكم مع العدو «الإسرائيلي» للقضاء على المقاومة وخبتم.
واليوم: لا سحب ودائع النفط، ولا طرد العمال من دول الخليج، ولا جرّ اللبنانيين إلى حرب أهلية يمكن أن ينال من إرادة المقاومة والمقاومين.
استمرّوا في أباطيلكم المغرضة ونحن مستمرّون في ثباتنا، قابضون على الجمر. الأمس والآن وغداً ولن نسلّمكم بلادنا التي زرعتها دماء الشهداء كرامة وعزة وشرفاً.
(البناء)