بقلم غالب قنديل

أردوغان وحصرم حلب

ard

غالب قنديل

أشهر رجب اردوغان مجددا شروطه وطلباته في وجه سيده الأميركي في معرض المساومة على انخراطه في العمليات ضد داعش وهو يعرض مقايضة المساهمة التركية في التضييق على جناح القاعدة العثماني بزعامة أبوبكر البغدادي بتفعيل الحملة التي تستهدف الرئيس بشار الأسد والدولة الوطنية السورية ومحور رهانه إحياء مشروع منطقة حظر جوي في الشمال السوري بعدما رفض السيد الأميركي فكرة المنطقة العازلة بسبب العجز والاستحالة وليس لوقوعه في نوبة اعتدال مفاجئة.

أولا أحلام اليقظة العثمانية تدحرجت وفشلت بقوة قاهرة هي المعادلات والتوازنات العصية الحامية لاستقلال سورية انطلاقا من إرادة المقاومة التي يعبر عنها الرئيس الأسد كخياروكثقافة وتحملها القرارات والمواقف السورية في مسار القيادة الصعبة لمسيرة الدفاع عن البلاد بمواجهة الحرب الكونية التي تستهدفها ،هذه الإرادة تعبر عنها وتلتف حولها غالبية شعبية ساحقة فضحت فشل تنظيم الأخوان المسلمين وجماعات الإرهاب وجماعات المعارضة العميلة للغرب ولأتباعه العرب التي ليس بالصدفة ان معظم مقراتها في اسطنبول وغازي عينتاب تحت عباءة سلطان الوهم.

جهد رجب أردوغان كثيرا في محاولات لم الشتات ” المعارض ” الممتد من جماعات القاعدة والأخوان إلى حشود اللصوص والمرتزقة وبعض المجموعات البائسة من عجائز اليافطات اليسارية والقومية وتوهم أنه امام فرصة لتكوين قوة قادرة على النيل من الدولة الوطنية السورية لينتزع في أضعف الاحتمالات مساحة مؤثرة من النفوذ السياسي والاقتصادي التركي داخل سورية التي كان يتطلع لتحويلها إلى جرم يدور في فلك اسطنبول تحت رعاية الولايات المتحدة والحلف الأطلسي فتكون ممرا لأنابيب الغاز والنفط القطرية والسعودية إلى أوروبا بالشراكة مع إسرائيل وملحقا سياسيا لسلطان الوهم العثماني في لعبته الإقليمية والقارية تحت الرعاية الأميركية.

ثانيا تبخرت احلام أردوغان بوضع اليد على سورية أو بحيازة دور ما في إعادة تكوين توازنات دولتها فتراجع إلى خطة الاقتطاع والنهب بواسطة العصابات التي أقام لها منصاتها السياسية والإعلامية ومستودعات سلاحها ومعسكرات تدريبها وكانت الغزوة السلجوقية الجديدة لسورية على جولتين :

         الجولة الأولى كانت في أواخر عام 2012 عندما عينت المخابرات التركية واليا عثمانيا على سورية وقادت بواسطة كتائب تابعة لما يسمى بالجيش الحر هجوما عسكريا على محافظة حلب شاركت فيه حشود إرهابية متعددة الجنسيات أعدت في معسكرات تديرها المخابرات التركية ورفعت لتسهيله الأسلاك الشائكة على خط الحدود الدولية بينما حملت الأسلحة والمقاتلين شاحنات الجيش التركي وهذا الهجوم شهد حملة تدمير شاملة لتغطية أوسع عملية نهب منظمة تديرها مخابرات أجنبية في بلد مجاور فقد تم تفكيك 1300 معمل وخط إنتاج ونقلت إلى داخل الأراضي التركية بعد استحضار رافعات خاصة مجهزة وفرق مهندسين أتراك وتبدد الهجوم بقوة الاحتواء والهجوم السوري المعاكس الذي استند إلى وقفة شعبية حلبية مشرفة.

         الجولة الثانية جاءت بعد اندحار الموجة الأولى في مطلع العام الحالي 2014 ومع انتشار فرع القاعدة العثماني داعش في دير الزور والرقة ومباشرته في نهب النفط السوري وبيعه من تركيا برعاية سلطان الوهم وحيث تقدم السلطات التركية كل الاحتضان والمساندة اللوجستية والمالية والعسكرية لهذه القوة البربرية الغاشمة وقد تعاظمت في هذه الجولة مخاطر ارتداد الإرهاب إلى الغرب والخليج فبدأ سلطان الوهم يواجه الصعوبات والعقبات التي تنعكس في علاقته بسيده الأميركي مع شركائه الخليجيين الذي استغرقتهم أحلام اليقظة بالتخلص من سورية ورئيسها.

ثالثا حسابات المنطقة العازلة ومنطقة الحظر الجوي هي ذاتها حسابات الغزو العسكري الشامل لسورية وأردوغان وشركاؤه وممولوه في السعودية وقطر لم يدخروا جهدا طوال أربع سنوات لتحريض الإدارة الأميركية ولحثها على خوض المغامرة وقد قدمت الدوحة والرياض عروضا سخية جدا لتسهيل القرار وحمل وزيرا الخارجية السعودي والقطري اكياس المال وعروض الصفقات المغرية وسافرا إلى موسكو وبكين وطهران لفحص فرص خلخلة التحالفات السورية أولشراء الصمت على الأقل لتسهيل حملة عسكرية أميركية لاحتلال سورية وقد طالب أمير قطر والملك السعودي علانية بذلك ويعرف اردوغان انه حين أرسل طائرته لاختراق الحدود السورية في الشمال الغربي كان يحاول اختبار قدرته على شن حرب تستدرج الناتو من خلفه وجاءه جواب مجلس الحلف الأطلسي مخيبا وبقوة .

في اواخر الصيف الماضي وبعد عملية كيماوي الغوطة المدبرة التي عملت عليها المخابرات التركية مباشرة كما كشفت التقارير الصحافية شعر ادروغان انه أحرز النقطة التي حلم بها مع شركائه عندما أعلن اوباما عن قراره بضرب سورية وبالقدر نفسه حلت الفجيعة على حاكم اسطنبول مع تراجع الرئيس الأميركي امام معادلات الردع وحسابات الكلفة مع سورية العنيدة والعصية.

إنها الحسابات ذاتها التي تعززت أكثر مما مضى تسقط أوهام السلطان الافتراضي ومجرم الحرب رجب أردوغان زعيم الأخوان المسلمين والقاعدة وجماعات المرتزقة من الخليط الليبرالي القومجي واليساروي في واجهات المرتزقة الذين يمثلون خليطا كسمبوليتيا من عملاء المخابرات في العالم والمنطقة ….

إنها حكاية أردوغان مع سورية يدرسها الصغار عن الثعلب وحصرم حلب في قصيدة الشاعر المصري محمد جلال :

سعى فما أمكن أن يطلع فوق الخشب

فقال هذا حصرم رأيته في حلب

قال له العنقود بل خسئت فاذهب ياغبي

طول لسان في الهوى وقصر في الذنب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى