القطبة المخفيّة في الأحداث العربية بقلم: بنت الأرض
منذ أن بدأت الحروب بأشكالها المختلفة لتدمير الجيوش العربية وتفتيت البلدان العربية ، هذه الحروب التي أطلقوا عليها اسم “الربيع العربي” منذ ذاك التاريخ بدأ نهر جارف ملازم لهذه الأحداث يعصف بالقضيّة الفلسطينيّة ويخطط لإنهاء الصراع العربيّ-الإسرائيلي دون مؤتمرات أو مفاوضات أو اتفاقات وبسلاسة صامتة لا تلفت نظر أحد ولهذا لا يعترض عليها أحد. منذ بدء تلك الحروب بدأت موجات المهاجرين واللاجئين تطرق أبواب أوروبا وكندا وأستراليا ولا شكّ أن بعض الفلسطينيين اللاجئين في معظم الدول العربية كانوا ضمن هؤلاء الهاربين من العنف والموت. وقد تمّ وضع “تفصيل صغير” وتعميمه على الدول الغربية لدى استقبال هؤلاء اللاجئين وتمّ تسمية هذا التفصيل “بلا وطن”. هؤلاء الذين يصرّحون أنهم “بلا وطن” وأنهم يوقعون أنهم لن يعودوا إلى وطنهم أبداً تتم إجراءاتهم بسهولة ويسر ويحصلون على إقامة دائمة في البلاد التي وطأوها تمهيداً لمنحهم الجنسية، وهذا لا يعني طبعاً أنهم ستتم معاملتهم كأبناء البلاد والأمثلة كثيرة أمام أعيننا، فهناك أكثر من ستة ملايين من أصل مغاربي في فرنسا ومنهم من الجيل الثاني أو الثالث الذين ولدوا في تلك البلاد ومع ذلك ما زالوا يعاملون كمواطنين من درجة ثانية أو ثالثة ومازالت الدعوات العنصرية في تلك البلاد تدعو لتهجيرهم من هذه البلاد حتى لمجرد أنهم يحملون أسماء عربية أو إسلامية. السؤال هو إذاً لماذا يتمّ تسهيل الإجراءات لمن يعلن أنه “بلا وطن” أو يوقّع أنه لن يعود إلى بلاده أبداً؟ ومن هم العرب الذين تمّ استهدافهم في هذا الإجراء؟
العرب الذين تمّ استهدافهم في هذا الإجراء هم الفلسطينيون ومن هنا تمّ استهداف المخيمات الفلسطينية في مختلف الدول العربية وصدرت إجراءات في بلدان عربية تسهّل إتمام تصفية هذا الحقّ. وقد تمّ إلى حدّ الآن منح مئات الآلاف منهم إقامات دائمة في دول أوروبية وفي استراليا وكندا تمهيداً لمنحهم الجنسية بعد توقيعهم أنهم لن يعودوا إلى فلسطين أبداً، أي بعد تخليهم رسمياً عن “حق العودة” إلى فلسطين وجميعنا يعلم أن “حق العودة” هو القلق الأساسي للصهاينة وهو المعضلة التي لم يتمكن الكيان الصهيوني من حلّها وهو الكابوس لكلّ الإسرائيليين وأصدقائهم الذين يدخلون مفاوضات من أجل إيجاد حلّ للصراع العربي-الإسرائيلي. إذ بعد تمسّك الفلسطينيين بهويتهم وقراهم وبلداتهم وبعد أن أصبح “مفتاح الدار” هو رمز الصمود ورمز التصميم على العودة إلى الديار مهما طال الزمن ومهما تتابعت السنوات والأحداث بعد كل هذا خطط الصهاينة وأعوانهم وعملاؤهم أيضاً من الناطقين بالضاد لجحيم عربيّ تحت مسميّات “الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان” يهدف من ضمن ما يهدف إلى تصفية “حق العودة” وهي خطوة أساسية لتصفية حقوق العرب في فلسطين. ولا شكّ أن هذا ليس هو الهدف الوحيد ولكنه ترافق مع أهداف تدمير الجيوش العربية وآثار الحضارة العربية والدولة العلمانية ونموذج العيش المشترك وإعادة عجلة التنمية والتقدم في العراق وسورية ومصر واليمن والسودان وليبيا وتونس مئة عام إلى الوراء بحيث يبقى العرب لاهثين وراء لقمة العيش بينما يجلس خصومهم حول طاولات في مراكز أبحاث ويضعون الخطط الجهنمية لتصفية القضية الفلسطينية مرة وإلى الأبد. في هذه الأثناء يفكر فلسطينيون في كيفية الإستمرار في مراكزهم والإبقاء على امتيازاتهم بينما يجلس عرب آخرون بلباس عربي في اجتماعات الناتو كي يتعهدوا بتمويل أي عدوان على أي بلد عربي، ويحسبون أنهم نظراء من يجلسون معهم، غير مدركين أنهم مثار سخرية من قِبَل هؤلاء الذين يقفون صفاً واحداً ضد أمتنا ويجتمعون عبر المحيطات لاستكمال ذبح هذه الأمة بينما يجلس بعض العرب والمسلمين معهم ليموّلوا عملية الذبح هذه ويستكملوها. أي كلام يمكن لنا قوله بعد كل هذا؟