مؤتمر لندن: 11 مليار دولار لأزمة النازحين.. وحصة لبنان “قيد الدرس”: غاصب المختار
تحوّل مؤتمر «مساعدة سوريا والمنطقة» الذي انعقد في لندن، أمس، برعاية المملكة المتحدة وألمانيا والنروج والكويت والامم المتحدة وحضور نحو سبعين دولة، الى ما يشبه «المزاد العلني» لجمع التبرعات للدول المجاورة لسوريا لتمكينها من تحمل اعباء اللجوء السوري، ومنها لبنان، ونجح في تأمين 6 مليارات دولار للعام الحالي و5 مليارات الاعوام الاربعة المقبلة حتى العام 2020، كما شهد دعوات من الامين العام بان كي مون ورؤساء حكومات الدول الاوروبية الثلاث وامير الكويت الشيخ صباح الاحمد الصباح، لوقف الحرب في سوريا وتسريع الحل السياسي ووقف الاعمال العسكرية لادخال المساعدات الى السكان في مناطق القتال.
وحددت هيئات الامم المتحدة مبلغ 7.73 مليارات دولار للتغلب على ازمة هذا العام، إضافة إلى 1.2 مليار دولار أخرى مطلوبة لتمويل خطط قومية لاستيعاب اللاجئين في دول المنطقة .
واذا كان لبنان قد طرح في ورقة العمل حاجته الى 11 مليار دولارللسنوات الخمس المقبلة، فانه يحتاج هذا العام نحو مليارين و300 مليون دولار، ولم تعرف بالضبط حصة لبنان مما جرى إقراره من اموال، حيث أشار مصدر في الوفد اللبناني إلى المؤتمر أن حصة لبنان ستقرر بعد دراسة ورقة العمل التي قدمتها الحكومة اللبنانية.
وقد حضر المؤتمر بشكل غير متوقع وزير الخارجية الاميركية جون كيري حيث عقد لقاءات مع رؤساء وزراء بريطانيا وألمانيا وفرنسا للبحث في تفاصيل المؤتمر، فيما تبنى كل من رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون، والنروج ايما سولبيرغ والمستشارة الالمانية انجيلا ميركل وامير الكويت، ولو بشكل غير مباشر، في كلماتهم مضامين ورقة العمل اللبنانية التي تقوم على دعم التعليم الرسمي والبنى التحتية للمجتمعات المضيفة واقامة مشاريع انتاجية.
واعلن الشيخ صباح في كلمته تعهد الكويت بتقديم 3 مليارات و300 مليون دولار، وتعهدت ميركل بتقديم مليار ومائة مليون يورو، منها 750 مليونا لبرنامج الغذاء العالمي، و200 مليون لتغطية توفير فرص عمل، ومليار للسنة الحالية والسنة المقبلة لدعم البلديات في المجتمعات المضيفة، اضافة الى 1900 منحة دراسة جامعية للطلاب السوريين. كما اعلنت رئيسة وزراء النروج تقديم مليار و16 مليون دولار للسنوات الاربع المقبلة، منها 280 مليون دولار لهذه السنة.
اما كاميرون المضيف فتعهد أن تقدم المملكة المتحدة مبلغا إضافيا يصل إلى مليار و200 مليون جنيه استرليني (مليار و800 مليون دولار) حتى سنة 2020، لكن هذا المبلغ سوف يرتفع في السنوات القادمة ليصل الى مليارين و300 مليون جنيه. وقال: نهجنا الجديد لجمع الأموال هو لأجل بناء الاستقرار وتوفير فرص العمل والتعليم ويمكن أن يكون له أثر كبير على المنطقة، وسيكون نموذجا نحتذي به مستقبلا في جهود الإغاثة الإنسانية.
وركز رئيس الحكومة تمام سلام في كلمته في الجلسة الافتتاحية على ضرورة الاستجابة لمتطلبات الدول المضيفة والا سيفوت الوقت، مشددا على ضرورة الايفاء بالالتزامات الدولية وعلى تفعيل نظام التعهدات الحالي وإيجاد طرق جديدة تضمن دفع المساهمات بصورة فعلية، فيما ركز ملك الاردن عبد الله الثاني ورئيس وزراء تركيا احمد داوود اوغلو على تسريع الحل السياسي ودعم الدول المضيفة للنازحين.
وتحدث بعد الجلسة الافتتاحية عدد من ممثلي الدول السبعين منهم مندوب الامارات العربية المتحدة واليابان.
كلمة سلام
وأشار سلام في كلمته إلى أن «المأساة التي أصابت السوريين ودفعت اعداداً هائلة منهم الى النزوح هرباً من المذبحة الدائرة في بلادهم، لم تقتصر آثارها عليهم وحدهم، بل تعدّتهم لتطال شعوباً وبلداناً أخرى. فالفقر والبؤس اللذان حملهما مليون ونصف مليون نازح سوري الى لبنان، فاقما الفقر والبؤس الموجودين اساساً في بلدنا، وساهما في توليد آفات ناجمة عن الاكتظاظ الهائل والظروف غير السليمة التي يعيش فيها النازحون، في بلد يعاني اصلاً من محدوديّة الامكانات وضعف الخدمات».
ولفت الانتباه إلى أن «لبنان وحكومته، اللذين يعتبران أن وجود النازحين السوريين على الارض اللبنانية لا يمكن أن يكون الّا مؤقتاً، تعاملا مع الوافدين بما يفوق ما تفرضه المعاهدات الدولية وما تقتضيه القيم الاخلاقية وحقوق الانسان».
وتحدث سلام عن «ثمن كبير دفعه الاقتصاد اللبناني». ورأى أنه «مضى وقت طويل قبل أن يعي العالم أن أزمة سوريا لن تنتهي سريعاً وأن يعترف بأن المطلوب هو دعم طويل الأمد، وقبل الاعتراف بأن المساعدات الانسانية المحدودة لا تشكّل حلاً، ولإدراك ان المساعدة المخصصة للتنمية هي الطريقة الوحيدة للتعامل مع الأزمة، لأنها تفتح آفاقا اقتصادية وتخلق فرص عمل، بما يؤدي الى تأمين مصادر دخل للنازحين».
وشدد على أن الحل الوحيد للأزمة السورية هو حلّ سياسي، وأن النهاية الوحيدة لمأساة النازحين تكمن في عودتهم الى حياتهم الطبيعية في بلدهم. أضاف: على العالم أن يدرك ان هناك خطراً فعليا من تدفق موجات نزوح جديدة الى ما هو أبعد من دول الجوار السوري، وأن يتنبّه الى عدم تحويل تجمعات النازحين الى أرض خصبة للارهاب.
ودعا إلى إدخال التغييرات اللازمة على المقاربة المعتمدة حتى الآن وإدخال تحسينات على آليات المساعدة، عبر تفعيل نظام التعهدات الحالي وإيجاد طرق جديدة تضمن دفع المساهمات بصورة فعلية.
ودعا إلى «رِباط يترجِم التعهدات المعلنة التزاما أخلاقياً، والالتزام الأخلاقي دعماً فاعلاً ذا نتائج ملموسة. إنّني أعني بذلك مشاريعَ وبرامج وفرصَ عمل ومقاعد في المدارس وحملات تلقيح…».
وشدد على أن لبنان «غير قادر وحده على تمويل هذا العبء الهائل»، مشيراً إلى أن لبنان «سيصبح في وقت قريب عاجزاً عن منع انطلاق موجات من النازحين الى شواطئ بعيدة، مع كل ما تمثّله من تهديد للأمن الاستقرار».
لقاءات
وعقد سلام خلال انعقاد المؤتمر، لقاءات مع كل من كاميرون وميركل وسولبير، ورئيس وزراء هولندا مارك روت، واوغلو، ومع مساعدة وزير الخارجية الاميركية لشؤون اللاجئين والسكان والهجرة ان ريتشارد، ومديرة وكالة الامم المتحدة للاجئين هيلين كلارك، تركزت على سبل تنفيذ الالتزامات الدولية وتفاصيل الحاجات اللبنانية. وشارك في هذه اللقاءات وزير التربية الياس بوصعب والسفيرة اللبنانية في لندن انعام عسيران والمستشار شادي كرم.
وعُقد بعد الجلسات الافتتاحية والعملية، مؤتمر صحافي للجهات المضيفة، تخللته مداخلة لسلام.
والتقى سلام في مقر إقامته رئيس البنك الاوروبي لاعادة الإعمار والتنمية.
وفي ختام المؤتمر عبّر سلام عن ارتياحه لما خرج به المؤتمر، وقال: «نحن راضون جميعا عن النتائج والتعهد بما يقارب الـ 11 مليار دولار، ويبدو أنها المرة الاولى التي يصل فيها تعهد مالي الى هذا الرقم»، مشدداً على «اهمية هذا التعهد وتسهيله، مع تأمين الآليات الضرورية لإتاحة تقديم المبالغ ودفعها وإرسال كل هذه الاموال والهبات الى الدول المحتاجة، وتلبية كلفة العمل الذي يتم تنفيذه، أكان في التربية او التعليم أو فرص العمل والفرص الاقتصادية لسد احتياجات أوجه هذه الازمة ككل».
وتابع: «كلنا ملتزمون في الصفوف الاولى لمواجهة هذه الازمة وهذا النزاع لتأمين الضيافة من مساعدات وتدابير ضرورية للمحافظة على النازحين في منازلهم دافئين، وفي الاماكن التي تستضيفهم، وليتلقوا التربية والتعليم والغذاء، مع المحافظة على كرامتهم ومشاعرهم الانسانية».
وشدد على أهمية الوصول الى حل سياسي للازمة السورية وللاوضاع الاخرى المتعددة في المنطقة والعالم.
وختم: «نحن لن نستسلم وسنمضي قدما، ونتطلع الى اجتماعات ومؤتمرات أخرى في المستقبل لنتقاسم ونتشارك الصعوبات».
(السفير)