بقلم ناصر قنديل

علام يستند السيّد؟

nasser

ناصر قنديل

منذ مدة غير وجيزة والسيد حسن نصرالله يشدّد على أن في مستطاع اللبنانيين إذا شاؤوا أن يلبننوا الاستحقاق الرئاسي وأن ينجزوه بسرعة، وليس خافياً أنّ في ذهن السيّد مقصد يتصل باليقين بأنّ التفاهم بين المرشح الطبيعي الذي يدعمه لرئاسة الجمهورية، وهو العماد ميشال عون، والمرشح الطبيعي الذي لم يعد يمانع به وهو الرئيس سعد الحريري، كاد يتمّ لولا الفيتو السعودي، أيّ لولا ارتضاء تيار المستقبل الخروج من اللبننة إلى الأقلمة في مقاربة الاستحقاق الرئاسي .

في كلّ مناسبة يعيد السيد التأكيد على مقولته بفرصة اللبننة، ويشدّد على أمرين مترادفين لتدعميها وإسناد دعوته إليها، الأول أنّ حلفاء المقاومة ليسوا طرفاً في التدخل مع المقاومة ومعسكرها في ترجيح كفة خيار على خيار في هذا الاستحقاق، والثاني أنّ الرهان على العامل الإقليمي في المقلب الآخر في غير مكانه لأنّ التطورات الآتية والتغييرات المرتقبة لن تكون في صالح حلفاء خصومه الإقليميين، لكنه يختم بالإفساح في المجال ليخوض هذا الفريق رهاناته ويختبر خياراته، ويعود إلى التوافق اللبناني الداخلي، وبدون تغيير من جانب المقاومة بشروطها وموقفها، لأنها لا تبني خياراتها على موازين القوى ولا تريد صيغة غالب ومغلوب في الداخل اللبناني.

تقول تجربة المقاومة ومكانتها لدى حليفيها الأقرب، سورية وإيران، كما يروي مسؤول إيراني، إنها موضع ثقة في حساباتها وحكمتها ورؤيتها، لدرجة أنها لا تسأل عن قراءاتها، وتمحض الثقة غيباً على ما تراه، ويقول هذا المسؤول إنه في حوار مع مسؤول غربي كبير، أجاب لدى سؤاله عما يمكن أن تقوم به إيران للمساعدة في حلحلة الاستحقاق الرئاسي، بالقول بأن نعطيكم الوصفة السحرية التي نعتمدها ليكون بالنا مرتاحاً تجاه لبنان، وهي التواصل مع سماحة السيّد والثقة بحرصه وحكمته، مضيفاً، انه من المستغرب أن تكون دولة هامة مثل دولتكم تتطلع إلى دور هامّ في الشرق الأوسط لا تملك علاقة حوار مع القوّة الأهمّ في المنطقة التي يشكلها حزب الله، ومع القائد الواسع المدى في معارفه وإدراكه والحكيم في نظرته وقراره.

تقول الوقائع ما يؤكد التحليل وما تسنده المعلومات أيضاً، إنّ إيران وسورية قد أنجزتا الكثير لمساندة رؤية المقاومة التي يجسّدها السيّد نصرالله، على المستوى الدولي، بإقناع روسيا بتبنّي رؤيتيهما القائمة على مساندة وتدعيم ما يراه السيّد نصرالله، وبالتعاون مع روسيا لجعل سقف التطلع الغربي الأميركي والأوروبي من الرئاسة اللبنانية هو إنجاز استحقاقها لتزخيم وتفعيل مؤسسات الدولة من جهة، وتوفير أوسع توافق لبناني حول خيارات الرئاسة بما يضمن أعلى منسوب استقرار داخلي من جهة أخرى، ومن جهة ثالثة الوقوف على رضا حزب الله عن هذه الخيارات باعتباره القوة اللبنانية الوحيدة التي تؤدّي دوراً استثنائياً مرموقاً في الحرب على الإرهاب يستدعي ضمان جبهتها الداخلية وحماية ظهرها، باعتبار البعد الإقليمي الدولي الرئيسي في الرئاسة، ثلاثية الإنجاز والتوافق وشعور حزب الله بالرضا.

لم يتبقّ إلا السعودية بين كلّ الأطراف الدولية والإقليمية، من المتعاطين مع لبنان وفي الشأن اللبناني، تقارب الاستحقاق من باب التمسك بإبداء رأي بمرشح قبولاً ورفضاً، والإصرار على شراكة في إنجاز الرئاسة، بغير معيار، التمسك بالوقوف على رضا تيار المستقبل، كما تحرص سورية وإيران على رضا حزب الله، بل ما يبدو هو العكس، الإمساك بالاستحقاق الرئاسي من يد تيار المستقبل للدخول في حسابات ومساومات وقت الحاجة، ربما تتخطى وتتجاوز مصالح تيار المستقبل، لتصير الرئاسة بين السعودية وحزب الله، وسائر الدول الإقليمية والدولية تتمنّى لهما قرب التفاهم.

– تقول مواقف السيّد كما تقول سياسات السعودية إنّ التوتر بينهما ليس قريب الأفول، ولا يبدو أنّ زمن المساومات والمفاوضات بين السيّد والملك قريب الحدوث، بل يبدو أنّ رهان السيّد هو على فشل رهانات الملك، وصولاً إلى إعادة الأمانة الرئاسية إلى أصحابها اللبنانيين في تيار المستقبل، وعندها تنفتح أبواب الانتخاب.

(البناء)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى