طريق «الجنرال» إلى بعبدا لا تمر في بيت الوسط: نبيل هيثم
كل القوى السياسية على ضفتي الانقسام الداخلي، تسلّم ضمنا باستحالة انعقاد جلسة 8 شباط الرئاسية، لفقدانها النصاب، العددي والسياسي والميثاقي. ومع ذلك، يتعمّد البعض مقاربة الجلسة، كمناسبة للتمريك السياسي، وللفرز بين “قوى حريصة على التعجيل بإتمام الاستحقاق” و “قوى حريصة على التأخير والتعطيل”. وحفلة التمريك هذه ستحتدم اعتبارا من 8 شباط وستستمر الى أجل غير مسمى. واما “حزب الله” فسيكون كالعادة، اول المستهدفين .
ميشال عون، وبرغم الشحنة المعنوية التي تلقاها من السيد حسن نصرالله، لن ينزل الى جلسة 8 شباط، وسيجاريه الحزب في ذلك. واما الذريعة فهي ان عون لن يدخل جلسة انتخاب رئاسية مع مرشح آخر، وهو ما زال ينتظر من يبلغه الجملة السحرية: “سليمان فرنجية سحب ترشيحه”.
كان الافق العوني مسدوداً من هذه الناحية، ومن الطبيعي في هذه الحالة ان يطول الانتظار، خاصة وان لفرنجية شخصيته، استقلاليته، وقراره. هو يرفض إلغاءه، ولذلك هو مصمم على المضي بترشيحه اكثر من اي وقت مضى، خاصة وانه في لغة الارقام تبدو حظوظه اكبر.
لا يلقي فرنجية الكرة هنا في ملعب عون وحده، بل في ملاعب كل الآخرين. فهو من جهة يقطع الطريق على اية محاولات او ضغوط او وساطات او تمنيات، يمكن ان تطلق من هنا وهناك لاحراجه واخراجه من نادي المرشحين. وهو من جهة ثانية، يسعى الى تحصين ترشيحه اكثر، وهذا لا يتم الا بمبادرة سعد الحريري سريعا الى اعلان ترشيح فرنجية رسميا لرئاسة الجمهورية، اذ لم يعد للصمت ما يبرره في هذه المعركة الاخذة في الاحتدام اكثر فاكثر.
تيار “المستقبل”، وبصورة غير رسمية، يقدم فرنجية مرشحا رئاسيا وحيدا، وعلى اساس هذا الترشيح سينزل الى جلسة 8 شباط.
لكن يبدو أن التطورات الاخيرة أملت على “المستقبل” الذهاب الى الترشيح العلني، وبات المعنيون في هذا الجانب على يقين بأن اعلان الترشيح صار ضرورة، وكلما تأخر الاعلان يفقد الترشيح شيئا من بريقه وفعاليته. وثمة مؤشرات جدية على ان الاعلان الرسمي لهذا الترشيح قد يتم قبل 14 شباط (ذكرى اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري)، وربما في اطلالة تلفزيونية لسعد الحريري.
وكما لفرنجية اسبابه التي توجب عليه الاصرار على ترشيحه، فلسعد الحريري اسبابه التي تفرض عليه التمسك بفرنجية، ومن بين أبرز تلك الأسباب:
ـ ليس لأحد الحق في مصادرة الترشيح للرئاسة واحتكاره كحق حصري له، وبالتالي ترشيح فرنجية اكثر من طبيعي وفي صلب اللعبة الديموقراطية.
ـ ان الحريري وفرنجية من جيلين متقاربين، تجمعهما عقلية شابة ومنفتحة في مقاربة الامور، من شأنها – إنِ اشتركا في الحكم ـ ان تفتح باب الانسجام السياسي والتفاهم في ما بينهما على مصراعيه.
ـ مساحة التأييد الداخلي الواسعة لوصول فرنجية الى الرئاسة، وهذا ما تجمع عليه الاحصاءات الداخلية كلها والتي تدفع فرنجية لأن يتمسك بترشيحه ملقيا كرة الانسحاب في الملعب البرتقالي.
ـ الخشية من ان يؤدي وصول ميشال عون الى الرئاسة الى محاولة طرح اتفاق الطائف على بساط البحث، والدخول في متاهات سياسية جديدة حول شكل النظام وصيغة الحكم بشكل عام، وصولا الى محاولة فرض اعراف جديدة في طريقة الحكم، لا تنسجم مع طبيعة الحكم والنظام في لبنان.
ـ العلاقة غير المستقرة ما بين عون وغالبية القوى السياسية. حتى مع سمير جعجع، برغم مبادرة الاخير الى تبني ترشيحه، فتاريخهما الصدامي يجعل هذا الترشيح قابلا للتداعي في بازار البيع والشراء في اية لحظة.. ولننتظر لنرى.
ـ إن وصول عون الى الرئاسة في ظل هذا الاشتباك، معناه منحه ورقة قوة في وجه كلّ الاخرين، لا بل تغليبه عليهم. والتجارب الرئاسية اللبنانية كلها تؤكد على انه يستحيل الذهاب الى عهد رئاسي يتحكم فيه منطق الغالب والمغلوب.
تلك الاسباب وغيرها، كما يراها مسؤولون في تيار “المستقبل”، لا تبدل منها او تعدل فيها المحاولات البرتقالية الحثيثة التي تجري، علنا أو سرا واما مباشرة او عبر وسطاء، لفتح القفل الازرق المكتوب عليه «طريق عون الى الرئاسة لا تمر في بيت الوسط”، بحسب وزير بارز في تيار “المستقبل”، في رأيه، قد لا يبدو اتمام الاستحقاق الرئاسي وشيكا، كما لا افق مفتوحا امام ترشيح عون.. ومع ذلك ينتظر “المستقبل” ان يلاقي عون فرنجية في منتصف الطريق ويبادر الى سحب ترشيحه.
(السفير)