مقالات مختارة

«طوق حلب».. الكيلومترات الثلاثة الأخيرة علاء حلبي

 

تواصل قوات الجيش السوري، والفصائل التي تؤازرها، العملية العسكرية الكبيرة في ريف حلب الشمالي، والتي تهدف إلى إتمام طوق حماية في محيط المدينة يعزل المسلحين الموجودين داخل الأحياء الشرقية وأحياء المدينة القديمة عن الريف الشمالي المفتوح على تركيا، بعد أن نجحت بتوسيع دائرة الطوق في الريفين الشمالي والجنوبي وصولاً إلى الجنوبي الغربي، حيث تمكنت من اختراق دفاعات وتحصينات الفصائل المسلحة وحققت تقدماً كبيراً عبر سيطرتها على قرية حردتنين الإستراتيجية، الأمر الذي فتح لها المجال للوصول إلى قريتي نبّل والزهراء، المحاصرتين، والواقعتين على بعد أقل من ثلاثة كيلومترات في الريف الشمالي.

وأكد مصدر ميداني، لـ «السفير»، أن قوات الجيش السوري، والفصائل التي تؤازرها، تمكنت بعد اشتباكات عنيفة من السيطرة على كل من دوير الزيتون وتلجبين وحردتنين، وهي قرى إستراتيجية تمكن قوات الجيش السوري من الوصول إلى نبّل والزهراء.

وأشار المصدر إلى أن اشتباكات عنيفة وقعت في قرية رتيان التي يتوقع سقوطها خلال الساعات المقبلة، بالنظر إلى حجم القوة التي تستعملها قوات الجيش السوري، والغطاء الجوي الذي توفره الطائرات الروسية، مقارنة بتشتت دفاعات الفصائل المسلحة على جبهات القتال.

وبالتزامن مع عمليات الجيش السوري، فتحت قوات الدفاع الأهلية الموجودة في قريتي نبّل والزهراء معارك جانبية نحو قرية ماير، الأمر الذي زاد من تشتيت الفصائل المسلحة وساهم بتسريع وتيرة العمليات.

وبالرغم من تزامن المعارك في ريف حلب الشمالي مع مؤتمر «جنيف 3»، وما تحمله من رسائل للمتفاوضين في جنيف، يرى مصدر عسكري أن «هذه العملية المنتظرة جاءت في وقتها، لإتمام المشروع المحيط بحلب من الشرق وصولاً إلى الجنوب الغربي، لتأتي هذه الخطوة وتعزل حلب بشكل كامل».

وإضافة إلى تشكيل طوق يعزل المسلحين الموجودين داخل حلب عن الريف الشمالي المفتوح على تركيا، ما يمهد لحصار خانق للمسلحين وإخراجهم من أحياء المدينة بأقل مجهود ممكن، توفر هذه المعركة رصيداً بشرياً مهماً من المنتظر إلحاقه بعمليات الجيش السوري، من المقاتلين الموجودين في قريتي نبّل والزهراء المحاصرتين منذ نحو 4 سنوات.

كذلك، تشكل معارك «طوق حلب»، وفق تعبير مصدر عسكري سوري، ضربة قاصمة لتركيا، التي كانت تقدم دعماً كبيراً للفصائل المقاتلة على امتداد الريف وصولاً إلى داخل أحياء المدينة، خصوصاً أن المدينة شكلت خلال السنوات الثلاث الماضية «بيضة القبان» في الملف التفاوضي حول سوريا، على اعتبار أنها مناطق نفوذ للفصائل المسلحة.

وإلى جانب الاقتراب من إتمام الطوق، بدأت قوات الجيش السوري الاستعداد لاختراق مدينة الزربة، آخر معاقل المسلحين في الريف الجنوبي الغربي لحلب، والتي توقفت بسبب سوء الأحوال الجوية، الأمر الذي يساهم بزيادة تشتيت قوة الفصائل المسلحة على أكثر من جبهة، ويفتح الباب أمام احتمالات عديدة، بينها ربط الغرب بالشمال، أو التوجه نحو طريق دمشق الدولي عبر سراقب، أو حتى التوجه نحو كفريا والفوعة المحاصرتين في إدلب.

عمليات الجيش السوري على محور ريف حلب الشمالي، والتي تأتي بعد عام كامل على توقفها، تتمتع هذه المرة بميزة التفوق الجوي الذي يغطي المنطقة الشمالية وصولاً إلى الحدود مع تركيا، إضافة إلى القدرة على المناورة الليلية، وهي ميزات كانت تفتقدها المقاتلات السورية، أمام التدخل التركي المباشر ودعم الفصائل المسلحة المستمر، وفق مصدر ميداني.

ويبدو أن قوات المشاة في الجيش السوري عازمة على إنهاء الطوق بأسرع فترة ممكنة، للتفرغ لخيارات أخرى، وتفعيل ملف المصالحات داخل أحياء حلب، وتركيز المعارك على محوري «داعش» شرق حلب، وفصائل «جيش الفتح» في إدلب انطلاقاً من الجنوب، برغم أن القوات الموجودة على المحور الشمالي تكاد تكون منفصلة عن تلك المقاتلة على المحورين الآخرين، ما قد يفتح الباب أيضاً نحو التوغل في الشمال وقضم المناطق بشكل متتال، خصوصاً أن الأرض ممهدة وسط حالة الاقتتال الدائم بين الفصائل من جهة، وطبيعة المنطقة السهلية، إضافة إلى وجود عنصر التفوق الجوي، الذي تمكن من «قطع اليد التركية»، وفق تعبير مصدر عسكري سوري.

(السفير)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى