مبادرة نجاح واكيم
غالب قنديل
بينما يترنح واقع السلطة السياسية في لبنان وتتزايد المعاناة الشعبية في مختلف المجالات طرح رئيس حركة الشعب المناضل نجاح واكيم مبادرة سياسية كانت محور خطابه في احتفال الحركة بذكرى انطلاقها ومع استعدادها لعقد مؤتمرها التنظيمي ومحور هذه المبادرة هو السعي إلى كتلة او جبهة تضم جميع القوى السياسية المؤمنة بالتغيير والتي تلتقي على الدعوة إلى قانون انتخابات نسبي خارج القيد الطائفي لإعادة بناء الدولة اللبنانية ومؤسساتها المتداعية التي عشعشت فيها قواعد التقاسم والخصخصة والنهب المتواصل للمال العام ومظاهر الفساد المستشري على قاعدة العجز عن حل أبسط المشاكل (أزمة النفايات كمثال صارخ) التي يعاني منها المواطنون بمعظم فئاتهم الاجتماعية من الطبقات الوسطى المنهارة والشرائح الرأسمالية المنتجة التي يحاصرها خطر الإفلاس إلى سائر الطبقات الشعبية الفقيرة والمسحوقة.
يتوجه واكيم بمبادرته إلى شركاء فعليين في هذا التوجه ويخاطب حشدا من الأحزاب والقوى والتنظيمات الناصرية واليسارية والعلمانية وهو يقترح أرضية للنقاش بين هذه القوى التي أكد قرار الحركة بالاتصال بها وهذه الأرضية هي كناية عن برنامج لإعادة بناء الدولة يمكن تطويره والبحث في بنوده واولوياته السياسية بروح الشراكة بين القوى المعنية باللقاء والعمل المشترك وبالاستناد إلى تطوير الحراك الشعبي الذي شهدته البلاد مؤخرا وشاركت فيه حركة الشعب بقوة وفاعلية من موقعها الوطني وبزخمها الشبابي مع قوى وتنظيمات حليفة.
إن التيار الوطني التغييري العلماني يمثل قوة لايستهان بوزنها في المجتمع اللبناني وهو يضم قوى وهياكل حزبية وجيشا من المناضلين المجربين داخل الأحزاب وخارجها ورد الاعتبار لفكرة التغيير سيحرك كثيرا من المياه الراكدة ويحولها إلى روافد لهذا التيار الذي تحتاجه الحياة السياسية ويمكن له ان يلعب دورا مهما في الواقع اللبناني لأن فيه عددا كبيرا من الرموز التي تتمتع بمصداقية كبيرة وباحترام شديد في صفوف الشعب اللبناني ولعقود مضت كما هي حال النائب السابق واكيم ورفيقه زاهر الخطيب اللذين تقدما الصفوف في معركة إسقاط اتفاق 17 أيار وغيرهما الكثير من الشخصيات والقوى والأحزاب التي تدعو إلى التغيير وتتبنى شعارات سياسية تقدمية والتي يمثل تلاقيها على برنامج انتقالي موحد نواة لكرة ثلج يمكن ان تكبر وتتوسع دوائر استقطابها نحو أكبر حزبين علمانيين في لبنان كالحزب الشيوعي والحزب السوري القومي الاجتماعي .
المهم هو التقاط اللحظة المناسبة وامتلاك الإرادة السياسية لبناء كتلة تغييرية ستكون حال تبلورها قطبا جاذبا في المعادلة السياسية وستنعش فرص انبثاق حركة شعبية ناهضة ومتحركة في اتجاه قيادة التغيير السياسي والاجتماعي الذي يطول الحديث عن مدى الحاجة إلى فرضه وهو بات حاجة حيوية لمجرد الاستقرار السياسي والاجتماعي في البلاد ولتحصين المناعة الوطنية ضد التهديد الصهيوني واحتضان المقاومة عبر السير إلى إقامة سلطة سياسية جديدة تتبناها خيارا واضحا وهوية للدولة الوطنية وترفض المساومة عليها بأي شكل ومع أي كان في الداخل او الخارج والتصدي للخطر التكفيري الذي يهدد كل لبنان وهو ضرورة لكنس هيمنة الرأسمالية المتوحشة التي استنزفت الاقتصاد الوطني وارهقت المجتمع وعممت الفساد .
مبادرة حركة الشعب هي خطوة في الاتجاه الصحيح ونجاحها سيكون نقلة هائلة وتقدمية في تاريخ لبنان المعاصر وهي تستحق كثيرا من الصبر والحكمة والتعالي على العصبيات الحزبية والتنظيمية والمرونة في احتواء الاختلاف والتمايز بين القوى والأحزاب المقترحة على جدول جولات الحركة واتصالاتها خلال الأسابيع المقبلة كما وعد رئيسها .