ثلاثة تحديات استراتيجية: آري شبيط
ثلاثة تحديات تقف أمام دولة إسرائيل الآن: اليمين القومي المتطرف، اليسار المتطرف والوسط السطحي.
اليمين القومي المتطرف. يدعي الكثيرون أن حزب العمل هو المسؤول عن اقامة المستوطنات. هذا غير دقيق. صحيح أن يغئال ألون اخطأ في الخليل (كريات أربع). واسحق رابين فشل في سبسطيا. لكن عندما حدث الانقلاب في 1977 كان عدد المستوطنين في المناطق ضئيل. كانت تلك حكومة اليمين لمناحيم بيغن واريئيل شارون التي أقامت 150 مستوطنة في أرجاء الضفة الغربية وايضا خضعت للحريديين وقطعت نمط النمو العالي للاقتصاد الإسرائيلي وتورطت في الحرب المدمرة في لبنان.
مع مرور الوقت تحولت القومية إلى قومية متطرفة. فقد نزعت عن نفسها الليبرالية لبيغن والتنور لمريدور والنزاهة لريفلين. وحولت نفسها إلى قوة سياسية محرضة فظة تعمل بشكل غير عقلاني وبدون قيود. في العقد الحالي ما بعد الصهاينة في اليمين القومي المتطرف هم الذين يدمرون المشروع الصهيوني. الاصوليون تجاه البلاد يخدمون أعداء الأمة من خلال محاولتهم خلق كيان سياسي ثنائي القومية يكون فيه اليهود أقلية. ويقومون ايضا بتدمير القيم الديمقراطية ويحطمون معايير الحكم السليم ويخلقون مجتمعا منقسما وخائفا وكارها للأغيار. وهم يحطمون حلم هرتسل يوما بعد الآخر.
اليسار المتطرف. فشل اليمين الإسرائيلي العميق كان يفترض أن يُمكن اليسار الإسرائيلي المعتدل من الانتصار واسترجاع الحكم. لكن اليسار المعتدل لا يمكنه فعل ذلك لأنه مستهدف من الداخل، من اليسار البعيد. وخلافا لآبائه وأمهاته في حزب العمل التاريخي، اليسار المتطرف لا يبني بل يفكك وهو ليس ايجابيا بل مدمرا.
هل قرأتم في الآونة الاخيرة ما يقترحه هؤلاء الاشخاص عن كيفية انهاء الاحتلال، رغم أنه في ظروف الشرق الاوسط تحول سلام اوسلو إلى أمر غير ممكن؟ هل سمعتم عن خطة شاملة لاعضائه حول كيفية تحويل إسرائيل إلى دولة مساواة وعدل وازدهار؟ لا يوجد. لا توجد فرصة. موقف اليسار المتطرف هو موقف سلبي مبني على الانتقاد، الانتقاد والانتقاد. هل توجد تبادلية بين الاصوليين من اليمين واليسار؟ لا. لكن يوجد بينهم تعاون مخفي. بكونهم لا يقترحون بديلا حقيقيا، اليسار المتطرف يساهم بشكل كبير في تخليد سلطة اليمين القومي المتطرف.
الوسط السطحي. منذ اقامة دولة إسرائيل يوجد فيها حزب وسط قديم (العمل). وفي الاربعين سنة الاولى وجدت فيها ايضا احزاب وسط اخرى متبدلة. كل هذه الحركات مثلت في الماضي وتمثل في الحاضر الواقع الإسرائيلي السليم للبراغماتية بالازرق والابيض. لكن منذ انهيار مبادرة السلام لاهود باراك في 2000 لم تقم أي حركة في بلورة خطة سياسية جدية وابداعية وملزمة ولم تقدم صيغة مدنية ـ اجتماعية شاملة تقوم باعادة اصلاح الجمهورية الإسرائيلية. حتى الآن لم يقترح الوسط الإسرائيلي على المواطنين في إسرائيل الطريق الثالثة التي اقترحها طوني بلير في الماضي على البريطايين وبيل كلينتون على الأمريكيين. التردي المتواصل للوسط لم يسمح له بالاتحاد وزيادة قوته والتحول إلى قوة رائدة تعمل على تغيير اليمين وتعيد تعريف الدولة اليهودية الديمقراطية من جديد.
كما قيل لنا هذا الاسبوع في المؤتمر الهام لـ «آي.إن.اس.اس»، فان إسرائيل تتعرض لتهديدات خارجية كثيرة: إيران، حزب الله، الفوضى العربية والجهاد الإسلامي، الـ بي.دي.اس. لكن التهديد الاستراتيجي الحقيقي لـ 2016 هو التهديد الداخلي: الفراغ الفكري والقيادي وفراغ الهوية في مركز حياتنا. التجدد فقط والاتحاد وتعميق الوسط الإسرائيلي سيسمح لدولة إسرائيل بالتغلب على الخطر.
هآرتس