“المستقبل” يلوّح بسلاح خصومه: المقاطعة لمواجهة ترشيح عون: ايلي الفرزلي
البيان الهادئ لـ «كتلة «المستقبل» لا يعكس حقيقة ردود الفعل المستقبلية إزاء خطوة ترشيح الحليف سمير جعجع للخصم ميشال عون. هذا لا يعني أن الصدمة تعتري وجوه المستقبليين. معظمهم كان يراهن أن هذه الخطوة آتية لا محالة. بعضهم يعتقد أن جعجع حمل ورقة ترشيح عون منذ وقع معه ورقة النوايا. كما نقل عن زوار الرئيس سعد الحريري الذين عادوا أمس من جدة، بعد اجتماع كان مقرراً قبل ترشيح عون، أنه لم يكن مستغرباً الخطوة أيضاً .
هذه التوقعات لم تترجم إلى معلومات، إلا بعد الإعلان الرسمي عن الترشيح. أما الحديث عن إبلاغ «القوات» لقوى «14 آذار»، في الاجتماع الأخير، عن نيته القيام بخطوته، فينفيها «المستقبل». جل ما حصل أن «القوات» طلبت من حلفائها أن لا يكون هنالك ردات فعل، إذا حصل هذا الترشيح.
لم يعد الشكل مهماً، بعدما صار الإعلان أمراً واقعاً. ولهذا تفضل الكتلة الأكبر في المجلس النيابي التعامل مع الواقع كما هو. وهو يشير إلى أن خيار الحليف القواتي لا يتناسب مع خيار «الكتلة»، التي زاد إصرارها على ترشيح النائب سليمان فرنجية والسعي لإيصاله إلى قصر بعبدا، معتمدة على تأكيد الأخير أنه ماض في ترشيحه. لكنها مع ذلك، مقتنعة أن هذا الترشيح يمكن التراجع عنه إذا أراد «حزب الله».. خاصة أن فرنجية لمّح إلى أنه لم يغلق الباب أمام احتمال تنفيذه لما سبق أن أعلنه من تأييد لعون في حال كان له فرصة. ولذلك، فإن المفصل في هذه القضية يبقى موقف «حزب الله» من ترشيح عون. تترقب قيادة «المستقبل» هذا الموقف، وما يمكن أن ينتج عنه من أفعال. المعادلة واضحة بالنسبة لـ «المستقبل»: إذا أراد «الحزب» انتخاب الرئيس، فإنه سيقنع فرنجية بالانسحاب لصالح عون، أما إذا بقي فرنجية مرشحاً، فإن ذلك سيعني بوضوح أن الحزب ليس مستعداً لإجراء الانتخابات الرئاسية، وهو يفضل ربط الاستحقاق بتطورات المنطقة. أما الحديث عن منافسة ديموقراطية بين عون وفرنجية، فذلك يبدو محض خيال، لأن عون و «حزب الله» لن يحضرا الجلسة، علماً أن انعقادها تحت أي ظرف سيعني فوز فرنجية بأكبر عدد من الأصوات.
ماذا لو انسحب فرنجية فعلاً؟ عندها سيكون «المستقبل» في خانة تقرير مصير الجلسة. ولذلك، لمّح جعجع، من بكركي، إلى أنه لا يتوقع موافقة مستقبلية على خياره، لكنه يأمل على الأقل حضور جلسة الانتخاب، مصراً على التذكير أنه «مبدأ ثابت لدى التيار».
وإذا كانت «القوات» تعود إلى لحظة ترشيح فرنجية، لتذكّر أنها حسمت موقفها سريعاً بحضور الجلسة، بالرغم من عدم موافقتها على اسم مرشح الحلفاء، فإن ذلك لن ينعكس على خيار كتلة «المستقبل»، التي لا تخجل بالتخلي عن المبدئية عندما تصل الأمور إلى حدها. ولذلك، لا ينفي مصدر مستقبلي احتمال اللجوء إلى مقاطعة الجلسة، مبرراً هكذا خطوة بالقول: هم استعملوا ضدنا التعطيل لسنة ونصف سنة، وقد نضطر لاستعماله للدفاع عن أنفسنا. لا يبدو «المستقبل» مبالياً بإعطاء شرعية للمقاطعين الذين كان يهاجمهم طيلة فترة الفراغ، طالباً منهم الكف عن تعطيل المؤسسات. عند الجد تسقط المبادئ والشعارات.
القرار المستقبلي لا يعني أنه لا يوجد في «التيار» من يتفهم خطوة جعجع، الساعي إلى «تكريس نفسه مرجعية مسيحية أسوة بالرئيس كميل شمعون». البعض مقتنع بوجهة نظر المراهنة على قدرته على لملمة الخسائر التي سيتكبدها في العلاقة مع حلفاء الداخل والخارج، عندما يتحول إلى المسيحي الأول. لكن، في المقابل، كثر في الكتلة مقتنعون أنه لن يكون قادراً على الاستحواذ على الشارع العوني، أولاً لأن العونيين لن يتقبلوا زعامة جعجع بهذه البساطة، وثانياً لأنه بسعيه إلى وراثة الحالة العونية، يتجاهل تأثير صهر الجنرال شامل روكز على هذه الحالة. وقبل هذا الاحتمال أو ذاك، يسأل مصدر مستقبلي: هل يعقل، في السياسة، المراهنة على العمر؟
(السفير)