مكان للقلق!: اوري سفير
في نظر حكومة إسرائيل ورئيسها، توجد مجموعتان من الناس. من جهة اولئك الذين يتفقون مع الحكومة في 100 في المئة من المواضيع، ومن جهة اخرى اولئك الذين هم معادون لإسرائيل بل ولا ساميون. وهكذا، وحسب هذا الفهم، إذا قرر الرئيس اوباما عقد اتفاق مع إيران كي يمنع عنها القنبلة النووية، فانه يكون فعل ذلك انطلاقا من العداء لإسرائيل، لأن حكومة إسرائيل فضلت هجوما عسكريا من الولايات المتحدة. اما اصدقاء إسرائيل، في نظر نتنياهو، فهم عمليا الجمهوريون وحدهم، ممن يسميهم «الاصدقاء الحقيقيين». هذا فهم يكمن عميقا في عقلية الغيتو اليهودي، كما عبرت عنه في الماضي غولدا مائير: «العالم كله ضدنا».
حقيقة أن إسرائيل تتغذى اقتصاديا وسياسيا سواء من الولايات المتحدة أم من الاتحاد الاوروبي لا صلة لها بجنود اضطهاد نتنياهو وشركائه.
مثل هذا الموقف مريح ايضا لاغراض الدعاية الداخلية. فلماذا التفكير على الاطلاق بشرعية المواقف النقدية، الأمريكية أم الاوروبية، في موضوع الحاجة لتجميد البناء في المستوطنات، إذا كان دافعها هو المس بإسرائيل وتشجيع العرب؟
ان اختبار الدولة السيادية هو أيضا معرفة كيفية ادارة سياسة خارجية مع الاصدقاء النقديين؛ فمسموح للدولة التي تحتاج إلى حلفاء في الساحة الدولية ان تراعي ايضا المواقف الدولية. اما للغيتو فلا توجد سياسة خارجية، بل اسوار دفاعية فقط. كراهية الاجانب ليست بديلا عن السياسة الخارجية، حتى لو كانت تهيىء القلوب للانتخابات التالية.
هل فكر أحد ما في حكومة نتنياهو أن يحتمل بانه إذا كان كل العالم بلا استثناء يعارض احتلال الضفة والبناء في المستوطنات، فقد نكون نحن غير المحقين وليس كل العالم غبي او لا سامي؟
اوروبا اليوم مصدومة من اقرار قانون الجمعيات. وقد تعرفت من مصادر رفيعة المستوى في الاتحاد الاوروبي بان وزارات الخارجية في الدول الاساس في اوروبا قلقة ـ ليس من الصعوبة المحتملة في نقل الاموال إلى الجمعيات التي تتبنى التعايش السلمي وحقوق المواطن، بل من التآكل الخطير في اساسات الديمقراطية الإسرائيلية. ذات القلق يثور ايضا في اعقاب العنصرية التي يعتبر عنها فتيان التلال، المستوطنون وحلفاؤهم في البيت اليهودي وفي الليكود. وفضلا عن هذه المواضيع، فان اوروبا قلقة من منع تعليم كتاب دوريت ربنيان «جدار حي» بسبب قصة الحب بين يهودية وعربي. وهذا يذكر الاوروبيين باكثر الانظمة ظلامية.
مسموح بالفعل للدول ان تكون قلقة من توسيع المستوطنات التي تمنع عن إسرائيل هويتها اليهودية والديمقراطية. ومسموح لها ان تكون قلقة من تآكل الديمقراطية. من يعرب عن مثل هذا القلق، ليس فقط ليس لا ساميا أو لا إسرائيليا؛ بل ان هذا واجب لصديق حقيقي لإسرائيل.
إسرائيل بحاجة إلى اصدقاء يكونون ايضا اصدقاء السلام الإسرائيلي ـ الفلسطيني؛ اصدقاء المستوطنات قد يكونوا موجودين بين المتدينين الارثوذكسيين في بروكلين وبين عدد صغير من المنتخبين الجمهوريين.
لقد حان الوقت لان تستيقظ إسرائيل من الصدمة التي يعتبر فيها كل انتقاد ضرر يلحقه «الاغيار» الذين يقومون علينا في كل جيل وجيل لابادتنا. نحن دولة سيادية، يتعين علينا، خلافا لما هي عليه اليوم ان تكون عضوا محترما في أسرة الشعوب.
معاريف