مقالات مختارة

استفزازات أردوغان ضدّ إيران: ماذا بعد؟ حميدي العبدالله

 

اتهم أردوغان إيران بأنها تسعى إلى إشعال نار الفتنة المذهبية في العالم الإسلامي، وقال إنّ إيران منذ انتصار الثورة على الشاه تعتمد هذه السياسة.

واضح أنّ هذه المواقف غير مسبوقة على لسان الرئيس التركي تأتي بعد زيارته إلى السعودية، الأمر الذي يؤكد أنّ هذه التصريحات الاستفزازية تمّ الاتفاق عليها بالتنسيق مع السعودية، في محاولة مكشوفة لاستدراج إيران إلى صراع بين الدول الإسلامية، بعد أن فشلت الاستفزازات السعودية ضدّ إيران إلى دفعها للوقوع في مستنقع الفتنة.

لا شك أنّ إيران كدولة مثلها مثل تركيا والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا لها مصالح في المنطقة، بل هي جزء من دول المنطقة وبديهي مصالحها مشروعة أكثر من مصالح الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، لكن يلاحظ أنّ تركيا والسعودية تعاديان إيران بذريعة أنها تسعى إلى نشر نفوذها في المنطقة، وحتى لو كان هذا الادّعاء صحيحاً، فلماذا مسموح للولايات المتحدة ولفرنسا ولبريطانيا أن يكون لها نفوذ ومصالح في المنطقة وهي تبعد آلاف الكيلومترات عن المنطقة، ولا يجمعها أيّ رابط مع شعوب هذه المنطقة سوى رابط المصالح، وهي مصالح ذات طبيعة استعمارية، أيّ أنها مصالح لا تقوم على التبادل والندية، وغير مسموح لإيران، وهي جزء من دول المنطقة ويجمع شعبها مع شعوب المنطقة روابط كثيرة وتاريخية، أن يكون لها نفوذ ومصالح مماثلة للمصالح الغربية؟

ثم من قال إنّ اعتراض أردوغان على السياسة الإيرانية هو لاعتبارات مذهبية، فإيران الشيعية كانت في عهد الشاه تقوم بنشر نفوذها في المنطقة، بل أكثر من ذلك إيران- الشاه هي التي استولت على الجزر الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، كما قامت بالاستيلاء على جزء من منطقة شط العرب، بعد اتفاق 11 آذار الشهير الموقع بين الرئيس العراقي الراحل صدام حسين وشاه إيران. فلماذا لم يجر في حينها الحديث عن تزايد النفوذ الإيراني وعن الصراع الشيعي – السني؟.

واضح الآن أنّ عداء تركيا والسعودية لإيران سببه أنّ إيران تعتمد سياسة مستقلة وترفض الهيمنة والوصاية الغربية، وتوجه في بعض الأحيان انتقادات لحكومات المنطقة التي تعمل على تكريس هذه الهيمنة، وهذا هو سبب عداء تركيا والسعودية لإيران وليس لأيّ شيء آخر.

لكن من الواضح أنه بعد تدهور العلاقات بين تركيا وسورية والعراق، بسبب سياسات أردوغان وتدهور علاقاته الآن مع روسيا وإيران، لم يعد لتركيا أي دولة صديقة في المنطقة، وجميع المبرّرات التي يسوقها أردوغان لتبرير سياسته لا تقنع أحداً، فهو زعم أنّ سبب تدهور علاقته مع سورية الطبيعة الديكتاتورية المزعومة لنظامها، فهل يجرؤ على توجيه مثل هذا الادّعاء للحكومة العراقية التي جاءت في انتخابات تعددية، ولكن ذلك لم يحل دون تدهور علاقات تركيا مع العراق.

لا شك أنّ سياسة أردوغان تحوّلت إلى كارثة على الشعب التركي لأنها أدّت إلى عزل تركيا إقليمياً وحتى دولياً، وحتى حلفاء تركيا في الناتو غير مسرورين بسياسات أردوغان.

(البناء)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى