ماذا سيُحقق حوار حزب الله ــ المستقبل وما هي نقاط تفاهمهما؟ محمد بلوط
ماذا سيحقق حوار حزب الله – المستقبل، وهل يمكن التوصل الى نقاط تفاهم مشتركة بينهما حول بعض الاستحقاقات والملفات المطروحة؟
قبل الاجابة عن هذا السؤال المزدوج لا بد من الاشارة الى ان الرئيس بري، الذي قاد الجهود لتحقيق هذا الحوار، مرتاح لاجواء الطرفين بحسب مصادر مقربة منه بغض النظر عن الخلافات الكبيرة بينهما حول العديد من القضايا والمواضيع الاساسية المطروحة. فهو يفضل دائما النظر الى الجزء الملآن من الكوب فكيف اذا كان الامر يتعلق بمثل هذا المسار التفاهمي الذي يحتاجه لبنان في كل الاوقات.
ومع انه لا يرغب بالافراط في التفاؤل فانه في الوقت نفسه لا يشارك المتشائمين او المشوشين على حد قول المصادر رأيهم تجاه هذا الحوار، مؤكدا انه لا بديل عن سلوك هذا المسار للولوج الى اي تقدم او حل ممكن.
وقبل اسبوع زارته سفيرة الاتحاد الاوروبي انجيلينا ايخهورست قبل مغادرتها لقضاء العطلة خارج لبنان، فهنأته على نجاحه في سعيه الى فتح الحوار بين حزب الله والمستقبل، مؤكدة انها تدعم كل حوار وتفاهم بين اللبنانيين ورد الرئيس بري «بان لا سبيل للحلول الا بالحوار والحوار فقط، لا بل ان هناك حاجة لمثل هذا الاسلوب في معالجة قضايانا وازماتنا؟
المهم تضيف المصادر، ان الرئيس بري لا يتصرف على اساس انه عمل ما ينبغي والباقي متروك للطرفين، بل انه يؤكد امام زواره وللمعنيين انه مستعد لتقديم كل ما يسهل مسيرة هذا الحوار ويؤدي الى تحقيق نجاحات في اكثر من ملف وقضية. لا بل ان طلبه وتشجيعه على وضع كل طرف مشروعه لجدول الاعمال ينطلق من حرصه على تحديد بنود واضحة وصريحة للحوار من اجل ان لا يبقى مجرد نقاش في حلقة مفرغة او في العموميات.
وبانتظار دوران عجلة هذا الحوار المرتقب على اساس جدول الاعمال الذي سيتبلور في غضون ايام، يؤكد غير مصدر في حزب الله انه يرحب بالحوار مع المستقبل من دون شروط كما عبر الامين العام غير مرة، وانه ذاهب الى البحث في المواضيع التي ستطرح بذهنية منفتحة ومن دون تعقيدات او عقد.
اما اوساط الحريري فتبدي حرصها على تحديد الجدول، مركزة على قضايا ونقاط معينة بدءا من رئاسة الجمهورية، وحسم مصيرها لجهة تسهيل وتعبيد الطريق الى الانتخاب من دون الدخول في الاسماء لان ذلك يفترض مشاركة المسيحيين بالدرجة الاولى.
ومع انها تظهر حذرا واضحا، كما بدا في المقابلة التلفزيونية للرئيس الحريري، فان هذه الاوساط ترى ايضا ان للحوار المذكور ايجابيات يمكن بلورتها من خلال حسن النيات اولا وتغليب المصلحة العامة ثانيا.
وتفضل هذه الاوساط عدم استباق الحوار او بلورة جدول الاعمال، متمسكة بهذا الحذر اولا في ظل الضغوط التي تتعرض لها قيادة «المستقبل» من بعض الحلفاء في الداخل وثانيا مما تقوله «مرارة التجارب مع حزب الله في مراحل سابقة».
وبغض النظر عن آراء الطرفين فان الحوار بينهما يمكن ان يحقق نقاطا ايجابية عديدة لعل ابرزها بنظر الاوساط المراقبة والمتابعة للملف:
* كسر حاجز القطيعة بين حزب الله و«المستقبل» ونقل العلاقة بينهما الى مرحلة التخاطب والمباشر داخل القاعة المغلقة بدلا من الاستمرار في السجالات والتجاذبات الاعلامية الحادة.
وتشير الاوساط في هذا المجال الى ان جلسات مجلس الوزراء تشكل نموذجا مقبولا لسلوك هذا المسار، باعتبار ان النقاشات بين الطرفين لم تخرج حتى الان عن اطار الخلاف الطبيعي، بل ساهمت احيانا في حل الخلافات حول بعض الامور والقضايا.
* الاثار الايجابية التي سيحدثها مجرد حصول الحوار على كل الصعد، لا سيما على مستوى تخفيف التشنج السياسي بين الطرفين من جهة، وتبريد الشارعين ايضا. وهذا يتبعه ايضا اخفاء اجواء اقل حدة وتوتراً على المستوى الشيعي – السني.
* يمكن ان يساهم الحوار ايضا في اعطاء دفع لعمل وحركة الحكومة تجاه بعض الملفات المطروحة، لا بل سيساعد ايضا في تعزيز مناعتها وتحصينها.
* مما لا شك فيه ان قانون الانتخاب المطروح للنقاش اليوم يشكل ملفا مهما وحيويا في الاصلاح السياسي وفي مسيرة العمل الديموقراطي في البلاد. ولذلك فان تناوله في مثل هذا الحوار من ناحية تحسين فرص اقرار القانون المختلط الذي اكد عليه الرئيس بري والمجلس النيابي في جلسة التمديد، يساهم مساهمة جادة في الدفع باتجاه تسريع وحسم هذا الموضوع.
* في شأن رئاسة الجمهورية ترى الاوساط ان الطرفين يحرصان على عدم مناقشة تفاصيل هذا الموضوع مراعاة لحلفائهم المسيحيين، لكنهما يستطيعان مقاربة هذا الملف على قاعدة زيادة فرص حسمه في اقرب وقت ممكن.
وتدرك الاوساط ان هذا الموضوع هو الاكثر صعوبة ودقة في مثل هذا الحوار لان حسمه ليس بيدهما ولان الدور المسيحي يبقى دورا اساسيا على المستوى الداخلي للبت بمصيره، مع العلم ان الطرفين لم يتخذ كل منهما حتى الان اي قرار بتعديل موقفه فالحريري يتصرف على اساس مبادرة 14 آذار وما طرحه حليفه سمير جعجع مؤخرا لجهة العمل على اسم بديل لعون وجعجع معا، بينما يفضل حزب الله ترك الحسم في هذا الموضوع الى حليفه ومرشحه «الجنرال».
(الديار)