نص قرار المحكمة العسكرية بتخلية سبيل سماحة
وافقت محكمة التمييز العسكرية برئاسة القاضي طاني لطوف وفي حضور ممثل النيابة العامة التمييزية القاضي شربل ابو سمرا، على طلب وكلاء الدفاع عن الموقوف الوزير السابق ميشال سماحة تخليته، مقابل كفالة مالية قدرها مئة وخمسون مليون ليرة، ومنعه من السفر مدة سنة ومنعه من تناول ملف القضية والتحقيقات الأولية والإدلاء بتصريحات لوسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة ولشبكة التواصل الاجتماعي.
وجاء في نص قرار التخلية:
“قرار باسم الشعب اللبناني، إن محكمة التمييز العسكرية، لدى التدقيق والمذاكرة، وبعد الاطلاع على الاستدعاء المقدم من المتهم ميشال فؤاد سماحة بواسطة وكيليه المحاميين صخر شهيد الهاشم ورنا عازوري والذي تقيد لدينا بالرقم 241/2015 تاريخ 19/12/2015 والذي يلتمس فيه اتخاذ القرار بإخلاء سبيله بحق واستطرادا بكفالة مخفضة لانقضاء فترة محكوميته المقضي بها من قبل المحكمة العسكرية الدائمة من جهة ومن جهة أخرى نظرا للمعطيات الجديدة التي طرأت على القضية ولوضع المستدعي بشكل عام وهو يتعهد بحضور جميع جلسات المحاكمة ويتخذ محل إقامة له مكتب وكيله،
وحيث انه يدلي بأن المادة 75 ق.ع. فقرة ثانية تكرس إمكانية إخلاء السبيل في القضايا الجنائية خلافا لأحكام المادة 129 أ.م.ج. القديم والتي تقابلها المادة 130 أ.م.ج. الجديد وعلى ضوء نص المادة 299 أ.م.ج. التي تنص على عدم جواز إخلاء سبيل المحكوم عليه الموقوف من قبل محكمة التمييز قبل نقض الحكم المطعون فيه، وذلك بغض النظر عن ماهية ونوع الجرم، وأن المبدأ هو محاكمة المتهم حرا أمام محكمة التمييز والاستثناء هو رفض إخلاء السبيل بقرار معلل، ويضيف بأن المادة 114 من قانون التنظيم القضائي تكرس مبدأ إمكانية إخلاء السبيل في القضايا الجنائية عند قبول النقض المقدم من المدعي العام لحكم براءة وتجري المحاكمة أمام محكمة التمييز بدون توقيف المتهم، ما لم تقضي المحكمة بتوقيفه أثناء المحاكمة، وأنه بحالة التناقض بين أحكام التنظيم القضائي العامة وأصول المحاكمة المنصوص عليها في قانون القضاء العسكري الخاص، تطبق أحكام قانون القضاء العسكري،
وحيث أنه يدلي، لجهة انقضاء فترة محكوميته المقضي بها من قبل المحكمة العسكرية الدائمة بتاريخ 23/12/2015، أن الحكم قضى بإدانته بجرائم معينه وتبرئته من جرائم أخرى، وأنه لم يكن يحق لمفوض الحكومة طلب نقض الحكم إلا إذا اعتبر الحكم قابلا للتجزئة بحيث يعتبر جزئيا حكم إدانة وجزئيا حكم براءة ويكون النقض بالتالي مقتصرا على الجزء من الحكم القاضي بالبراءة ويبقى الجزء الأخر القاضي بالإدانة مبرما وتصبح محاكمته أمام محكمة التمييز مقتصرة على المواد التي تمت تبرئته فيها ويبقى محكوما بالنسبة للمواد التي أدين بها وهو موقوف بالتالي لقضاء العقوبة المقضي بها من المحكمة العسكرية الدائمة بالمواد التي أدين بها، ومع انتهاء فترة محكوميته هذه يتعين إخلاء سبيله فورا وتتابع محاكمته بالمواد الأخرى التي نقض الحكم على أساسها، ثم يدلي استطرادا بوجوب إخلاء سبيله نظرا للمعطيات الجديدة التي طرأت على الملف لجهة كونه ضحية استدراج قام بها محترف تابع لجهاز امني للإيقاع به، على ضوء إقرار رئيس الجهاز الأمني حينها أن ميلاد الكفوري يعمل معهم منذ سنة 2005 وبالتالي سقوط صفة المخبر عنه، إضافة إلى صدور أحكام عديدة بعد صدور حكمه، بنفس الجرائم المنسوبة له، لم يتجاوز الإدانة فيها ثلاث سنوات بالرغم من إيقاعها ضحايا، واخيرا أنه ليس بمجرم خطير وأعماله بقيت أعمالا تحضيرية وتاريخه العلمي والثقافي والسياسي يؤكد أنه ليس إرهابيا ووضعه الإنساني والصحي وتقدم سنه يحتم إخلاء سبيله من الناحية الإنسانية ومتابعة محاكمته حرا لا موقوفا،
وحيث أنه خلال مناقشة موضوع إخلاء السبيل على ضوء المادة 75 ق.ع. ومبدأ إمكانية إخلاء السبيل في القضايا الجنائية بموجب المادة 114 من قانون التنظيم القضائي، ترى هذه المحكمة ضرورة توضيح وتصحيح بعض المفاهيم القانونية التي أوردها المتهم واستند إليها لتبرير طلب إخلاء سبيله،
1- بخصوص ما أورده المتهم لجهة حق مفوض الحكومة للطعن بالأحكام القاضية بالبراءة وإبطال التعقبات واعتبار الحكم الصادر بحقه جزئيا حكم إدانة وجزئيا حكم براءة وكف تعقبات، وبالتالي اعتباره النقض مقتصرا على الجزء من الحكم القاضي بالبراءة وإبطال التعقبات والجزء القاضي بالإدانة مبرما بحقه، وتصبح محاكمته امام هذه المحكمة مقتصرة على المواد التي تمت تبرئته فيها وسجينا موقوفا بالمواد التي أدين بها، تؤكد هذه المحكمة على ما سبق وأوردته عند قبولها طلب النقض المقدم من مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية من أن المادة 75 ق.ع. أعطت هذا الأخير الحق بطب نقض الأحكام القاضية بالبراءة لانتفاء الأدلة أو لعدم كفايتها شرط توافر أحد أسباب النقض المنصوص عنها في المادة 74 ق.ع.، وبما أن الحكم المنقوض قضى بإعلان براءة المتهم من جرم المادة 549/200 ع لعدم كفاية الدليل، جرى قبول النقض المذكور المقدم من مفوض الحكومة بعد توافر الحالة المنصوص عنها في الفقرة 3 من المادة 74 ق.ع. أي حصول خطأ في تطبيق المواد القانونية،
2- تؤكد هذه المحكمة على مضمون المادتين 87 و88 ق.ع. الواردتين تحت باب أصول النظر بطلبات النقض لجهة إخضاع النظر بطلبات نقض الأحكام الصادرة عن المحكة العسكرية الدائمة، لمحكمة التمييز العسكرية التي تقرر بالنتيجة إما إبرام الحكم أو القرار المطعون فيه وإما نقضه، فإذا نقضت الحكمة الحكم، تقرر إعادة محاكمة المتهم أمامها، وأمام صراحة النص لا يبقى مجال لأي اجتهاد، فإبرام الحكم من قبل محكمة التمييز العسكرية يعني ابرام الحكم بكليته وليس جزءا منه وكذلك الأمر، نقض الحكم يعني نقض الحكم بكامله وإعادة محاكمة المتهم مجددا أمام محكمة التمييز التي تتحول إلى محكمة أساس وبجميع المواد التي أحيل بها المتهم، وقد جاء قرار هذه المحكمة الصادر بتاريخ 2/6/2015 بخصوص قبول نقض الحكم، واضحا لا لبس فيه لجهة نقض الحكم الصادر عن المحكمة العسكرية الدائمة بتاريخ 13/5/2015 تحت رقم 1927/2015 واعتباره لاغيا وإعادة محاكمة المتهم ميشال فؤاد سماحة أمامها، بكامل ما أسند إليه في قرار الاتهام، بحيث لا يبقى مجال لأي اجتهاد بهذا الخصوص،
3- تؤكد هذه المحكمة على ما سبق لها وأكدته خلال الجلسة الأولى من المحاكمة، من أنه على ضوء قبول طلب النقض وإبطال الحكم الصادر عن المحكمة العسكرية الدائمة، تتحول محكمة التمييز إلى محكمة أساس تجري المحاكمة مجددا وتفصل في الدعوى وفقا لأصول المحاكمة لدى المحكمة العسكرية ويكون المتهم موقوفا أمامها بموجب مذكرة إلقاء القبض الصادرة بحقه عن قاضي التحقيق العسكري الأول مع حفظ حقه للتقدم بطل إخلاء سبيله أمامها وفقا للأصول، علما أنه لم يسبق للمتهم أن تقدم بأي طلب لإخلاء سبيله منذ قبول طلب نقض الحكم تاريخ 2/6/2015 حتى تاريخ 19/12/2015 عندما وردنا طلب إخلاء السبيل موضوع هذا القرار.
4- بخصوص مبدأ محاكمة التمهم حرا امام محكمة التمييز العسكرية في القضايا الجنائية، فعلى ضوء وجود قانون خاص يحكم عمل المحاكم العسكرية، بمختلف درجاتها، يقتضي إعمال نصوص القانون الخاص إلا عندما يحيل هذا الأخير إلى نص عام أو عند خلو النص الخاص من نص يحكم الموضوع المطروح فيمكن عندئذ للمحكمة العودة إلى النص العام، وحيث إن المادة 75 ق.ع.، التي تنظم حالات تقديم مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية لطلب نقض الاحكام القاضية بالبراءة لانتفاء الأدلة أو لعدم المسؤولية لانتفاء الصفة الجرمية عن الفعل أو لسقوط دعوى الحق العام، تنص في فقرتها الأخيرة على أنه، خلافا لأحكام المادة 129 أ.م.ج. تجري محاكمة المتهم أو الظنين دون توقيفه اثناء المحاكمة، إلا إذا قضت المحكمة بالتوقيف بقرار معلل، وحيث إن المتهم ميشال سماحة وبتاريخ قبول طلب النقض، كان موقوفا إنفاذا للحكم الصادر بحقه عن المحكمة العسكرية الدائمة واستمر موقوفا، بعد قبول طلب النقض، بموجب مذكرة إلقاء القبض الصادرة بحقه عن قاضي التحقيق العسكري الأول، وتقدم بتاريخ 19/12/2015 بطلب إخلاء سبيله، فيكون من صلاحية هذه المحكمة أن تقرر إما إخلاء سبيله ومتابعة محاكمته حرا طليقا أو أن تبقيه قيد التوقيف بموجب قرار معلل وتتابع محاكمته على هذا الأساس؛
وحيث انه على ضوء كل ما ورد أعلاه، تقرر المحكمة بالإجماع وبعد الاطلاع على راي ممثل النيابة العامة التمييزية:
أولا : إخلاء سبيل المدعى عليه ميشال فؤاد سماحة بكفالة نقدية قدرها ماية وخمسون مليون ليرة لبنانية ذات شقين: عشرة ملايين ليرة منها ضمانة للرسوم وماية وأربعون مليون ليرة للحضور ما لم يكن موقوفا بدعوى أخرى.
ثانيا : منع المدعى عليه ميشال فؤاد سماحة من السفر خارج لبنان لمدة سنة تبدأ من تاريخ إخلاء سبيله ومصادرة جواز سفره، سندا لأحكام المادة 192 أصول محاكمات جزائية معطوفة على المادة 108 أصول محاكمات جزائية،
ثالثا : منع المدعى عليه من تناول ملف هذه القضية سواء لجهة إجراءات التحقيق الأولية والاستنطاقية أو إجراءات المحاكمة الجارية ع أي وسيلة إعلامية مقروءة أو مرئية أو مسموعة بما فيها وسائل التواصل الاجتماعي حتى صدور حكم نهائي عن هذه المحكمة تحت طائلة إصدار مذكرة توقيف جديدة بحقه.
رابعا إبلاغ هذا القرار من المدعى عليه ومن يلزم.
قرارا صدر عنا في غرفة المذاكرة بتاريخ 14/1/2016″.