نص مرافعة الشيخ علي سلمان زعيم المعارضة البحرينية
لقد صوت شعب البحرين سنة 2001 على التحول إلى ملكية دستورية ديمقراطية على غرار الممالك الدستورية العريقة، فقد نص الميثاق على “فقد استقر الرأي على أن يؤخذ بالثوابت الوطنية السياسية والدستورية في هوية الدولة تأكيد على النظام الملكي الوراثي الدستوري الديمقراطي ”.
ونص على “فقد صار من المناسب أن تحتل البحرين مكانتها بين المملك الدستورية ذات النظام الديمقراطي الذي يحقق للشعب تطلعاته نحو التقدم”.
ومن الواضح أن “الملكية الدستورية الديمقراطية” التي صوّت عليها شعب البحرين ليست شيئاً مجهولاً، وإنما هو اقتداء بالممالك الدستورية الديمقراطية المعروفة، والقائمة في العالم وبالخصوص في أوروبا، حيث تتواجد “الملكيات الدستورية الديمقراطية”.
ومن بديهيات الملكيات الدستورية (ونحن هنا نناقش المفاهيم والصلاحيات للمناصب ولا نتعرض للأفراد وشخصياتها بأي وجه من الوجوه):
1) أن يفصل بين أسرة الملك وبين الحكم، فلا يوجد في أي “ملكية دستورية ديمقراطية” في العالم الجمع بين الملك والحكم في أسرة واحدة.
بل حتى في الملكيات التي لا تصل لدرجة “الملكية الدستورية الديمقراطية” كما في الأردن والمغرب العربي، فإنه لا يجتمع الملك والحكم في أسرة واحدة.
فوجود الملك والحكم في أسرة واحدة في البحرين مخالفة صريحة للملكيات الدستورية الديمقراطية التي توافقنا عليها في ميثاق العمل الوطني، وأتحدى النيابة العامة أن تذكر مملكة دستورية واحدة تجمع فيها أسرة واحدة الملك والحكم. فليس لهذه المملكة الدستورية من وجود على وجه الأرض كلها.
2) من بديهيات الملكيات الدستورية أن يشكل الحزب الفائز في الإنتخابات الحكومة، فهذا ما عليه جميع الملكيات الدستورية الديمقراطية في أوروبا والعالم، وهذا ما أخذت به الملكية المغربية في سنة 2012 حتى تلتحق بالملكيات الدستورية الديمقراطية، بينما في الواقع البحريني فإن تسمية الحكومة وتعيينها يعود إلى منصب الملك، وهذا خلاف لكل الملكيات الدستورية الديمقراطية العريقة وغير العريقة.
3) ومن بديهيات الملكيات الدستورية الديمقراطية أن البرلمانات المنتخبة هي التي تتولى السلطة التشريعية، أما من خلال غرفة واحدة منتخبة أو من خلال غرفتين تكون الكلمة الأخيرة فيها إلى المجلس المنتخب كما في النظام البريطاني.
بينما الواقع البحريني هو الوحيد الذي تكون فيه السلطة التشريعية (البرلمان) من غرفتين متساويتين في العدد (40 عضوا) لكل منهما، أحداهما منتخبة والأخرى معينة، مما يعني ان المجلس المعين له حق الفيتو على القرار التشريعي.
وهذا ما ذكره السيد بسيوني في تقريره حيث قال في الفقرة 49: (… ولا يتم إصدار القوانين إلا بعد اتفاق كل من المجلسين، المعين والمنتخب. ومؤدى ذلك واقعيًا قدرة المجلس المعين على استخدام حق الفيتو في مواجهة أي مشروع قانون لا يرغب في إصداره …).
كما لا يوجد في أي من الملكيات الدستورية الديمقراطية العريقة صلاحية إصدار المراسيم بقوانين التي يكون لها قوة القانون مالم يرفضها كلا المجلسين بأغلبية أعضائه المكونين له، أي رفض 21 نائباً في مجلس النواب و21 نائباً في مجلس الشورى المعين من قبل منصب الملك.
هذه الطريقة التي صدر بها منذ سنة 2002 حتى سنة 2015 ، 141 مرسوما بقانون تمثل أهم القوانين.
كما لا يوجد في أي من الملكيات الدستورية الديمقراطية في العالم أن يعين الملك نصف السلطة التشريعية ويعطيها صلاحيات متساوية في التشريع للمجلس المنتخب.
4) ومن بديهيات الممالك الدستورية أن يصدر توزيع الدوائر الإنتخابية بقانون من البرلمان وليس بمرسوم بقانون يصدره الملك كما هو في الواقع البحريني.
5) ومن بديهيات المملكة الدستورية سيادة القانون وخضوع مؤسسات الدولة وأركانها للمسائلة السياسية، خضوع جميع الأفراج بدون استثناء للقانون وللمسائلة في الوقع الذي يمنع دستورنا مسألة منصب الملك، لأن ذاته مصونة لا تمس رغم كل صلاحيات المنصب التنفيذية، ولا يوجد طريق لمسائلة رئيس الوزراء رغم كونه المنصب التنفيذي الأول في البلاد، كما ان طرح الثقة في أي وزير يحتاج إلى أغلبية الثلثين من مجلس النواب وهو أمر مستحيل عادة، فالمسألة السياسية معطلة عملياً وتشهد التجربة على صحة هذا الرأي.
وبإستعراض صلاحيات منصب الملك في دستور 2002، سنجد أننا أمام ملكية مطلقة في واقع الأمر وليس أمام ملكية دستورية، فليس في العالم أجمع أي “ملكية دستورية عريقة” أو غير عريقة يمتلك منصب الملك فيها هذه الصلاحيات.
وإليك هذه الصلاحيات لمنصب الملك حسب دستور 2002:
الباب الأول
الدولـــة
المادة 1
ج – تنظم سائر احكام التوارث بمرسوم ملكي خاص تكون له صفة دستــــورية، فلا يجوز تعديله الا وفقا لاحكام المادة (120) من الدستور.
الباب الرابع
السلطات
أحكام عامة
المادة 32
ب – السلطة التشريعية يتولاها الملك والمجلس الوطني وفقا للدستور، ويتولى الملك السلطـة التنفيذية مع مجلس الوزراء والوزراء، وباسمه تصدر الاحكام القضائية، وذلك كله وفقا لاحكام الدستور.
الباب الرابع
السلطات
الفصل الأول
الملك
المادة 33
أ- الملك راس الدولة، والممثل الأسمى لها، ذاته مصونة لا تمس، وهو الحامي الأمين للدين والوطن، ورمز الوحدة الوطنية.
ب- يحمي الملك شرعية الحكم وسيادة الدستور والقانون، ويرعى حقوق الافراد والهيئات وحرياتهم.
ج- يمارس الملك سلطاته مباشرة وبواسطة وزرائه، ولديه يُسال الوزراء متضامنين عن السياسة العامة للحكومة، ويُسال كل وزير عن اعمال وزارته.
د- يعين الملك رئيس مجلس الوزراء ويعفيه من منصبه بامر ملكي، كما يعين الوزراء ويعفيهم من مناصبهم بمرسوم ملكي، بناء على عرض رئيس مجلس الوزراء.
هـ- يعاد تشكيل الوزارة على النحو السابق ذكره في هذه المادة عند بدء كل فصل تشريعي للمجلسين.
و- يعين الملك اعضاء مجلس الشورى ويعفيهم بامر ملكي.
ز- الملك هو القائد الاعلى لقوة الدفاع، ويتولى قيادتها وتكليفهـا بالمهـام الوطنيـة داخـل اراضي المملكة وخارجها، وترتبط مباشرة به، وتراعَى السرية اللازمة في شئونها.
ح- يرأس الملك المجلس الاعلى للقضاء، و يعيّن القضاة باوامر ملكية بناءً على اقتراح من المجلس الاعلى للقضاء.
ط- يمنح الملك اوسمة الشرف وفقا للقانون.
ي- ينشئ الملك ويمنح ويسترد الرتب المدنية والعسكرية والقاب الشــرف الاخرى بامر ملكي، وله ان يفوض غيره في ذلك.
ك- تصدر العملة باسم الملك وفقا للقانون.
ل- يؤدي الملك عند توليه العرش في اجتماع خاص للمجلس الوطني اليمين التالية:
((اقسم بالله العظيم ان احترم الدستور وقوانين الدولة، وان اذود عن حريات الشعب ومصالحه وامواله، وان اصون استقلال الوطن وسلامة اراضيه)).
م- الديوان الملكي يتبع الملك، ويصدر بتنظيمه امر ملكي، وتحدد ميزانيته وقواعد الرقابة عليها بمرسوم ملكي خاص.
المادة 34
أ- يعين الملك، في حالة تغيبه خارج البلاد وتعذر نيابة ولي العهد عنه، نائبا يمارس صلاحياته مدة غيابه، وذلك بامر ملكي. ويجوز ان يتضمن هذا الامر تنظيما خاصا لممارسة هذه الصلاحيات نيابة عنه، او تحديدا لنطاقها.
المادة 35
أ- للملك حق اقتراح تعديل الدستور واقتراح القوانين، ويختص بالتصديق على القوانين واصدارها.
ب- يعتبر القانون مصدقا عليه ويصدره الملك اذا مضت ستة اشهر من تاريخ رفعه اليه من مجلسي الشورى والنواب دون ان يرده الى المجلسين لاعادة النظر فيه.
ج- مع مراعاة الاحكام الخاصة بتعديل الدستور، اذا رد الملك في خلال الفترة المنصوص عليها في البند السابق مشروع القانون الى مجلسي الشورى والنواب بمرسوم مسبب، لاعادة النظر فيه، حدد ما اذا كانت هذه الاعادة تتم في ذات دور الانعقاد او في الدور التالي له.
د- اذا أعاد كل من مجلس الشورى ومجلس النواب او المجلس الوطني اقرار المشروع بأغلبية ثلثي اعضائه، صدق عليه الملك، واصدره في خلال شهر من اقراره للمرة الثانية.
المادة 36
ا- الحرب الهجومية محرمة، ويكون اعلان الحرب الدفاعية بمرسوم يعرض فور اعلانها على المجلس الوطني للبت في مصيرها.
ب- لا تعلن حالة السلامة الوطنية او الاحكام العرفية الا بمرسوم، ويجب في جميع الاحوال ان يكون اعلانها لمدة لا تتجاوز ثلاثة اشهر، ولا يجوز مدها الا بموافقة المجلس الوطني باغلبية الاعضاء الحاضرين.
المادة 37
يبرم الملك المعاهدات بمرسوم، ويبلغها الى مجلسي الشورى والنواب فورا مشفوعة بما يناسب من البيان، وتكون للمعاهدة قوة القانون بعد ابرامها والتصديق عليها ونشرها في الجريدة الرسمية.
……
المادة 38
اذا حدث فيما بين ادوار انعقاد كل من مجلس الشورى ومجلس النواب او في فترة حل مجلس النواب ما يوجب الاسراع في اتخاذ تدابير لا تحتمل التاخير، جاز للملك ان يصدر في شانها مراسيم تكون لها قوة القانون، على الا تكون مخالفة للدستور.
ويجب عرض هذه المراسيم على كل من مجلس الشورى ومجلس النواب خلال شهر من تاريخ صدروها اذا كان المجلسان قائمين او خلال شهر من اول اجتماع لكل من المجلسين الجديدين في حالة الحل او انتهاء الفصل التشريعي، ……
المادة 39
ا- يضع الملك، بمراسيم، اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين بما لا يتضمن تعديلا فيها او تعطيلا لها او اعفاء من تنفيذها، ويجوز ان يعين القانون اداة ادنى من المرسوم لاصدار اللوائح اللازمة لتنفيذه.
ب- يضع الملك، بمراسيم، لوائح الضبط واللوائح اللازمة لترتيب المصالح والادارات العامة بما لا يتعارض مع القوانين.
المادة 40
يُعيِّن الملك الموظفين المدنيين والعسكريين والممثلين السياسيين لدى الدول الاجنبية والهيئات الدولية، ويعفيهم من مناصبهم، وفقا للحدود والاوضاع التي يقررها القانون، ويقبل ممثلي الدول والهيئات الاجنبية لديه.
المادة 41
للملك ان يعفو، بمرسوم، عن العقوبة او يخفضها، اما العفو الشامل فلا يكون الا بقانون، وذلك عن الجرائم المقترفة قبل اقتراح العفو.
المادة 42
ا- يصدر الملك الاوامر باجراء الانتخابات لمجلس النواب وفق احكام القانون.
ب- يدعو الملك المجلس الوطني الى الاجتماع بامر ملكي، ويفتتح دوْر الانعقاد، ويفضه وفق احكام الدستور.
ج- للملك ان يحل مجلس النواب بمرسوم تبين فيه اسباب الحل، ولا يجوز حل المجلس لذات الاسباب مرة اخرى.
المادة 43
للملك ان يستفتي الشعب في القوانين والقضايا الهامة التي تتصل بمصالح البلاد، ويعتبر موضوع الاستفتاء موافَقا عليه اذا اقرته اغلبية من ادلوا باصواتهم، وتكون نتيجة الاستفتاء ملزمة ونافذة من تاريخ اعلانها، وتنشر في الجريدة الرسمية.
الفصل الثاني
السلطة التنفيذية
مجلس الوزراء – الوزراء
مادة 46
……، فإذا أصر مجلس النواب على رفض البرنامج للمرة الثانية خلال فترة لا تتجاوز واحد وعشرين يوماً بأغلبية ثلثي أعضائه قبل الملك استقالة الوزارة. وإذا لم يقر المجلس برنامج الوزارة الجديدة بذات الإجراءات والمدد السابقة، كانللملك أن يحل المجلس أو يقبل استقالة الوزارة ويعين وزارة جديدة، …..
مادة 47
ب) يرأس الملك جلسات مجلس الوزراء التي يحضرها.
الفصل الثالث
السلطة التشريعية
المجلس الوطني
الفرع الأول
مجلس الشورى
مادة 52
يتألف مجلس الشورى من أربعين عضواً يعينون بأمر ملكي، وذلك وفقاً للإجراءات والضوابط والطريقة التي تحدد بأمر ملكي.
الفرع الثاني
مجلس النواب
مادة 64
أ) إذا حُل مجلس النواب وجب إجراء الانتخابات للمجلس الجديد في ميعاد لا يجاوز أربعة أشهر على الأكثر من تاريخ الحل……
ب) للملك، على الرغم مما ورد في البند السابق، أن يؤجل إجراء انتخاب المجلس الجديد إذا كانت هناك ظروف قاهرة يرى معها مجلس الوزراء أن إجراء الانتخاب أمر متعذر.
ج) إذا استمرت الظروف المنصوص عليها في البند السابق، فللملك، بناء على رأي مجلس الوزراء، إعادة المجلس المنحل ودعوته إلى الانعقاد، ويعتبر هذا المجلس قائماً من تاريخ صدور المرسوم الملكي بإعادته،…..
مادة 67
أ) لا يُطرح في مجلس النواب موضوع الثقة برئيس مجلس الوزراء.
ب) ….
ج) ….
د) إذا أقر مجلس النواب بأغلبية ثلثي أعضائه عدم إمكان التعاون مع رئيس مجلس الوزراء، رفع الأمر إلى الملك للبت فيه، بإعفاء رئيس مجلس الوزراء وتعيين وزارة جديدة، أو بحل مجلس النواب.
الفرع الثالث
أحكام مشتركة للمجلسيـن
مادة 70
لا يصدر القانون إلا إذا أقره كل من مجلسي الشورى و النواب أو المجلس الوطني بحسب الأحوال، و صدق عليه الملك.
مادة 74
يفتتح الملك دور الانعقاد العادي للمجلس الوطني بالخطاب السامي، ….
مادة 75
يُدعى كل من مجلسي الشورى والنواب، بأمر ملكي، إلى اجتماع غير عادي إذا رأى الملك ضرورة لذلك، …..
مادة 76
يعلن الملك، بأمر ملكي، فض أدوار الانعقاد العادية وغير العادية.
مادة 87
كل مشروع قانون ينظم موضوعات اقتصادية أو مالية، وتطلب الحكومة نظره بصفة عاجلة، يتم عرضه على مجلس النواب أولا ليبت فيه خلال خمسة عشر يوما، فإذا مضت هذه المدة عرض على مجلس الشورى مع رأي مجلس النواب إن وجد، ليقرر ما يراه بشأنه خلال خمسة عشر يوما أخرى، وفي حالة اختلاف المجلسين بشأن مشروع القانون المعروض، يعرض الأمر على المجلس الوطني للتصويت عليه خلال خمسة عشر يوما، وإذا لم يبت المجلس الوطني فيه خلال تلك المدة جاز للملك إصداره بمرسوم له قوة القانون.
مادة 90
للملك أن يؤجل، بأمر ملكي، اجتماع المجلس الوطني مدة لا تجاوز شهرين، …..
الفرع الرابع
أحكام خاصة بانعقاد المجلس الوطني
مادة 101
بالإضافة إلى الأحوال التي يجتمع فيها المجلس الوطني بحكم الدستور، للملك أن يدعو إلى مثل هذا الاجتماع كلما رأى ذلك أو بناء على طلب رئيس مجلس الوزراء.
الفصل الرابع
السلطة القضائية
مادة 106
تنشأ محكمة دستورية، من رئيس وستة أعضاء يعينون بأمر ملكي لمدة يحددها القانون، وتختص بمراقبة دستورية القوانين واللوائح.
…….
وللملك أن يحيل إلى المحكمة ما يراه من مشروعات القوانين قبل إصدارها لتقرير مدى مطابقتها للدستور، ويعتبر التقرير ملزما لجميع سلطات الدولة وللكافة.
الباب السادس
أحكام عامة وأحكام ختامية
مادة 120
أ) يشترط لتعديل أي حكم من أحكام هذا الدستور أن تتم الموافقة على التعديل بأغلبية ثلثي الأعضاء الذين يتألف منهم كل من مجلس الشورى ومجلس النواب، وأن يصِدّق الملك على التعديل، وذلك استثناء من حكم المادة (35 بنود ب، ج، د) من هذا الدستور…..
ب) ….
ج) ….
د) صلاحيات الملك المبينة في هذا الدستور لا يجوز اقتراح تعديلها في فترة النيابة عنه.
هذه الصلاحيات الممنوحة “لمنصب الملك” في الدستور وإذا أضفنا إلى هذه الصلاحيات صلاحيات أخرى اوجدتها بعض القوانين منها:
تحديد المناطق والدوائر الانتخابية وحدودها بمرسوم.
حق اعطاء الجنسية استثناء من الشروط اللازمة لمن قدم خدمات جليلة.
حق وهب واعطاء الأراضي العامة للأشخاص والجهات.
تبعية ديوان الرقابة المالية والادارية للديوان الملكي فالملك يعين رئيس ووكلاء ديوان الرقابة المالية والإدارية.
ينشئ المجالس والهيئات والمؤسسات العامة.
بالاضافة الى العديد من الصلاحيات الاخرى الموزعة في القوانين. فإننا سنجد أنفسنا أمام “منصب الملك” يتمتع بصلاحيات مطلقة وليس لها نظير في أي مملكة دستورية ديمقراطية في العالم أجمع.
فمن الواضح ان منصب الملك وفقاً لهذه الصلاحيات هو القادر على اصدار أي تشريع يريد وعلى اتخاذ أي اجراء تنفيذي يريد دون ان يكون لأي جهة القدرة على الاعتراض والممانعة لإرادته التشريعية والتنفيذية.
كما انه ليس بامكان المجلس المنتخب ان يمرر اي تشريع لا يرتضيه “منصب الملك”.
وكل هذه الصلاحيات محمية بعدم جواز مسائلة الملك “لأن ذاته مصونة لا تمس” حسب نص الدستور.
وقد ذكر هذه الحقائق تقرير بسيوني في الفقرة (49).
ان هذا الواقع لا يحقق ما صوت عليه شعب البحرين في ميثاق العمل الوطني من ملكية دستورية ديمقراطية على غرار الممالك الدستورية العريقة.
ولذا يتلخص هذا الواقع فإنه تتضح احقية المطالبة بتحقيق ما نص عليه الميثاق من ملكية دستورية ديمقراطية على غرار الممالك الدستورية العريقة.
فالعبرة في الملكية الدستورية ليس بوجود النص في الدستور في المادة الأولى الفقرة (د) “حكم مملكة البحرين ملكي دستوري …..” كما افادت النيابة العامة، اولا بتوزيع الدستور الى فصول، فصل للسلطة التشريعية وآخر للتنفيذية وآخر للقضائية وانما بمجمل الصلاحيات المحدد لمنصب الملك الموجودة في الدستور وفي القوانين الأخرى وبما للشعب وللمجلس المنتخب من صلاحية حقيقية في ادارة شؤون البلاد وتشكيل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية والأمنية وغيرها.
وإلا فمن المعلوم ان جميع الدول بما فيها اكثر الدول استبداداً ودكتاتورية تسطر في مقدمة دستورها انها “ديمقراطية” كديمقراطية ألمانيا في عهد هتلر، وديمقراطية العراق في عهد صدام حسين وديمقراطية مصر في عهد مبارك وديمقراطية تونس في عهد زين العابدين وغيرها.
ويتولى السلطة التشريعية في البحرين “المجلس الوطني” الذي يرأسه رئيس مجلس الشورى ويتكون المجلس الوطني من مجلسين هما “مجلس الشورى” الذي يتألف من أربعين عضواً يعينون بأمر ملكي، و”مجلس النواب” الذي يتألف من أربعين عضواً ينتخبون عبر الانتخاب العام السري المباشر، وتكون مدة العضوية لاعضاء المجلسين اربع سنوات.
لا يتم اصدار القوانين الا بعد اتفاق كل من المجلسين، المعين والمنتخب، ومؤدى ذلك واقعاً قدرة المجلس المعين –من قبل الملك- على استخدام حق الفيتو في مواجهة اي مشروع قانون لا يرغب في اصداره، ويحق للملك اعادة مشروع القانون الذي تمت الموافقة عليه إلى مجلس الشورى والنواب، ويكون له طلب اعادة مناقشته في ذات دور الانعقاد او في الدور الثاني له، ولا يمكن حصول موافقة المجلسين على المشروع بقانون الذي تمت اعادته بمرسوم ملكي الاب اغلبية ثلثي الاعضاء، وفي جميع الاحوال يكون للملك احالة ما يراه من مشروعات القوانين قبل التصديق عليها الى المحكمة الدستورية –التي يعينها الملك- لتأكد من مدى مطابقتها للدستور.
والفقرة 50 من حيث قال (ويتمتع الملك في البحرين بسلطات تنفيذية واسعة، وله ان يباشر سلطاته مباشرة أو بواسطة وزرائه، فهو يعين ويعفي رئيس الوزراء بأمر ملكي، ولا يسأل رئيس الوزراء ولا الوزراء متضامنين إلا أمامه، وهو القائد الاعلى لقوة الدفاع، وهو رئيس المجلس الاعلى للقضاء، وهو يقترح تعديل الدستور والقوانين والذي يختص بالتصديق عليها واصدارها، وهو المنوط به تقدير توفر الضرورة واعلان حالة السلامة الوطنية، أو الاحكام العرفية، وهو الذي يصدر المراسيم، واللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين ولوائح الضبط ولوائح تنظيم المصالح والادارات العامة، وهو الذي يدعو لاجراء الانتخابات لمجلس النواب ويفتتح ادوار انعقاده ويفضها، ويملك دعوة الشعب للاستفتاء العام، وهو الذي يملك اصدار المراسيم بقوانين في حالات الضرورة فيما بين ادوار انعقاد مجلس الشورى والنواب أو في حال حل مجلس النواب، ويكون لاعضاء مجلس النواب الحق في توجيه الاستجوابات للوزراء ويمكن ان ينتهي الاستجواب بطرح الثقة عن الوزير ومن ثم اعتباره معتزلا الوزارة اذا وافق المجلس على طرح الثقة بأغلبية ثلثي الاعضاء، وفي جميع الأحوال لا يجوز طرح الثقة برئيس الوزراء ولكن يجوز التصويت على عدم امكان التعاون معه، وفي حال موافقة ثلثي الاعضاء يرفع الأمر الى الملك الذي يكون له اعفاء رئيس الوزراء أو حل مجلس النواب، وفي جميع الاحوال يكون للملك الحق في حل مجلس النواب وفي هذه الحالة تتوقف جلسات مجلس الشورى).
فمطالبتي بالملكية الدستورية الديمقراطية العريقة التي صوت عليها في ميثاق العمل الوطني سنة 2001 والتي تحقق الحكم الديمقراطي وسيادة الارادة الشعبية هي مطالبة باصلاح النظام ليكون ملكية دستورية ديمقراطية حيث “الملك يسود ولا يحكم” وحيث الفصل بين بيت الملك والحكم على غرار سائر الملكيات الدستورية الديمقراطية العريقة في العالم وليس مطالبة باسقاط النظام ولا أدري كيف غاب ذلك عن النيابة العامة في وافقتها هذا المعنى من الملكية الدستورية الديمقراطية المتعارفة في العالم، والمبينة حدودها وضوابطها في كتب ومعاهد المؤسسات السياسية، والتي يفقهها ويعرفها أبسط تلميذ في علوم السياسة.
ومن هذا المنطلق جائت مطالبي مطالب المعارضة وشعب البحرين بالاصلاح والمطالبة بتطبيق الملكية الدستورية عبر:
المطالبة بنظام انتخابي يساوي بين المواطنين في الصوت الانتخابي واجراء الانتخابات تحت اشراف هيئة وطنية مستقلة للانتخابات.
تمكين الشعب من انتخاب حكومته، وعدم فرض حكومة خارج ارادته.
تمكين الشعب من انتخاب البرلمان الذي تكون له الكلمة الفصل في التشريع والرقابة.
تحقيق قضاء عادل ومستق مالياً وإدارياً حسب أفضل ما توصلت له الأمم المتحدة.
اشراك كافة أبناء الوطن في الأجهزة الأمنية.
حل المسائل العالقة كالتجنيس والتمييز والمصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية.
وتفصيل الرد على سائر ما ساقته النيابة سبق ذكره تفصيلاً في المذكرة المكتوبة المرفوعة الى هيئة المحكمة في جلسة 14-10-2015
في الختام اقول:
أنا مواطن بحريني يطالب بإصلاح النظام واعتماد الملكية الدستورية كما جائت في ميثاق العمل الوطني (ملكية دستورية ديمقراطية على غرار الممالك الدستورية العريقة)، ولم أطالب بإسقاط النظام.
وقد تم انتخابي لرئاسة جمعية الوفاق التي فازت في ثلاث دورات انتخابية بأكثر من 60% من أصوات الناخبين بالنسبة للفائزين في الانتخابات البلدية والنيابية في انتخابات 2002-2006-2010. فهي تمثل سياسياً حسب قرائتي السياسية الغالبية من أبناء الوطن المطالبين بالديمقارطية والحرية والمساواة والعدالة في توزيع الثروة الوطنية.
وتمسكت منذ بداية عملي السياسي حتى الآن بالعمل السلمي ومبدأ الاعنف الذي مارسه غاندي ومارتن لوثر كنج، يشهد بذلك تاريخ يمتد لأكثر من 20 عام.
كما اني اختلف مع سياسة التجنيس القائمة لكنني احترم جميع المواطنين والمقيمين على أرض البحرين ولم احرض على كراهية أي فئة منهم ولم أهدد أحد بأي شيء بل دعيت باستمرار الى التعايش السلمي واحترام كافة المواطنين والمقيمين.
كما انني أتمسك بممارسة حقوقي في نقد السلطة كما شرعتها العهود والمواثيق التي صادقت عليها البحرين وكما رسمها الدستور ولم أتجاوز حتى القوانين المحلية التي لدي عليها تحفظات، فقد إلتزمت بهذه القوانين على ما فيها من علاّت، ولم ادعو احد أو جهة لتجاوزها.
ولم أهن في خطابي أي مؤسسة رسمية أو غير رسمية وكان نقدي أقل مما قال به تقرير بسيوني وما جاء في توصيات جنيف وغيرها من التقارير الحقوقية العالمية ولم أتجاوز في ذلك حق النقد الذي شرعته العهود والمواثيق المصدقة عليها البحرين والمتضمنة في ميثاقعا ودستورها.
حقيقة محاكمتي:
ان محاكمتي بسبب أقوالي ومواقفي السياسية تصادر أبسط حقوق الإنسان المكفولة في المواثيق والعهود الدولية المصدقة عليها البحرين وفي مقدمتها العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، كما تصادر الحقوق التي كفلها دستور مملكة البحرين نفسه.
وتأتي هذه المحاكمة لتقدم نموذج لمحاكمات سياسية أخرى منها محاكمة إبراهيم شريف وفي ظل مصادرة شبه كاملة لحرية التعبير وحرية التجمع السلمي، وحق تكوين الجمعيات، فما يحدث من قمع للأصوات والتجمعات السلمية هو تجاوز واضح لما تسمح به هذه الاتفاقيات والعهود من تقييد قانوني لبعض الحقوق، فالواقع القائم هو قمع للحريات وليس وضع قيود ضرورية لها في المجتمع الديمقراطي.
وقد اطلع العالم على حيثيات هذه المحاكمة وجاء قوله قولاً موحد ان هذه محاكمة سياسية فهي محاكمة رأي وضمير بامتياز وعليه يجب اسقاط التهم القائمة على اساسها هذه المحاكمة والإفراج فوراً عن المعتقل.
دعوة المجتمع الدولي لمساندة البحرين:
أدعو المجتمع الدولي ممثلاً في الأمم المتحدة وهيئاتها السياسية والحقوقية المختلفة وعلى رأسها الأمين العام السيد بان كي مون والمفوض السامي الأمير رعد بن الحسين والدول الديمقراطية الحرة ممثلة في الإتحاد الأوربي والولايات المتحدة الأمريكية والمنظمات الحقوقية إلى مد يد المساعدة للبحرين حكومتاً وشعباً من أجل تحقيق تحول ديمقراطي جاد وحقيقي، يتحقق من خلاله ملكية دستورية ديمقراطية على غرار الديمقراطيات العريقة ووفق لمعايير الديمقراطية التي حددتها وثائق الأمم المتحدة، وتحترم من خلاله العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية وكافة مواثيق وعهود حقوق الإنسان الدولية.
مواصلة المطالبة بالإصلاح الديمقراطي:
انني أشكر كل فرد من أبناء هذا الشعب طالب بالديمقراطية والمساواة والعدالة.
وأدعو إلى الإستمرار في التمسك بالمنهج السلمي للوصول إلى مطالب الشعب العادلة والمشروعة، هذا المنهج الذي ساهمت في ترسيخه مع المعارضة وساهم في الحفاظ على السلم الأهلي.
ان رفض الاصلاح السياسي الحقيقي والجاد والذي يحقق الملكية الدستورية الديمقراطية العريقة يقود إلى استمرار الأزمة السياسية والحقوقية والاقتصادية والاجتماعية ولا يفعل ذلك محب للبحرين وشعبها.
ان هذه المطالبة هي التي تنقذ الاوطان من التطرف والارهاب ومن الاستبداد والجمود والتكلس والتخلف السياسي والاقتصادي والحضاري.
ان محبة هذا الوطن واهله والبحث عن مصالحهم والعمل على تحقيق طموحهم الانساني العادل والمشروع في ديمقراطية حقيقية ومساواة بين المواطنين وتوزيع عادل للثروة وخلق بلد حديث تستحثني لمواصلة هذا النضال السلمي من اجل الديمقراطية واحترام حقوق الانسان مهما كانت الصعوبات والعقبات حتى ينبلج فجر هذه الديمقراطية المنشودة.
خطاب لملك البلاد:
واغتنم هذه الفرصة لأقدم الطلب إلى ملك البلاد بأخذ المبادرة باعتماد صيغة دستورية تحقق الملكية الدستورية الديمقراطية العريقة كما كان الوعد والعهد في ميثاق العمل الوطني.
فإن شعب البحرين شعب متعلم ومتحضر ومؤهل لأن ينتخب حكومته وبرلمانه بدون وصاية المعينين على إرادته.
وبذلك تتحقق مملكة دستورية ديمقراطية على غرار الممالك الدستورية الأوربية الحديثة والمتحضرة.
الحل الوطني:
وأدعو إلى حوار وطني جامع ينتج حلاً وطنياً يبعد البحرين عن التأثيرات السلبية للاضطرابات التي تضرب الاقليم يصادق على نتائجه شعب البحرين الكريم عبر استفتاء عام.
مشروعي السياسي:
هذا هو مشروعي السياسي الذي عرضته مجملاً أحياناً وبتفصيل في أوقات أخرى على مسامع ملك البلاد وولي العهد ووزير الديوان الملكي، وتحدثت به في اثناء عضويتي تحت قبة البرلمان، وتحدثت به على مدى أكثر من عشرين سنة في جميع المحافل ووسائل الاعلام المحلية والدولية.
وسأستمر في الدعوة إليه وأدعو جميع أبناء هذا الوطن الخيرين من كل القبائل والأسر والطوائف والأديان للتعاون وتحقيق هذا الوطن الديمقراطي التعددي الجامع لكل أبناء البحرين الكرام بدون أي تمييز أو إقصاء.
انني أحلم وأتحرق شوقاً إلى رؤية هذه المملكة آمنة مستقرة، يعيش أبنائها جميعاً في حب ووئام، ويتعاونون في بناء هذا الوطن العزيز في ظل علاقة احترام متبادل بين الحكم والشعب وتعاون يرقى باسم البحرين عالياً في المحافل الدولية.
واني أتطلع إلى أن نضع يدنا في يد بعض لمواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية ونعمل يد بيد من أجل هذا الوطن وأبنائه.
اللهم اني استهديك فاهدني، واسترشدك فارشدني، واستنصرك فانصرني، واستعين بك فأعني، وأتوكل عليك فأحسن توكلي عليك يا أرحم الراحمين.
اللهم اجعل هذا البلد آمناً وارزق أهله من البركات والثمرات وألف بين قلوبهم، واجمعهم على المحبة والخير والهدى وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
قدمها الأمين العام لجمعية الوفاق الوطني الإسلامية
الشيخ علي سلمان في محكمة الإستئناف العليا
14 يناير 2016