ماذا يريد أردوغان؟: تولين دلوغلو
العلاقات العكرة بين إسرائيل وتركيا مرت بانعطافة مفاجئة في 14 كانون الاول، عندما اعترف الرئيس التركي أردوغان بان الفلسطينيين ، وكذا المنطقة باسرها، ستخرج كاسبة اذا ما وقع اتفاق مصالحة بين الدولتين. في 2 كانون الثاني واصل أردوغان وعبر عن خط مشابه اذ قال ان «إسرائيل بحاجة إلى دولة مثل تركيا في المنطقة، ونحن ايضا ملزمون بان نفهم باننا بحاجة إلى إسرائيل».
ومع ذلك شدد أردوغان بان التطبيع يمكن أن يكون فقط عندما يرى «تعهدا إسرائيليا خطيا بانها تسمح لتركيا بان تنقل بلا رقابة مواد بناء وباقي المنتجات إلى قطاع غزة» و «تعهد إسرائيل بوقف كل تدخل في نطاق المسجد الاقصى». اما رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو فقد اوضح من جهته بانه لا يعتزم ترك أمن إسرائيل لمصيره ورفع الحصار عن غزة فقط في صالح تعزيز العلاقات مع أردوغان.
إذن ماذا الان؟ الانباء الطيبة هي أن أردوغان فهم اخيرا بان قطع العلاقات مع إسرائيل لا يخدم مصالح تركيا. ومع ذلك، مثل كل الزعماء المسلمين الذين تربوا على الغضبة الايديولوجية، فان هجماته على إسرائيل صادقة وحقيقية.
اضافة إلى ذلك، اذا ما استأنف العلاقات مع إسرائيل اليوم، فانه يخاطر في أن تعتبر سياسته الخارجية فاشلة. ليس لان هذا غير صحيح، ولكن أردوغان غير مستعد لان يراه كذلك. وعليه، فانه يتعين عليه أن يحصل على تنازل إسرائيلي ما يمكنه من أن يعرضه على الجمهور التركي كانتصار.
الزعماء في إسرائيل هم الذين يتعين عليهم أن يقرروا في نهاية المطاف اذا كانوا مستعدين لان يمنحوا أردوغان فرصة لان ينقذ شرفه كي يستأنف تطبيع العلاقات. هذا ليس متعذرا، ويحتمل جدا أن تكسب الدولتان من مثل هذا التنازل، ولكن صحيح حتى الان لا يبدو أن الزمن ناضجا لصفقة.
محظور أن ننسى ايضا السياسة الداخلية في تركيا. فأردوغان يتوق لان يحافظ على الكاريزما غير المشكوك فيها لديه، كي يغير الدستور في الدولة ويستبدل النظام البرلماني بنظام رئاسي. وزير خارجيته السابق، ياسر ياكس، يؤمن بان الثقة المبالغ فيها التي يبديها أردوغان كفيلة بان تقنع الجمهور بان يمنحه الثقة دون أن يثقل عليه.
ان هوس أردوغان في كل ما يتعلق بإسرائيل هو هوس مميز، وقد جعله حجر اختبار لاخلاقية الاسلام والسير في طريقه. اضافة إلى ذلك، فهو لا يريد أن يفقد القدرة على ان يستخدم إسرائيل ككيس للضربات، وان يعرض نفسه بصفته المنقذ الاكبر للعالم الاسلامي. محاولة فاشلة، كما يفهم كل من ينظر إلى سفك الدماء الذي يغرق الشرق الاوسط. إلى جانب ذلك يشدد موظفو الحكم التركي بانهم لا يعتزمون الاستجابة لطلب إسرائيل بان يخفف أردوغان نبرته الخطابية تجاهها اذا ما وقع اتفاق بينهما. فقد قال احد الموظفين ان «الخطاب التركي يتقرر حسب افعال إسرائيل». والتوقيع على الاتفاق مع إسرائيل هذه الايام يمكن أن يعتبر بانه قرار عقلاني من تركيا، التي تحاول أن تعرض نفسها كحليف للولايات المتحدة وحلف الناتو، ولكن طالما لم يعتقد أردوغان بان مثل هذا الاتفاق سيخدم أجندته السياسية في الداخل فان التسوية ستبقى على الورق.
يديعوت