أوهام مضرجة بالدماء
غالب قنديل
ليس جديدا وصف النظام الملكي المطلق لآل سعود بالاستبداد ولا هو جديد اكتشاف علاقته العضوية بالكيان الصهيوني ودوره المحوري في منظومة الهيمنة الاستعمارية على المنطقة والتي يسخر لخدمتها قدراته الاقتصادية والسياسية وعلاقاته المتشعبة في دول العالم الإسلامي وداخل تجمعات انتشار المسلمين في القارات الخمس ، إنها حقائق سبق أن كشفها الزعيم جمال عبد الناصر وبثها في الوعي العربي قبل ستين عاما وهي حقائق مستمرة ومتجددة تصدى السيد حسن نصرالله مؤخرا بشجاعة لكشفها ولإلقاء الضوء عليها.
أولا مضت ستون عاما نجحت خلالها العائلة السعودية المالكة في طمس تلك الحقائق بالمال الذي اشترت به طوابير النخب في الصحافة والثقافة والسياسة على امتداد الوطن العربي وبالسطوة السياسية المستمدة من قوة الاعتماد الأميركي ضمن ما سمي بالحقبة السعودية التي كرست لفرض الاستسلام العربي للكيان الصهيوني تحت تغطية مشاريع التسويات الأميركية وكذلك بإبادة المجموعات المعارضة في شبه الجزيرة العربية وعبر تجنيد المؤسسة الوهابية في احتواء الساخطين وتحويلهم إلى قوة إرهابية ضاربة في خدمة المشاريع والخطط الأميركية .
يعرف جميع أصدقاء المملكة المنافقين أن الحكم الملكي المطلق لا ينتمي إلى العصر وهو نمط من الاستبداد السياسي الذي لا مرجعية قانونية لتصرفاته وقراراته ويقوم على تحكم سلالة مهيمنة بالثروات وبالأرض ومن عليها وهو يوطد سيطرته بتعميم التوحش والإرهاب ومن يشاء يستطيع تبين كثير من الحقائق التي تفضح الهراء الأميركي والغربي عن الديمقراطية وحقوق الإنسان .
ثانيا ليس اكتشافا حديثا حجم التورط السعودي في إنتاج شبكات الإرهاب التكفيري ورعايتها ودعمها وفي استخدامها كأدوات لحراسة الهيمنة الأميركية ولتنفيذ مخططات استعمارية في العالم الإسلامي فهذا التورط مكشوف ومعروف منذ خمس وثلاثين عاما مضت وقد أطلقت هجمات 11 أيلول 2001 حملات اميركية اماطت اللثام عن كثير من الخفايا حول نشأة شبكة القاعدة بتخطيط سعودي أميركي قاده المستشار زبيغنيو بريجنسكي بالشراكة مع المخابرات السعودية التي كان يرئسها تركي الفيصل وبمؤازرة بندر بن سلطان سفير المملكة آنذاك في واشنطن.
وقائع العدوان على سورية تمثل بذاتها وثيقة إدانة للمملكة ولدورها في إنتاج الإرهاب التكفيري ودعمه وهي التي شحنت آلاف اطنان السلاح وصرفت المليارات لتمويل منفذي المجازر الجماعية في سورية وسخرت إمبراطورياتها الإعلامية الضخمة في حملة غير مسبوقة للتحريض والتضليل .
شاعت أوهام كثيرة حول استعداد المملكة للتكيف أو للتراجع لكنها تثبت تصميما على التصعيد في خياراتها المدمرة بانخراطها في الحرب على سورية وبمواصلة عدوانها الدموي في اليمن وبينما تنشط جميع أدوات تورطها في حروب بالواسطة في ليبيا والعراق والجزائر وبلدان عديدة في افريقيا و آسيا.
ثالثا تنفذ المملكة مع سبق الإصرار خطة أميركية لتمزيق العالم الإسلامي مذهبيا انطلقت بها منذ انتصار الثورة الإيرانية وتصاعدت وتائرها بعد انتصار حزب الله على الكيان الصهيوني عام 2000 ومن ثم عام 2006 حين كانت المملكة مشاركة في الحرب الصهيونية من خلال المرتبطين بها في لبنان وبواسطة منظومة تبادل الخدمات الأمنية مع الكيان الصهيوني في مجموعة شرم الشيخ التي قادتها كونداليسا رايس .
المملكة تصدر فقه الإرهاب التكفيري ودعاته وتعلن الحرب على الإرهاب وهي تمثل الحكم السياسي الاستبدادي الأشد تخلفا وتحجرا وتنشط للتبشير بالديمقراطية كغطاء لحروب التوحش التي تخوضها جماعات الإرهاب الوهابية الأخوانية التي رضعت في الحضن السعودي والممكلة تتحدث عن الاستقرار الإقليمي وهي تدير منصات عدوان واسع في جوارها الإقليمي والعربي وتقود أخطر فتنة مذهبية في العالم الإسلامي والبلاد العربية.
تصفع المملكة بأيد مضرجة بالدماء جميع الواهمين حول التسويات الافتراضية وتلك الخطة التي رسمت في واشنطن محورها تسعير الانقسام المذهبي واستثماره ولذلك كانت القمة التركية السعودية قبل اغتيال الشيخ النمر الذي كان مقدرا ان يقود سفك دمه لتداعيات خطيرة في الداخل والخارج ومن ثم أطلقت الحملة العدائية ضد إيران بجميع مفرداتها التحريضية والفتنوية .
أوهام التسويات الافتراضية سقطت مضرجة بدماء الشيخ النمر والمهم هو كسر خطب الفتنة وتغليب الفطنة السياسية في التعامل مع الأحداث المقبلة فالخطة الجاري تنفيذها جهنمية وخطيرة .