السيسي: استرضاء هولاند أم «تجميد» جبهة ليبيا؟ ثريا عاصي
26 تشرين الثاني 2014 . الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في باريس، يقول انه أجرى محادثات مع نظيره الفرنسي فرنسوا هولاند. قيل أن الإثنين تطرقا إلى مواضيع كمثل فلسطين، والعراق، وسوريا وليبيا .. بالإضافة طبعا إلى مصر.
أن تتباحث مع الرئيس فرنسوا هولند في المسألة الفلسطينية، يدل ضمنيا أو جهرا على عدم معرفتك بالرجل أو على موافقتك على آرائه، أو على أنك واهم أن باستطاعتك تصحيح مواقفه. فهو صديق مقرب من رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي. المعروف عنه أنه يسير على نهج قادة المستعمرين الإسرائيليين من طينة مناحيم بيجين ذوي الميول الفاشيستية بشهادة الكاتب الإيطالي بريمو ليفي. إن طروحات هولاند فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية مطابقة لمنطق سلفه نيكولا ساركوزي. الذي ترك في سجل رؤوساء فرنسا خطبا وأقوالا تتميز بالغرابة والغلاظة. مهما يكن، من المعروف أن الحكومة الفرنسية كانت في طليعة الأطراف الذين شاركوا في العدوان على ليبيا. وما من شك في انها تضمر عداء كبيرا ضد سوريا، بل هي من ألد أعداء سوريا. بينما بدا موقف الرئيس السيسي واضحا ولافتا بالنسبة لدعمه مؤسسات الدولة السورية (يعني أيضا مؤسسة الرئاسة والجيش العربي السوري) وتأكيده على وحدة سوريا.
إستنادا إليه، من المرجح إذن أن القضية الفلسطينية لم تكن على الإطلاق على طاولة البحث بين الرئيسين الفرنسي والمصري، وإنما كانت فقط على منبر الكلام.
قال هذان الرئيسان انهما درسا الأوضاع في العراق. يحسن التذكير هنا، بأن الحكومة الفرنسية في عهد الرئيس الإشتراكي ميتران، وقفت بقوة إلى جانب حكومة الرئيس العراقي صدام حسين في الحرب التي شنها هذا الأخير ضد إيران بعد سقوط الشاه. ومن المعلوم أن حكومة الرئيس المصري حسني مبارك توكلت هي الأخرى بالمشاركة في الحرب المذكورة. من البديهي في هذه المسألة أنه إذا كانت الحكومة الفرنسية لم تبدل مواقفها تجاه إيران، فان الحكومة العراقية أو بالأحرى العراق تبدل . أعتقد أن مصر أيضا لم تعد كما كانت في عهد مبارك. ينبني عليه أن قصد الحكومتين المصرية والفرنسية ليس واحدا في العراق. كما أني أقول وأجزم بأن أهدافهما متباعدة جدا، بل متناقضة في سوريا. لولا الضعف الذي أصاب مصر لما تمكن أعداء سوريا من عزلها عن عمقها السوري والعربي تمهيدا لشن الحرب ضدها ولو سقطت سوريا لازدادت مصر وهنا ولأحدقت بها الخطورة.
اللافت للنظر أن الرئيس المصري زار ايطاليا الدولة التي كانت تستعمر ليبيا، قبل زيارته لفرنسا . فالعرف في عالم العولمة، هو أن يكون للدولة المستعمِرة كلمتها في مصير المستعمرَة. لا يخفى أن حكومة فرنسا دشّنت إنطلاقا من ليبيا، سياستها الإستعمارية الجديدة، أو بالأحرى حروبها الإستعمارية، في إطار العولمة وفي ظل الأمبريالية الأميركية. ليس مستبعدا في هذا السياق أن يكون النفوذ الفرنسي قويا في ليبيا على العموم، وفي شرق ليبيا بوجه خاص.
مجمل القول ان مصر تتعرض لهجمات دموية، ليس في سيناء وفي المياه الإقليمية فقط وإنما عبر الحدود مع ليبيا أيضا . من هي القوى التي تحارب مصر على هذه الجبهات الثلاث؟ من المحتمل أن تكون الإجابة على هذا السؤال التي يعرفها بالقطع، الفرنسيون والمصريون، هي التي كانت محور زيارة السيسي إلى هولاند.
(الديار)