أيها المسلمون والمسيحيّون اتّحدوا… العلامة الشيخ عفيف النابلسي
تتزامن في هذه الأيام ذكرى ولادة الرسول الأكرم محمد ص وميلاد السيد المسيح ع . ولادتان تختزنان الكثير من المعاني الخلاصية للإنسانية التي تعيش العذابات والآلام، بسبب ابتعادها عن القيم السماوية والتعاليم الإلهية اللتين تكفلان السعادة والأمن والرخاء.
بقول تعالى : وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقًا . ماذا يعني ذلك. يعني أن الالتزام بما جاء من تعاليم وتوجيهات النبيين الكريمين كفيل بأن تعيش البشرية بخير وسلام.
أما مخالفة أقوالهم من أوامر ونواهٍ، ومعارضة القوانين التي سنّاها لتنظيم علاقات البشر، فسيجعل الحياة مليئة بالكذب والتجهيل والتجويع والظلم والحروب، ما يجعل الأرض مكاناً غير صالح للعيش. صحيح أن الإنسان قادر على فعل الأفضل، ولكنه أيضاً قادر على فعل الأسوأ.
وصحيح أن الإنسان يرغب بالتلاقي والاجتماع، ولكنه أيضاً يرغب بالتنافر والانعزال. وصحيح أن الإنسان يحب الأمن والسلام ولكنه أيضاً ينزع إلى التطرف والتعسف وافتعال الحروب.
وصحيح أن الإنسان يسعى نحو الخير، ولكنه في الوقت نفسه يندفع بغرائزه لممارسة الشرور.
ولا بدّ من فهم هذا التناقض الذي يسكن الإنسان، وكيف يمكن له أن يعالجه من خلال الاهتداء بالنبيين الكريمين والاستقامة على نهجهما.
إنّ إحدى المشكلات الكبرى التي تعانيها الإنسانية تتأتى من حركة الخروج عن القيم السماوية التي تنشر الرحمة والمحبة والألفة والسلام بين البشر. حتى أصبحت العلاقات الإنسانية تسودها الحروب والانقطاعات والطمع وحب السيطرة والتملك بما يجاوز الحاجات الطبيعية لكل إنسان.
هناك بعض الدول أو التيارات تنتسب إلى الدين زوراً، ثم تبدر منها تصرفات عدوانية مذمومة تسبب إثارة الكثير من المشاكل والأزمات.
السعودية نموذج لهذا الخروج عن الدين، حين طغت عليها النزعة المتطرفة، والتيارات الوهابية التكفيرية نموذج آخر للإفساد، والدول الاستعمارية التي تركب موجة الدين ساعة تشاء، نموذج سيئ أيضاً لنشر الكراهية والحروب والفتن في الكثير من مناطق العالم.
يؤسفني أن أقول إنّ بعض المسلمين قد تنصّلوا من سننهم بدعاوى واهية، فأصبحوا يبررون القتل والعدوان، وبعض الغرب ابتعد عن المسيحية واخترع خرافة الإسلاموفوبيا وباتوا يبررون الحروب والاستحواذ على دول ومناطق واسعة من العالم.
وهنا أمام هذه المرحلة الحرجة من عمر البشرية على المسلمين والمسيحيين أن يتّحدوا من أجل عالم أفضل وإنسانية موحدة وسلام دائم بين بني البشر.
أيها المسلمون والمسيحيّون اتّحدوا !!.
اتّحدوا لمناهضة الظلم والتمييز والعدوان.. واتّحدوا من أجل الخير والمحبة والسلام!
(البناء)