الأمر لنا ولأوباما الرحيل…! محمد صادق الحسيني
الأنباء المؤكدة من مصادر صناعة القرار في عواصم المقاومة تؤكد حصول حزب الله ليس فقط على سلاح كاسر للتوازن، بل وسلاح آخر أخطر، وهو سلاح يُعمي بصر العدو الصهيوني والذي قد يعطل أفضلية تفوقه الجوي هذه المرة ما قد يجعل قرار شن الحرب بعد اليوم أقرب إلى المغامرة…!
القصف من علو شاهق ومن خارج دائرة الاشتباك المباشر وفي لحظة انتقالية متسارعة الخطى لضرب هدف سمين في عمق الداخل السوري، قد يفسّر الحاجة الماسة لدى العدو لتسجيل رمزية انتصار على جبهة المقاومة وهي تتحوّل لصاحبة اليد العليا في أية مواجهة مقبلة…!
عملية اغتيال القائد الشهيد سمير القنطار تأتي في هذا السياق لتحمل معها رسالة استفزاز واختبار وتحدٍّ وتشفٍّ أيضاً قبل فوات الأوان لعمليات كهذه..!
لكن المقاومة هي المقاومة والحزب هو الحزب والسيد هو السيد والذي أصرّ على إخراج القنطار من سجنه في فلسطين المحتلة، ولو بحرب، وتخلّى عن معادلات قواعد الاشتباك كلّها من أجل الثأر لجهاد مغنية ومحمد عليّ الله دادي، قد يتخذ قراراً برد متفاوت هذه المرة يجعل العدو إما أن يبلع سمّه متألماً أو يضع إصبع الجليل تحت خطر نيران وأقدام المقاومة الإسلامية اللبنانية…!
لا أحد يعرف بالضبط زمن ولا نوع ولا مكان الرد، لكنه بالتأكيد سيكون من النوع المثير جداً للقيادة «الإسرائيلية» الغبية التي اختارت اللعب مع ذيل أسد حارة حريك في لحظة تحوّل إقليمية ودولية تصبّ كلها في مصلحته…!
ذلك لان أوباما المتهافت في مسرح التحولات الدولية لن يستطيع إنقاذ قادة تل أبيب بسهولة من الآن فصاعداً إذا ما وقعوا في سباق معركة عض الأصابع، لان إصبعه مغمس بسمّ الشام وبغداد وصنعاء والحبل على الجرار…!
ثم هي السنة الأخيرة له فوق عرش الولايات المتحدة الأميركية ما يجعله في أوج ارتباكه واضطرابه وهو المقرّر أن يغادر المسرح السياسي الدولي دون أن ينجح في زحزحة الأسد عن عرينه في الميدان، كما في الديوان…!
هي أربع سنوات عجاف لم تترك عصاباته المتمترسة منها في القصور أو تلك الهائمة على رؤوسها في الأرياف، وسيلة إلا واستخدمتها ضد أسد الشام ولم تفلح لا في هزيمة شعبه ولا في إخراجه من مسرح صناعة القرار الإقليمي، ناهيك عن إجباره عن مغادرة عرينه…!
الحروب قد يشتدّ ويلتهب أوارها أكثر فأكثر، ونحن نرى العدو يتقهقر مجبراً من هرمز إلى باب المندب. نعم، ولكن من الآن فصاعداً نحن الذين نهجم ونطوّق ونحاصر ونقطع الأوصال وهم يولون الأدبار إلى مزيد من الضياع والتيه…!
كل الموازين القديمة تداعت، وكل قواعد الاشتباك تقادمت بعدما تمكّن محور المقاومة من قهر إرادة رأس الشر المطلق وإجباره على شرب كأس السم من جديد، ولكن هذه المرة في كواليس السياسة والدبلوماسية بعدما أشبعته من مرارة الهزائم في أكثر من ميدان…!
من فيينا إلى نيويورك إلى جنيف وبالعكس، كل محاولات محور الشر الدولي ضد شعوبنا لمنعها من تحقيق الانتصارات في الميدان أو كسر إرادة قادتنا إلا وفشلت حتى الآن ولم يبق أمامه إلا لعبة أخيرة يعتقد أنه يتقنها، وهي لعبة فرق تسُدْ…!
التسلل والاختراق إلى داخل عرين المقاومة في محاولة لدحرجة أحدنا أو جميعنا إلى فخ الفتنة أو الانشقاق أو الخروج على قواعد اللعبة المتفقين عليها…!
يحاولونها من طهران إلى دمشق إلى بغداد إلى بيروت إلى صنعاء، وهم يبحثون عن مَن يملك مواصفات لعب دور حصان طروادة ليقتحموا من خلاله صفوفنا المتراصة، ولكن هيهات لهم ذلك…!
حتى نهج أو أسلوب استدعاء مشهد «حرب الجمل» التاريخية الشهيرة واستحضار رواية تحاكي تلك الواقعة، لو فعلها فسيواجه بالصدّ والردع والخسران الأكيد، ذلك أن بصيرة جماهيرنا ونخبنا وقياداتنا باتت أقوى من أي وقت مضى وأكثر إدراكاً لاتجاه البوصلة ومنع الانحراف داخل مسيرة الرفض التاريخي للاستبداد والهيمنة وسياسة المخاتلة والحيلة والخداع الاستراتيجي..!
وحده الاعتراف بالحقيقة المرة، بأنه خسر الرهان على أدواته التقليدية وأنه خسر المعارك الكبرى ضدنا بالنقاط، هو من يبقي له بعض ماء وجه، وإلا فإلى النزال الأكبر فوق أرض الجليل الأعلى وصولاً إلى الرهان على بقاء اصل الكيان الغاصب. وهذا ما تشتاق إليه إرادة المقاومين وتنتظره بفارغ الصبر، والقضية الأكثر تأثيراً في وحدة جموع الأمة تحت راية المجاهدين وإنجاز معادلة النصر بالرعب وبالضربة القاضية وتحقيق الحتمية القرآنية بزوال «إسرائيل»…!
عليه هذه المرة الاختيار بين أمرين أحلاهما مرّ…
هذا ما بقي من أحلام بوش الحربية الكبرى وأوهام أوباما «الناعمة».. والأيام تدوّن روايات انتفاضة أهلنا في فلسطين المحتلة بكل ثبات واقتدار ويقين…
(البناء)