بقلم غالب قنديل

ماذا بقي من كرامتنا الوطنية ؟

7izb allah

غالب قنديل

يمر الخبر في بيروت عبر وسائل الإعلام اللبنانية وبكل بساطة تجتره النشرات المرئية والمسموعة وتستنسخه الصحف : عقوبات جديدة في الكونغرس ضد حزب الله ومؤسساته الإعلامية.

اولا تهيمن البلادة السياسية ويختفي العنفوان الوطني في زمن المساكنات اللبنانية ومع شيوع توليفات المسايرة السياسية بين أنصار المقاومة وخصومها وفي ظل السقوف المنخفضة التي ترسم لمداراة العصبيات ولاحتواء مخاطرالفتنة التي هي مادة ابتزاز متواصلة لحكمة المقاومة وحلفائها.

ينطلق المقاومون من ثقة بالقدرة ومن التوازنات الرادعة التي لا تملك الولايات المتحدة وجميع حلفائها في الغرب والمنطقة القدرة على قلبها لكنهم مدعوون للانتباه إلى ان الإدارة الأميركية ودول الناتو واللوبي الصهيوني في العالم والكيان الغاصب والمملكة السعودية يستنفرون معا ما تبقى بأيديهم من ادوات يشهرونها لمواصلة حربهم ضد المقاومة في الفضاء عبر الأقمار الصناعية ومن خلال الشبكات العنكبوتية وفي ثنايا الشبكات المالية الدولية وفي قلب لبنان بما تجمع عندهم من قنوات تأثير سياسي وقانوني وإداري في تركيبة مهلهلة ومثقوبة بارتهانات سافرة.

ثانيا رغم حملات التضامن الجيدة والجامعة مع قناة المنار لكن العدوان الأميركي السعودي على لبنان لم يلق ما يستحق من حرارة الرفض والاحتجاج ونكتشف واقعيا كيف تم تدجين الرأي العام اللبناني وحتى الاستنكار الباهت والروتيني بالكاد يظهر لكثرة ما سبق ان صدرت استنكارات وإدانات بعد بيانات ومواقف وقرارات اميركية وسعودية واوروبية تصوب في ذات الاتجاه وجميعها خصت حزب المقاومة وقناته الإعلامية بعقوبات وتدابير حظرمنذ عشرين عاما لكنها بلغت ذروة نوعية في الأسابيع الماضية .

تتحفز بعد قرار الكونغرس آلة ضخمة من المؤسسات والأجهزة التي تديرها الإمبراطورية الأميركية والحكومات التابعة في العالم والمنطقة لتنفيذ التعليمات التي صدرت بشد الخناق على حزب الله وكل من يتعامل معه او يسانده وبمطاردة قناة المنار في الفضاء بهدف التخلص منها بأي ثمن وينبغي مصارحة الناس بحقيقة المخاطر المستجدة وغير المسبوقة التي تستدعي مجابهة استثنائية وغير تقليدية على مستوى التحركات الشعبية والرسمية والتدابير التي يفترض بمحور المقاومة اتخاذها مع شركائه في العالم وخصوصا روسيا والصين لإيجاد بدائل البث الفضائي والتداول المالي والمصرفي بعيدا عن نطاق الهيمنة الأميركية.

ثالثا مصدر تلك العقوبات المتراكمة من سنوات يعرفه اللبنانيون وهو الكيان الصهيوني ومجموعاته الضاغطة الفاعلة في مواقع القرار الأميركية ومشكلة حزب الله مع الولايات المتحدة هي ان هذا الحزب حركة مقاومة استقلالية رافضة للهيمنة الاستعمارية الصهيونية في المنطقة وهو القوة التي اعترف تقرير فينوغراد انها دمرت هيبة الردع الصهيونية في ثلاثة وثلاثين يوما خلال حرب تموز وكما هو القوة الحامية لسيادة لبنان في وجه التهديد الصهيوني المستمر بالعدوان فهو كذلك القوة الواقفة في وجه التهديد الإرهابي الذي يحركه الأميركيون وأعوانهم في الناتو والمنطقة وحيث يلعب هذا الحزب دورا مجيدا في دحر عصابات الإرهاب التكفيري على الأرض السورية ويسهم في اعتراض الخطط الأميركية والإسرائيلية التي انخرطت فيها حكومات السعودية وقطر وتركيا داخل سورية وعلى جبهة الجولان وفي جرود لبنان الشرقية.

المقاومة اللبنانية هي رمز قوة وعزة في واقع لبنان وموقعه الإقليمي ومن المفروض في أي بلد يحترم سيادته ان يمنع أي استهداف لمثل هذه القوة المدافعة والمحررة التي تبذل التضحيات وأن يعامل ذلك الاستهداف مهما كانت وسائله او كان حجمه على انه اعتداء على استقلال لبنان وشرفه وكرامته .

رابعا ببساطة ترضخ الحكومة اللبنانية لطلبات اجنبية عديدة تعاكس السيادة كمفهوم وببساطة يصمت لبنان على انتهاكات كثيرة تطال استقلاله وسيادته وتنطلق التبريرات والذرائع الواهية … فمن العار مثلا ان يستقبل المسؤولون الأميركيون عن ملفات العقوبات وان يقبل أي مسؤول لبناني بلقاء أي منهم للبحث في تنفيذ عقوباتهم على المقاومة اللبنانية ومؤسساتها الإعلامية وهل ننسى جلسات الاستماع والإذعان الموسعة مع ديفيد كوهين نائب وزير المالية الأميركي لشؤون العقوبات ؟!

من العار ألا تبحث المؤسسات اللبنانية سبل التعامل مع تلك العقوبات بوصفها عدوانا موصوفا على لبنان يستحق الرد والمعاملة بالمثل ومهما كان الحجم المقدر لأي خطوة لبنانية فلتكن صرخة ضد الطغيان والتجبر الأميركي ورسالة غضب من شعب يعتد بالكلام عن تمسكه بالكرامة .

خامسا يمكن للبنان اتخاذ قرار بعدم التعامل بالدولار ليوم غضب واحد مثلا في تحويلاته المصرفية ومعاملاته التجارية ويمكن للبنان وضع رسوم إضافية على بعض السلع المستوردة من الولايات المتحدة يخصص مردودها لعائلات شهداء الجيش والمقاومة وعائلات المواطنين الذي قتلهم العدوان الصهيوني والإرهاب التكفيري ويمكن للبنان وضع قيود على نشاط مؤسسات الإعلام الأميركية على أراضيه… يمكن اقتراح غير ذلك الكثير … لكن طبعا هذه الطريقة في التفكير توسم بالتطرف وفيها ما يعتبره السياسيون بمن فيهم العديد من الوطنيين ضربا من الهذيان والتخيل غير القابل للتطبيق بذريعة الواقعية البلهاء .

الحلف الأميركي الصهيوني السعودي لن يرتدع بالصمت والتمني او ربما بالتسول فمحاولة النيل من حزب الله هي استهداف متجدد لقوة لبنان وحصانته وكرامته الوطنية التي يمثلها هذا الحزب وكل إضعاف لقدرات المقاومة هو تمكين جديد لإسرائيل بهدف المزيد من العدوان والتهديد كما بات مفضوحا بوصفه تعزيزا لقدرة الإرهاب التكفيري … سؤالنا للساسة من كل المشارب …مذا بقي من كرامتنا الوطنية ؟!.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى