الكونغرس أعلن الحرب على “المنار “
غالب قنديل
وفقا للنص المنشور قبل يومين امهل الكونغرس الإدارة الأميركية تسعين يوما لتزويده بلائحة شركات تشغيل الأقمار الصناعية التي تتعامل مع قناة المنار لمعاقبتها … إنها خطة اميركية لمحو قناة المنار في الفضاء ومن خلال فرض العقوبات على الشركات التي تتعاقد معها على رزمة بث فضائية .
بهذا الشكل اكمل قانون معاقبة حزب الله وقناة المنار دورته في الكونغرس الأميركي بإقراره في مجلس النواب بعد مصادقة مجلس الشيوخ وفي الحصيلة مجموعة من النقاط اللافتة للانتباه أولها التزامن بين تدابير شركة عربسات ضد المنار وهذه الحركة الأميركية العدائية تستكمل تدابير تراكمت منذ اكثر من عشرين عاما ضد قناة تلفزيونية صنفت بصورة مخالفة لأي قواعد او اعراف قانونية بوصفها “كيانا إرهابيا” لاعتناقها فكرة المقاومة لتحرير الأراضي اللبنانية المحتلة وللدفاع عن السيادة اللبنانية في وجه العدوان الصهيوني وهي عملية أثارت استهجان الكثيرين منذ انطلاقها.
يؤشر القرار المتخذ إلى رسوخ هذا التوجه الأميركي الذي أطلقه وصاغه اللوبي الصهيوني داخل الولايات المتحدة وهو ما يؤكد ان ذلك التوجه الأميركي نفسه خلف القرار السياسي الذي اتخذه وزير الإعلام في المملكة السعودية بالطلب إلى شركة عربسات وقف بث القناة اللبنانية دون المرور بالطرق القانونية والدبلوماسية الطبيعية التي يفترض أنها ممر ملزم في العلاقة مع الدولة اللبنانية وحيث تم تدبير ذريعة ضعيفة ومجتزأة استحضرت على عجل وبناء على واقعة مضت عليها أشهر مما يبطل مفعولها القانوني أمام أي محكمة كانت.
يبدو الأمر سورياليا للبعض … ونفاذا للقدر الأميركي الأعمى عند البعض الآخر من المخبولين بالجبروت الاستعماري: الإمبراطورية الأميركية بجلالها العالمي تطارد قناة تلفزيونية لبنانية تتبنى خيار المقاومة ضد الصهيونية والتكفير وتروج لثقافة الإخاء الديني ولاحترام المعتقدات وترفض العنصرية والكراهية والإرهاب بجميع تعبيراتها السياسية والإعلامية .
عندما تصدر الولايات المتحدة هذا القانون فهي تشن اعتداءا سافرا على سيادة لبنان واستقلاله وتعتدي على حرية الإعلام اللبناني وتنتهك مرجعية القانون اللبناني في انتظام الأداء العام للمؤسسات الإعلامية الوطنية المرخصة وفق القانون الذي تعتبر قناة المنار في محتوى ما تبثه من بين المؤسسات اللبنانية الأشد احتراما لقواعده وأحكامه.
وقبل كل ذلك فالولايات المتحدة تستهدف حرية الإعلام التي تتشدق بها كما يجترها عملاؤها المنظمون في هيئات “المجتمع المدني” عبر العالم ويكررون الخطب الأميركية عن خرافة ” العالم قرية صغيرة ” وفي التعبير الأدق مستعمرة أميركية كما تراها واشنطن .
في الخلفيات ما يشير إلى مدى انتشار وتأثير المنار في البيئة العربية وفي العالم على مستوى كشف الحقائق المتصلة بالاحتلال الصهيوني لفلسطين وعلى صعيد القتال ضد جماعات التكفير الإرهابية والبعد التعبوي لمحتوى ما تبثه المنار في هذين المسارين يصيب بقوة خطط الولايات المتحدة والحكومات الإقليمية المتورطة في حروبها العاثرة ومما لاشك فيه ان اللوبيات الصانعة للتشريعات الأميركية اجتمعت على إعلان الحرب ضد المنار لأن إسرائيل وحكومات اخرى في المنطقة تعتبر انتشار المنار تهديدا وجوديا في لحظة حرجة تضج بهزائم وإخفاقات موصوفة على الأرض يخشى من نجاح المنار في استثمارها لخلق مناخ تعبوي يرتد على الهيمنة الأميركية وأدواتها في المنطقة .
ماذا ستفعل السلطات اللبنانية في وجه الاعتداء الأميركي وما هي التدابير التي ستتخذها او ينبغي التحرك لفرض اتخاذها وكيف يتجسد عمليا مبدأ ان الإعلام اللبناني مرفق سيادي مرجعيته القوانين اللبنانية وليس من حق أي جهة غير لبنانية كائنا من كانت ان تنتهك هذا المبدأ ؟
السؤال برسم مجلس النواب ومجلس الوزراء في قضية ينبغي أن تكون حافزا لتدفيع الولايات المتحدة وكل من يستجيب لطلباتها كلفة معنوية عالية فمن يجرؤ على قول كلمة الحق؟
البدائل قائمة وموجودة ومحتملة للبث الفضائي من خارج القبعة الأميركية الخانقة وهي تتطلب قرارا وطنيا جريئا يكسر المألوف كذلك فالحق السيادي بالمعاملة بالمثل معروف ومتعارف عليه ويمكن إشهاره بوقف جميع التسهيلات الممنوحة في لبنان لوسائل إعلام اميركية وسعودية كائنا من كانت وهي كثيرة وفائضة لكن المطلوب انتفاضة كرامة وطنية تخرج الأداء اللبناني من الخنوع والاستكانة فالقضية المطروحة هي قضية الحرية والكرامة الوطنية لأن المستهدف هو استقلال لبنان وليس فحسب قناة المقاومة التي تمثل ركنا حاسما في معادلة التحرير والانتصار والصمود ضد العدوان الصهيوني والتهديد الإرهابي .