تحية للوشاة: جدعون ليفي
تحية لكاشفي الفساد، إنهم وُشاة. تحية للمشتكيات على التحرش الجنسي، إنهن وُشاة. تحية لمن يوثق تعذيب الحيوانات ومن يُدخل الكاميرات الخفية إلى المطابخ. تحية لمن يكشف عن العنف داخل العائلة، هم ايضا وُشاة. وتحية كبيرة بالطبع لمن يوثق جرائم الاحتلال ويُطلع الجمهور عليها، في البلاد والخارج. تحية لمن يرفض السكوت عليها وتحية لـ «نحطم الصمت».
من خلال التحريض ضد هذه المنظمة تم سماع ادعاءين: كاذبون ووُشاة. الادعاء الاول كاذب والثاني مُخجل. فلم يُمسك أحد «نحطم الصمت» وهم يكذبون، ولا حتى اورن حزان المتخفي. ذهب الادعاء الاول. الثاني أضعف من الاول، لا توجد طريقة اخرى سوى تلك التي تسلكها المنظمة. عندما اشتكت تسيبي لفني في مؤتمر «هآرتس» في نيويورك من أن المنظمة لا تذهب إلى الجيش وتطلعه على النتائج، ساهمت في اخفاء الامور. فهي ايضا تعرف عم يدور الحديث عندما نتحدث عن الجهاز القضائي العسكري. هل كانت ستقول ذلك ايضا لمن يكشف فساد من نوع آخر؟ انهاء المشكلة داخل العائلة؟ داخل الجالية؟ الاخفاء هو أكبر الاخطاء.
حينما يقول وزير الدفاع إن اهداف المنظمة «شيطانية» فانه يثبت لماذا محظور التوجه للجيش الإسرائيلي. وحينما يقول رئيس الدولة في مؤتمر «هآرتس» إن الجيش الإسرائيلي هو الجيش الاكثر اخلاقية في العالم، هو ايضا يثبت أنه لا يوجد من يمكن الحديث معه في إسرائيل. القيادة والجيش والمجتمع ووسائل الإعلام يقتنعون أن جيش الاحتلال يمكن أن يكون اخلاقي، وأن الجيش الذي قتل آلاف الأبرياء في غزة هو الأكثر، الأكثر، وأن الجيش الذي يقتل دون تمييز راشقي الحجارة ومنفذي الطعن يوجد فوق كل الشبهات هذا يثبت إلى أي حد ضروري الكشف عن الحقيقة، في البلاد وفي العالم. نعم حينما تكون البلاد مغسولة الدماغ وتنكر فلا مجال سوى التوجه للعالم. من يريد اخفاء الحقيقة في الخارج يريد ايضا اخفاءها في البلاد.
شهود «نحطم الصمت» الألف هم وحدة النخبة للجيش الإسرائيلي. هم أفضل الجنود، الأكثر بطولة وجرأة. سوف يأتي مجدهم. هم أكثر جرأة من الجبناء الذين يطلقون النار على فتيات يحملن المقصات. هم الوحيدون القادرون على انقاذ كرامة الجيش الضائعة في العالم. إذا كانت هناك دعاية إسرائيلية فاعلة في العالم فهي بفضل «الوُشاة». رأيت نشيط «نحطم الصمت» وظهوره الملفت، افنير غبرياهو، في مؤتمر «هآرتس». وايضا روجر ووترس كان منفعلا من رؤية إسرائيليين كهؤلاء.
«الوشاة» الذين تحدثوا في بلادهم وخارجها عن جرائم النظام السيء في بلادهم، هم أبطال التاريخ. فمن هم الثوار إن لم يكونوا «محطمي الصمت». في إسرائيل الجديدة، كان من وثقوا قضية الخط 300 بمثابة خونة، ومن نشر عن المجزرة في قبية وكفر قاسم تم اتهامهم بأنهم فعلوا ذلك لاسباب شيطانية. إسرائيل الجديدة لا تريد معرفة كل ذلك. يمكن أنها كانت ستؤدي التحية لمن نفذ المجزرة في كفر قاسم وتمنح الأوسمة لمن حطم الجماجم في قضية الخط 300.
بهذا الشكل يصل المجتمع الذي ينكسر إلى المرحلة الاكثر صعوبة في حياته. فقدان الصلة مع الواقع. إسرائيل لا تريد معرفة المزيد مما يحدث باسمها، وهي ترد على من يقول الحقيقة، بالحرب، هذه الحرب التي تشارك فيها المعارضة ووسائل الإعلام جميعها تقريبا. الجميع يعرف أن الاحتلال قبيح. وجميعهم يريدون انكار ذلك والتنصل منه. الجميع يرددون في جوقة واحدة: الموت للخونة والموت للحقيقة.
هآرتس