مقالات مختارة

شروط العناق:ناحوم برنياع

 

التقارب بين قادة غرباء ـ شيء يسمى كيمياء ـ وهو أمر كثير الفائدة. ويمكنه ازالة سوء الفهم وتجاوز العقبات هنا وهناك. والامر الأهم هو التقارب النابع من قرار وتوجه مسبق. الحميمية التي أحاط بها براك أوباما روبي ريفلين أول أمس خلال زيارته في البيت الابيض كان هدفها نقل رسالة إلى الشعب الإسرائيلي والجالية اليهودية في أمريكا. أنا، كما قال براك أوباما، لست من علموكم أن تكرهوه. لقد ضحكوا عليكم، والتزامي تجاه أمن إسرائيل أكبر من التزام أسلافي. وأنا استطيع العناق: فقط أعطوني الإسرائيلي المناسب ـ فقط أعطوني الفرصة.

وجد أوباما في الرئيس ريفلين شريكا مثاليا. ريفلين هو إسرائيلي يعرف كيف يقول شكرا من اعماق القلب بدون لكن وممكن وماذا. هو يستطيع رد الجميل بالجميل والمدح بالمدح. لقد جاء إلى واشنطن وهو مصمم على أن يفعل كل ما يستطيع لازالة التوتر في العلاقات مع البيت الابيض وتغيير صورة أوباما في عيون الإسرائيليين. التقى أوباما وريفلين على نفس الموجة. وحقيقة أن للاثنين موقف متشابه حول سلوك رئيس الحكومة الإسرائيلية، ساعدت على التقريب بينهما.

أوباما لا يكثر من عناق الناس، لكنه قرر معانقة ريفلين، وصمم على تجاوز البروتوكول ومرافقة نحاما ريفلين إلى السيارة المصفحة ومساعدتها في الصعود والجلوس في المكان المخصص لها. وانفصلت ميشيل أوباما عن زوجة الرئيس بقبلة، وكأنهم قالوا: هذا ما يفعلونه للزوجين اللذين يرغب رئيس الولايات المتحدة بزيارتهما.

حينما تحدث ريفلين لنتنياهو عن الاستقبال الحميم الذي حظي به كان الجواب حامضا. نتنياهو كان يفضل أن يكتفي ريفلين باشعال شموع الحانوكاه أو يبقى في البيت. واذا كان لا مناص من اللقاء مع أوباما فليخصصه ريفلين لتقديم طلبات معروف مسبقا أنها ستُرفض. يستطيع مثلا أن يطلب من أوباما الاعفاء عن بولارد والسماح له بالمجيء إلى إسرائيل. أوباما قال إنه سيفحص الامر ـ وهذا قول مؤدب يعني أن الامر غير وارد. يستطيع ريفلين أن يُذكره أن نتائج الفحص لم تصل بعد إلى إسرائيل.

نتنياهو يفوت الفرصة بدون مقابل: باستثناء أمر واحد، الذي سنصل اليه، فان وضعه في واشنطن ممتاز. فقد نجح في الساحة الدولية وفي الساحة الأمريكية الداخلية. يمكن أن يفرح لذلك أو يأسف، لكن حتى كانون الاول 2015 ما زال هذا هو الواقع.

من سيوقع على الشيك

عشية اللقاء أبلغ البيت الابيض حاشية الرئيس في فندق «فيلارد» أن أوباما قرر ضم نائبه جو بايدن ومستشارة الامن القومي سوزان رايس، وفهم ريفلين أنه بالنسبة لأوباما فان الحديث ليس فقط عن مراسيم: بل سيكون لقاء عمل كامل. واستمر اللقاء ساعة وعشرين دقيقة، أي أكثر من المخطط له بنصف ساعة. واللقاء الانفرادي بين الاثنين استمر اربعين دقيقة.

ثلاثة امور اساسية تم طرحها في اللقاء. الاول هو المساعدة الأمنية متعددة السنوات لإسرائيل. خلال الصراع على المصادقة على الاتفاق النووي مع إيران تعهد أوباما أمام السناتورات الديمقراطيين أنه سيهتم بعدم الحاق الضرر الامني بإسرائيل نتيجة الاتفاق. كان التعهد جزءا هاما لكبح محاولة الجمهوريين وحكومة إسرائيل افشال الاتفاق. الحديث لا يدور فقط عن تهديدات إيران وأتباعها بل عن صفقات السلاح الضخمة التي تم توقيعها بين الولايات المتحدة والسعودية ومصر ودول الخليج من اجل تعزيزها أمام إيران. التقديرات في إسرائيل تتحدث عن نحو 200 مليار دولار، لا أقل من هذا. وتشمل الصفقات سلاحا متطورا ترفض الادارة الأمريكية منحه لإسرائيل ـ خوفا من استخدام إسرائيل للمعلومات من اجل تطوير اسلحة خاصة بها تنافس الصناعات الأمريكية.

نتنياهو طلب 10 مليارات دولار على أمل الحصول على نصف هذا المبلغ. ويبدو أن الاضافة ستكون متواضعة أكثر بكثير ـ أي نحو مئات ملايين الدولارات. لكن التوجه في الادارة هو وضع كل الاضافات الخاصة برزمة واحدة لتقوم الادارة والكونغرس بمنحها لمشاريع أمنية محددة (القبة الحديدية مثلا). يستطيع نتنياهو الادعاء أنه بفضل الصراع الذي قام به فان المساعدة الأمنية زادت من 3.1 مليار دولار إلى 4 مليارات دولار أو أكثر.

عندما نأخذ في الحسبان حقيقة أن دول النفط العربية تدفع سعرا كاملا لشراء السلاح، يمكن ادخال اموال المساعدة لإسرائيل إلى اطار معقول. يحصل الأمريكيون على الوجبة ويحصل الإسرائيليون على البقشيش.

سوزان رايس هي التي تحدد حجم المساعدة وكمية السلاح وطريقة تحديد الميزانية، وهي مستشارة الامن القومي. وقد تلقت رايس في السنتين الاخيرتين الكثير من الانتقاد من قبل جهات يهودية يمينية في الولايات المتحدة. واضطر ريفلين إلى الاصلاح: في نقاشاته في واشنطن أكثر من مدح مهنيتها والتزامها بأمن إسرائيل.

الادارة تفهم لماذا يزعم الإسرائيليون أن العبء الامني الذي يزعجهم قد تصاعد بسبب الاتفاق مع إيران. لكنها لا تفهم لماذا تسمح إسرائيل لنفسها في هذا الوضع بأن تقلص ميزانية الدفاع وتتوقع من الأمريكيين أن يعوضوها على هذا التقليص. التقليص هو خدعة كما يقول الإسرائيليون للأمريكيين. فما يؤخذ من ميزانية الدفاع يعاد اليها بعد بضعة اشهر. الأمريكيون في حرج: إما أن الحكومة الإسرائيلية تخدع الإسرائيليين وإما أنها تخدعهم.

في نهاية المطاف ستوقع الادارة على الشيك. والسؤال المفتوح هو من الذي سيوقع عليه ـ هل سيرغب أوباما في التوقيع عليه شخصيا ودفع ثمن سياسي معين، أم سيترك الامر للآخرين. هذا القرار سيتم اتخاذه بين رايس وأوباما.

دبوس دولي

الموضوع الثاني الذي تم طرحه هو خطر داعش. حتى هذا الاسبوع، بما في ذلك ظهوره في التلفاز في يوم الاحد، تطرق أوباما إلى داعش كتهديد يمكن التعايش معه. وأخذ ريفلين على عاتقه أن يقول له إن داعش ليس تنظيما هامشيا بل هو ظاهرة تهدد سلامة العالم. فهو قلق بالتحديد من اتساع قوته في سيناء الامر الذي قد يحول إسرائيل إلى هدف. وهناك خطر ايضا على الانظمة في الاردن والسعودية. الخلاصة هي: يجب وضع الانتقادات تجاه حكومة الجنرال المصري السيسي جانبا ومساعدته في الحرب ضد مؤيدي داعش في سيناء.

تحدث أوباما وريفلين بلغة واحدة حول ضرورة الفصل بين الإرهاب والإسلام. الحرب هي ضد المتطرفين، وليس ضد الدين. تحدث ريفلين عن والده لأوباما الذي ترجم القرآن إلى العبرية. وأوباما تفاجأ.

الموضوع الثالث الذي تم طرحه كان تأثيرات الجمود في المفاوضات مع الفلسطينيين. أوباما يعتقد أنه لا توجد الآن فرصة لاستئناف المفاوضات. مبادرة كيري فشلت. ولا توجد مبادرة اخرى في الأفق من الطرف الأمريكي على الأقل.

من زاوية معينة، الفلسطينيون يدفعون ثمن الاتفاق مع إيران. لا ينوي أوباما فتح جبهة جديدة أمام نتنياهو. فقد اكتفى من المعركة السابقة، خصوصا أنه وعد السناتورات الديمقراطيين بفتح صفحة جديدة في العلاقة مع حكومة إسرائيل، وهو لا يخل بوعوده.

لذلك يستطيع نتنياهو أن يهدأ، بل وأن يحتفل.

إلا أن هناك دبوس: في الساحة الدولية إسرائيل معزولة. الفرنسيون والنيوزلنديون الذين كانوا ينوون طرح قرار حول اقامة دولة فلسطينية في حدود 1967 في مجلس الامن في الامم المتحدة، تراجعوا بضغط الولايات المتحدة وبموافقة أبو مازن. السؤال هو ماذا سيحدث إذا تم طرح الاقتراح مجددا. هل ستستخدم الولايات المتحدة الفيتو أم تمتنع أو تصوت مع. لا يوجد في هذه اللحظة تعهد أمريكي باستخدام الفيتو حتى بعد اللقاء مع ريفلين.

إن قرار يصدر عن مجلس الامن سيعطي دفعة إلى الأمام لحركة المقاطعة.

بأيدٍ فارغة

في أيار 2010، أي قبل خمس سنوات ونصف اقتحم مقاتلو الكوماندو البحري سفينة «مرمرة»، وهي سفينة تركية حاولت كسر الحصار على غزة. قُتل تسعة من ركاب السفينة وأصيب عشرين. اردوغان اشعل النار، والعلاقات بين إسرائيل وتركيا تدهورت إلى الحضيض.

في بداية 2013 حينما زار أوباما إسرائيل قام باجبار اردوغان ونتنياهو على اجراء المكالمات الهاتفية بينهما. نتنياهو أبدى الأسف. وبدأت مفاوضات من اجل التعويض حيث أدارها من الطرف الإسرائيلي الدكتور يوسف تشاحنوبر. المفاوضات أشرفت على الانتهاء عدة مرات، لكن نتنياهو كان يتراجع في اللحظة الاخيرة.

تغير وضع تركيا وتورطت في الحرب الاهلية في سوريا. كان الاسد العدو وفي المرحلة القادمة سيكون داعش ايضا العدو، ومؤيدو الاسد، الروس، أصبحوا أعداء ايضا ـ كثير من الأعداء لدولة واحدة بغض النظر عن مدى طموحها. الأمريكيون ضغطوا على الاتراك من اجل محو إسرائيل من قائمة الأعداء. كان الاتراك مستعدين للتوقيع والإسرائيليون ايضا الذين عملوا بناء على توجيهات نتنياهو.

عندها وضع نتنياهو طلبا جديدا: أن تطرد تركيا من اراضيها جميع ممثلي التنظيمات الإرهابية. يجلس في اسطنبول صلاح العاروري الذي كان ممثل حماس في دمشق وطُرد من هناك. مصادر استخبارية في إسرائيل تدعي أنه يحرك من هناك خلايا لحماس في الضفة الغربية.

إن طلب نتنياهو منطقي، لكن المشكلة هي أن العملية تتكرر: إسرائيل تدخل في مفاوضات بأمر ومباركة نتنياهو. وقبل التوقيع بلحظة يقوم بطرح طلب جديد وهو يدرك أن الطرف الآخر لن يوافق عليه. أنا لست على يقين أن نتنياهو سيحب هذه المعادلة، لكن هكذا بالضبط تصرف مع المرحوم ياسر عرفات.

هذا ايضا حدث مع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الذي يسعى بكل قوته من اجل اتفاق السلام الإسرائيلي الفلسطيني. كيري التقى مع أبو مازن في ايلول في مجلس الامم المتحدة في نيويورك. وحثه على تأجيل صراعه مع إسرائيل في المؤسسات الدولية إلى ما بعد زيارة نتنياهو لواشنطن. حيث وعد كيري أن نتنياهو سيأتي مع أفكار.

عندما كان نتنياهو في واشنطن في بداية الشهر الماضي سأله أوباما كيف ينوي استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين. «أحضرت أفكار كثيرة»، أجاب نتنياهو. «سألتقي مع وزير الخارجية كيري وسأفصلها أمامه».

اذا هو قدم التفاصيل. الجنرال اوري مردخاي، منسق العمليات في المناطق، بلور قبل فترة طويلة خطة معقدة لتحسين العلاقات مع الفلسطينيين. وتشمل الخطة تسهيلات في اعطاء تصاريح العمل والحركة، وايضا الحل الوسط بخصوص المناطق ج التي هي تحت السيطرة الإسرائيلية، للبناء الفلسطيني. وقد اقترح نتنياهو على كيري أجزاء من الخطة.

تم استفزاز كيري وأرسل إلى البلاد فرانك لفنشتاين، المبعوث الخاص لوزارة الخارجية، ومن ثم لحق به. عندها قال له نتنياهو إن العمليات اليومية ضد إسرائيل تُصعب اعطاء التسهيلات. ونفتالي بينيت يهدد نتنياهو. فاذا انسحب بينيت فلا توجد حكومة. في هذا الوضع لا يستطيع تنفيذ الخطة إلا اذا.

إلا إذا ماذا؟ سأل كيري

إلا إذا استجاب البيت الابيض لطلبي. قال نتنياهو. فقط طلب واحد.

كان الطلب هو أن يعلن البيت الابيض تأييده للبناء في الكتل الاستيطانية. كيري توجه إلى أوباما الذي كما هو متوقع رد سلبا. يئس أوباما من فرصة استئناف المفاوضات. والاستجابة للطلب ستُسبب لأوباما الاحراج وستعتبر معاكسة لسياسة جميع الادارات الأمريكية منذ 1967.

وصل كيري إلى أبو مازن بأيدٍ فارغة، وكان اللقاء بينهما كارثيا. فبدون التعاون من قبل نتنياهو وأبو مازن، وبدون مظلة من البيت الابيض، لم يكن أمام كيري سوى القاء الخطاب. وفي خطابه في منتدى سبان في يوم السبت حذر إسرائيل من سقوط السلطة الفلسطينية ودفن حل الدولتين. وقد رفض نتنياهو هذه التحذيرات جملة وتفصيلا.

إسرائيل فقدت الاجماع

شبلي تلحمي، بروفيسور في جامعة ميريلاند وباحث رفيع في معهد بروكينغز في واشنطن. يجري منذ سنوات استطلاعات معمقة حول تعاطي الجمهور الأمريكي مع المسائل الشرق اوسطية. وهو يعتبر من أهم الاكاديميين والمستطلعين والمحللين. استطلاعه الاخير في الشهر الماضي، بعد أن تراجع الموضوع النووي الإيراني عن سلم الاولويات وأصبح موضوع داعش مكانه، لكن قبل العملية في سان برنردينو في كاليفورنيا التي حولت داعش إلى تهديد داخلي واضح وملموس.

حينما التقيت معه هذا الاسبوع في واشنطن قال لي إنه يحمل بشائر جيدة وسيئة لرئيس الحكومة الإسرائيلية. سألته ما هو السطر الاخير. «السطر الاخير هو أن نتنياهو ليس قصة جمهورية»، قال، «هو قصة افنغليكية».

الانغليكيون المسيحانيون يؤمنون أن الدولة اليهودية المزدهرة في الحدود التي وعد اليهود بها في الكتب المقدسة، ستُسرع من مجيء المسيح المخلص. ستحدث حرب كبيرة ويصبح اليهود نصارى أو تتم ابادتهم، ويأتي الخلاص. قبل بضع سنوات سافرت إلى نشفيلد، تنيسي، مركز الكنيسة البافتيسية الجنوبية الاكبر بين كنائس الافنغليكية. لم أطلب تغييرا دينيا، بل فقط اجراء مقابلة مع رؤساء الكنيسة. باستثناء التأييد الكبير لإسرائيل سمعت عدة مواقف محافظة، مغلفة بادعاءات مسيحية. معظم الانغليكيين يصوتون بشكل دائم للمرشحين الجمهوريين. تأثير الكنيسة على الحزب الجمهوري كبير جدا. ولا توجد طريقة لتفسير التأييد المتلهف للسياسيين الجمهوريين لإسرائيل ـ هذا التأييد لم يكن في السابق ـ إلا عن طريق تأثير مؤمني الكنيسة. كشف التلحمي أن نتنياهو هو الزعيم الاجنبي الاكثر تأييدا من قبل الأمريكيين. وفي سلم التأييد حظي أوباما بالمكان الاول (16 بالمئة)، رونالد ريغان المتوفي في المكان الثاني (7 بالمئة) ونتنياهو في المكان الثالث (6 بالمئة)، وهو يزيد عن البابا بـ 1 بالمئة.

لكن عند تحليل جمهور المؤيدين بشكل أعمق نكتشف أن الافنغليكيين هم الذين يعطون الدفعة لنتنياهو. 16 بالمئة منهم يؤيدونه وفقط 1 بالمئة من بين مؤيدي الحزب الديمقراطي.

المفتاح هو التقاطب الآخذ في الازدياد في الرأي العام، الامر الذي يؤثر على السياسة الأمريكية. في السابق كان هناك حزبين، يمين ويسار، محافظين وليبراليين، اليوم كل حزب هو عالم بحد ذاته ـ الديمقراطيون في اليسار والجمهوريون في اليمين. لا يوجد بينهما أي توافق. وقد قيل في أحد المواقع في هذا الاسبوع إن الحزبين لا يتفقان حتى على هجاء كلمة حانوكاه باللغة الانجليزية: كل حزب على طريقته كتب الكلمة بشكل مختلف في اعلانات التهنئة بالعيد.

يوجد لـ 51 بالمئة من مؤيدي الحزب الجمهوري موقف ايجابي تجاه نتنياهو. هذا جيد. لكن فقط 18 بالمئة من الديمقراطيين لديهم موقف جيد عنه. وهذا سيء. 52 بالمئة من الجمهوريين راضون عن مستوى تأثير إسرائيل على سياسة الولايات المتحدة. هذا جيد. لدى الديمقراطيين الوضع معكوس، وهذا سيء. قال لي أحد المشاركين في منتدى سبان، وهو يهودي عضو في الحزب الجمهوري، إنه ذات مرة «كانت إسرائيل مسألة فوق الاحزاب. الآن هي تابعة للجمهوريين. لقد فقدت إسرائيل الاجماع».

هو ساحر

الاعلان عن اللقاء المخطط بين رئيس حكومة إسرائيل وبين دونالد ترامب، المرشح المتفوق في الحزب الجمهوري والذي كان يفترض أن يصل إلى إسرائيل، نشر في توقيت سيء، بعد يومين على اقتراح ترامب منع دخول المسلمين إلى الولايات المتحدة. لم يكن لنتنياهو مناص: حتى لو أراد فهو لا يستطيع مقاطعة مرشحين من الحزبين يصلون إلى إسرائيل. لكن مجرد النبأ حول اللقاء قد ورد في العناوين الأمريكية. وهناك وسائل إعلام ذكرت بهذه المناسبة القراء بما قاله نتنياهو حول الناخبين العرب الذين يتدفقون في الحافلات في يوم الانتخابات.

ترامب عبقري في ايجاد العناوين. ميري ريغف تستطيع أن تتعلم منه درسا أو اثنين. ومنذ اشهر يجذب اليه الحوار السياسي. الانتقادات شديدة ضده، لكن الامر لا يلحق الضرر بمستوى التأييد له. ومنذ فترة طويلة والاستطلاعات تمنحه 30 بالمئة، وهذا ضعف ما يحظى به مارك روبيو، المرشح رقم 2. إذا حافظ على هذه الافضلية في الاشهر القادمة فسيتم انتخابه كمرشح الجمهوريين للرئاسة.

أكثر من كونه عنصري، هو ديماغوجي، وهو يكره الاجانب وهو انتهازي. إنه ساحر بالنسبة لملايين الأمريكيين، بالذات من الطبقة المتوسطة ـ الدنيا التي تشعر أن الطريقة قد ألحقت الضرر بهم ويخافون من المهاجرين والاجانب ولا تهمهم النزاهة السياسية. إنهم يعبرون عن خيبة أملهم من خلاله.

الامر سيتطلب وقت، على الاقل شهرين، حتى نعرف إذا كان هجومه على المسلمين لكونهم مسلمين قد ألحق الضرر بفرص انتخابه. كان أول من أيده ديفيد ديوك، وهو سياسي جنوبي كان ينتمي في السابق إلى خط كلوكاس كلان. ايضا الافنغليكيين أيدوه، الذين يكرهون الإسلام لاعتبارات دينية.

حتى اليوم تسبب لثلاث قطاعات سكانية أن تكرهه: النساء، المكسيكيين والمسلمين. يقول المنطق إنه بدون كم من الاصوات في هذه المجموعات الثلاث، لا يمكن أن يصبح رئيسا، لكن المنطق والانتخابات لا يسيران معا ـ خصوصا في الفترة الحالية. في نهاية المطاف سيستيقظ الناخبون كما يأمل المرشحون المنافسون وكما يأمل المحللون والذين يخافون على الديمقراطية. في الوقت الحالي لم يستيقظ الجمهور بعد. أمس قام ترامب بالغاء زيارته إلى إسرائيل. وهكذا أفضل.

يديعوت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى