المنار وحرية الإعلام اللبناني
غالب قنديل
كان الترخيص لقناة المقاومة أحد محاور النضال الإعلامي والسياسي الذي جابهنا به خطط تقاسم التراخيص في نظام المحاصصة الذي حكم البلاد وإعلامها بعد اتفاق الطائف وقد حاول ذلك النظام ان يضع الترخيص للمنار في خانة التدبير المؤقت أسوة بنظرته إلى المقاومة نفسها وهو كان يتطلع إلى التخلص من المقاومة بناء على لائحة الشروط الأميركية الصهيونية وحاول غير مرة بشتى الوسائل وكانت المحاولتان الأشد نفورا في مجزرة جسر المطار ومؤامرة نزع السلاح خلال عدوان تموز 1993 .
أولا لم يكن الحكم السعودي بعيدا عن تلك المحاولات التي استهدفت المقاومة وقناتها ووسائلها الإعلامية الأخرى ووسائل الإعلام المناصرة لها ( جريدة السفير – تلفزيون المشرق وغيرهما ) بل كان ذلك يجري تحت رعايته وبطلب منه وسعى المسؤولون السعوديون لإحكام سيطرتهم على الإعلام اللبناني ما بعد الطائف من خلال إصدار صحيفتيهم الدوليتين بامتيازات لبنانية وعبر شراء حصص وذمم في العديد من الصحف والمؤسسات وحاولوا بتسهيل من مجموعة خدام – كنعان السورية توريط سورية بتغطية ترخيص قنوات سعودية للبث التلفزيوني الأرضي خلافا للقانون كما سعوا إلى وضع قناة المنار تحت الابتزاز من خلال الصيغة المؤقتة للترخيص بقرار حكومي وبشكل مختلف عما عوملت به القنوات الأخرى وخصوصا تلك التي فتحت أبواب الشراكة في رأسمالها لأمراء آل سعود ورضخت للمعايير السياسية السعودية مقابل حصص في سوق الإعلان الأهم عربيا.
ثانيا الذي حرر المنار من الابتزاز كان قرار الرئيس حافظ الأسد وبالذات بعد انتصار نيسان 1996 الذي لعبت قناة المقاومة دورا حاسما في انتزاعه باعتراف الكيان الصهيوني وصاغ الزعيم الأسد يومها معادلة تفاهم نيسان الشهير الذي كرس اعتراف العدو والإمبريالية الأميركية بشرعية المقاومة وأبلغ حينها الدكتور بشارالأسد جميع المعنيين في لبنان ان من المعيب ان تبقى قناة المقاومة وإذاعتها تعملان بترخيص مؤقت ومن يراجع أرشيف مراسيم الترخيص يكتشف الفارق في تواريخ الصدور بين المنار والقنوات الأخرى .
قضية المنار هي قضية حرية الإعلام في لبنان والمنطقة في وجه محاولة التعقيم الفضائية بقرار يهدف أصحابه لتعميم الرسالة الإعلامية الأحادية بأشكال متعددة وحجب أي رسالة مخالفة او حتى متمايزة والمفارقة انهم بينما يحجبون المنار بذريعة واهية وملفقة يقدمون كل التسهيلات لقنوات التكفير والحض على العنف والتطرف والكراهية وفي قلب مؤسسات سعودية تبث قنوات من هذا النوع بينما المنار واقفة بكل ثبات في وجه تلك الأفكار والدعوات ترفع راية مكافحة العنف والكراهية والتطرف كما يقاتل المقاومون ببسالة ضد تلك العصابات في لبنان وسورية.
ثالثا قناة المنار باتت اليوم مجددا محور قضية الدفاع عن حرية الإعلام اللبناني الذي يحمل في طيفه تنوعا سياسيا يرعاه الدستور والقانون ومن يحجبون المنار يسعون لمنع هذا التنوع الذي يناقض التوجه الواحد وتعميم الرسائل الإعلامية المعلبة التي تناسب منظومة الهيمنة الأميركية الصهيونية في المنطقة .
الجوهري في توقيت استهداف المنار هو انتفاضة فلسطين التي تتصدر أخبارهذه القناة وبرامجها والغاية فرض التعتيم على أي معلومات عنها أو أي مواقف متضامنة معها تماما كما كان توقيت حجب التلفزيون العربي السوري مع انطلاق العدوان على سورية لتزوير الوقائع ولبناء بيئة افتراضية تسمي وحوش التكفير ثوارا ولقناتي المنار والميادين واخواتهما فضل مشترك مع الإعلام السوري في فضح تلك اللعبة الخبيثة والمملكة التي تواجه عثراتها الكبيرة في العدوان على اليمن تحاصرها من الداخل كمية المعلومات والمواقف الفاضحة لحقيقة ما يجري في الميدان وحيث تعطل وسائل الإعلام غير المروضة نظام التعتيم التاريخي المضروب حول اخبار المملكة غير الرسمية.
قناة المنار قرينة كفاح المقاومة وانتصاراتها ضد الكيان الصهيوني وضد جماعات الإرهاب والتوحش وهي لذلك مستهدفة على القوس الممتد من واشنطن إلى الرياض مرورا بمركز التخطيط والإدارة في تل أبيب التي عينت مهندس الاتصالات السرية الصهيونية الخليجية السعودية رئيسا لمخابراتها .