مقالات مختارة

«عاصمة الجنوب» تحت الرايات السود علي جاحز

 

وصلت الفوضى الأمنية المستشرية في عدن، منذ خروج الجيش اليمني و«اللجان الشعبية» منها، إلى الذروة في اليومين الماضيين، حيث عاد تنظيم «داعش» إلى واجهة الحدث اليمني بعدما عرض فيديو يظهر عملية إعدام جماعي بحق أسرى لديه، بالتزامن مع تبنّيه اغتيال محافظ عدن اللواء جعفر سعد

صنعاء |بعد أكثر من أربعة أشهر على انسحاب الجيش اليمني و«اللجان الشعبية» من الجنوب، ودخول قوات الغزو الاماراتي ــ السعودي، وصل الوضع الأمني والعسكري والإنساني في عدن خصوصاً، وبقية محافظات الجنوب عموماً، إلى أسوأ حالاته. فبعدما احتفل الجنوبيون بما سمّوه «تحرير عدن»، بدأوا يكتشفون متأخرين أنهم يشهدون على واقع تمكين تنظيمي «الدولة الاسلامية» (داعش) و«القاعدة» على حساب قضيتهم ووجودهم السياسي والعسكري والاجتماعي أيضاً.

وفي عدن التي لا تبعد كثيراً عن أبين، يقيم الرئيس الفار عبد ربه منصور هادي معزولاً تحت حراسة قوات أجنبية إماراتية وسودانية وكولومبية.

ومنذ عودته من الرياض، دخلت محافظات الجنوب نفقاً مظلماً؛ فبعد سيطرة «داعش» على وادي حضرموت عقب عودته بأيام، استولى «القاعدة» على ثلاث مدن في محافظة أبين، فيما شهدت عدن، الواقعة تحت سيطرة «القاعدة» و«داعش» أصلاً، عدداً من عمليات الاغتيال والتصفية، إضافة إلى انتشار كثيف لعناصر «القاعدة» و«داعش» بصورة علنية، رافقته سيطرة على منشآت ومرافق عدة.

وقتل اللواء جعفر محمد سعد، المُعيّن أخيراً من قبل هادي محافظاً لعدن، مع عشرة من مرافقيه، جرّاء انفجار استهدف سيارته، صباح أمس، أثناء مروره بجوار المنطقة العسكرية الرابعة في التواهي في عدن. وقالت مصادر محلية إن سيارة مفخخة اعترضت موكب جعفر عقب خروجه من منزله، أثناء مروره بين منطقتَي جول دمور والفتح، ما أدى إلى احتراقه وهو بداخل سيارته، واحتراق بعض السيارات المارة بجواره. وأكد شهود أن سيارة جعفر شوهدت وهي تسير ما يقارب خمسين متراً وهي تحترق في مقدمتها، عقب انفجار السيارة المفخخة. وفيما كان المحافظ وبعض مرافقيه يحاولون أن يترجّلوا من السيارة للنجاة، انفجرت سيارتهم، ما أدى إلى مقتلهم على الفور. وبحسب الشهود، فإن جثث جعفر ومرافقيه تفحّمت بالكامل وتركت داخل السيارة. وأضاف الشهود أن مكان الحادث ظلّ فارغاً لساعات من وجود أي جهة تحقق أو تتحفّظ على مخلفات السيارة المفخخة، في غياب كلّي للإجراءات الامنية والمسؤولين الأمنيين الذين يفترض أن يهرعوا سريعاً لمعاينة ما حدث.

وقبل أن يستوعب الناس ما حدث، أعلن تنظيم «داعش ــ ولاية عدن» مسؤوليته عن الانفجار، واصفاً المحافظ جعفر سعد بـ«المرتد ورأس الكفر». وقال البيان الذي نشره «داعش» في أحد مواقعه إن سيارة مفخخة جرى تفجيرها أثناء مرور موكب المحافظ جعفر محمد سعد في منطقة غربي مدينة عدن. وتوعّد التنظيم بـ«قطف رؤوس الكفر»، وبأنه سيستمر في تنفيذ عمليات شبيهة. وأضاف قائلاً: «الأيام بيننا، ولن يهنأ لكم العيش ولن تطيب لكم الحياة وفينا عين تطرف».

وكانت الامارات قد ضغطت على هادي، من خلال خالد بحاح الموالي لها، بغرض إقالة محافظ عدن السابق الذي ينتمي إلى حزب «الاصلاح»، وتعيين اللواء جعفر محمد سعد الموالي للإمارات محافظاً لعدن.

وتأتي هذه العملية في ظل سيطرة «القاعدة» و«داعش» على عدن وعدد من محافظات الجنوب، وفي ظلّ انتشار قوات الغزو المتعدد الجنسيات في عدن وسيطرته على أجواء وسواحل المحافظات الجنوبية. وعلى الصعيد نفسه، شهدت عدن التي تعيش انفلاتاً أمنياً غير مسبوق عدداً من حوادث الاغتيال التي نُفّذت قبل اغتيال المحافظ وبعده، أهمها اغتيال رئيس المحكمة الجزائية القاضي محسن علوان وخمسة من مرافقيه، في شارع التسعين في المنصورة، واغتيال ضابط أمني يدعى عنتر الباحشي في مدينة إنماء غرب يعدن. وفي الوقت الذي اقتحم فيه عناصر تابعون لـ«القاعدة»، أمس، مصرف شركة الصيفي للصرافة، أكد شهود عيان أن عناصر مسلحين يرفعون الراية السوداء وعليها شعار تنظيم «داعش» انتشروا بشكل كبير في أكثر من شارع في عدن، مردّدين أناشيده عبر مكبرات الصوت، حتى وصلت منطقة كريتر.

وقبل يومين من حادثة اغتيال اللواء جعفر، كانت أبين قد شهدت عمليات بشعة بحق أسرى تابعين للجيش و«اللجان الشعبية»، ونشر تنظيم «داعش» مقطعاً مصوّراً يظهر إعداماً جماعياً لأسرى قال إنهم يتبعون للجيش اليمني و«اللجان الشعبية».

وأظهر الفيلم الذي حمل عنوان «ثأر الكماة» عناصر من التنظيم يجرون تسعة أشخاص مرتدين ملابس برتقالية اللون ومطأطئي الرؤوس وقد وثقت أيديهم خلف ظهورهم، قبل أن يستلّوا سكاكينهم ويباشروا ذبحهم في وقت واحد. وفي مشهد آخر، أظهر التنظيم خمسة أشخاص وضعهم في أحد الشعاب الجبلية وقصفهم بصاروخ «كاتيوشا»، فيما جرت عملية الإعدام الأخرى بحق ستة أشخاص آخرين تم وضعهم في قارب على أحد الشواطئ وجرى تفجيرهم. أما عملية الاعدام الأخيرة فكانت بحق 4 أشخاص وضع التنظيم في رقابهم قذائف قبل أن يفجّرها.

حركة «أنصار الله» ندّدت بالعمليات الارهابية، ورأت أن ذلك «يدل على أن داعش أداة من أدوات العدوان السعودي الذي يدمر اليمن ويقتل أبناءه ويستقدم عناصر القاعدة وداعش من أكثر من دولة، في ظل صمت العالم وتواطؤ العديد من الدول».

إلى ذلك، أدانت كل من الرياض وأبو ظبي ورئيس الحكومة المستقيلة خالد بحاح اغتيال محافظ عدن. ودعا بحاح إلى «العمل بروح الفريق الواحد، سلطة ومقاومة وجميع أبناء هذا الوطن».

(الأخبار)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى